تعز تشتعل عطشًا... احتجاجات غاضبة وقمع عسكري ضد متظاهرين ينددون بأزمة المياه

السياسية - منذ 4 ساعات و 52 دقيقة
تعز، نيوزيمن:

تجددت الاحتجاجات الشعبية في مدينة تعز صباح اليوم الخميس، في ظل استمرار أزمة المياه الخانقة التي تضرب المدينة منذ أشهر، وسط اتهامات بتقاعس السلطات عن معالجة جذور المشكلة، وتصاعد الغضب الشعبي بعد قمع أمني عنيف استهدف المحتجين.

وشهد شارع جمال، الشريان الحيوي وسط المدينة، موجة غضب شعبي، حيث أقدم عشرات المواطنين على إشعال الإطارات وقطع الطرقات تنديدًا بانقطاع المياه وارتفاع أسعارها، ورددوا هتافات تطالب بتدخل عاجل وفعال من السلطة المحلية، ووقف ما وصفوه بـ"التلاعب المنظم باحتياجات الناس الأساسية".

وتعرض المحتجون لقمع عنيف من قبل قوات عسكرية تابعة لمحور تعز العسكري، الموالي لتنظيم الإخوان، بحسب شهود عيان ومقاطع موثقة تداولها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأظهرت تسجيلات مصوّرة قيام جنود ملثمين بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء، ومهاجمة عدد من المتظاهرين السلميين، والاعتداء بالضرب على عدد من الشباب المشاركين في الاحتجاجات. وقال شهود عيان إن القوات اقتحمت الشوارع المغلقة بالقوة واعتدت على متجمهرين، ما أثار حالة من الهلع بين السكان.

واعتبر نشطاء أن هذا القمع يشكل انتهاكًا واضحًا لحقوق المواطنين في التعبير السلمي، ويعكس خوف بعض الجهات المسيطرة من تصاعد النقمة الشعبية ضد الفساد والإهمال الذي طال ملف الخدمات، وفي مقدمتها أزمة المياه.

قال عدد من المحتجين إن كل المبادرات التي أطلقتها السلطة المحلية فشلت في إنهاء الأزمة أو حتى التخفيف من آثارها، وأشاروا إلى أن المياه التي يتم توزيعها لا تصل إلا إلى أحياء معينة، فيما تُترك بقية المناطق لمصيرها.

وأكد المواطنون أن صهريج المياه سعة 6000 لتر وصل سعره إلى 150 ألف ريال، أي ثلاثة أضعاف سعره المعتاد، وهو ما يفوق قدرة الأسر الفقيرة على تحمّله، وسط غياب رقابة حقيقية على الأسواق والمضخات الخاصة.

اتهم المحتجون أطرافًا نافذة محسوبة على الإخوان بالوقوف وراء استنزاف آبار المياه الجوفية، وبيعها في السوق السوداء بأضعاف سعرها، في حين تكتفي الأجهزة الأمنية بـ"حملات شكلية" تستهدف البقالات ومحطات بيع المياه الصحية، دون أن تجرؤ على الاقتراب من المتنفذين المتورطين الحقيقيين في الأزمة.

وقال أحد المحتجين: "الوضع يزداد سوءًا كل يوم، ونحن ننتظر أن تترجم التصريحات الأمنية إلى أفعال حقيقية، لا أن تُستخدم القوات فقط لقمع المواطن العطشان".

وفي ظل تردي الوضع الإنساني، رصد ناشطون حالات نزوح فردية لعائلات من مدينة تعز إلى الأرياف أو محافظات أخرى، هربًا من العطش والمعاناة اليومية. وتم تداول صورة لعائلة تُحمّل محتويات منزلها على متن شاحنة، قبل مغادرتها المدينة نحو إحدى المناطق الشمالية، ما أثار مخاوف من بداية موجة نزوح جماعي سببها الانهيار البيئي وتراجع الخدمات.

ودعت منظمات محلية ونشطاء حقوقيون إلى تدخل عاجل من الحكومة المركزية والمنظمات الدولية لإنقاذ تعز من كارثة بيئية وإنسانية، مطالبين بمحاسبة المتورطين في استنزاف موارد المياه وقمع المحتجين، وفتح تحقيق شفاف في تجاوزات القوات الأمنية.

وخلال الفترة الماضية تفاقمت أزمة المياه التي تضرب المناطق المحررة، ما اضطر العديد من المواطنين إلى شراء المياه بأسعار مرتفعة من الصهاريج الخاصة، في ظل غياب أي خطة حكومية واضحة للتخفيف من المعاناة.

ويعتمد آلاف السكان على شبكات مياه قديمة متهالكة، في حين تتوقف مصادر التزويد بالمياه في كثير من الأحيان نتيجة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية جراء الحرب، أو بسبب الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي.

ولوّح المحتجون بمواصلة التصعيد الشعبي في حال استمرار التجاهل الحكومي، داعين منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام إلى تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية التي تهدد سكان المدينة جراء الحرمان من أبسط مقومات الحياة.