تقرير أممي: خطوات المركزي تدفع لتعافي الريال وسط تحديات قائمة
السياسية - Monday 01 September 2025 الساعة 09:29 pm
كشف تقرير اقتصادي حديث لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي اليمني في عدن ساعدت مؤقتًا في تعزيز قيمة الريال اليمني وخفض أسعار المواد الغذائية، لكنه أكد أن هذه المكاسب تظل هشة وغير مستدامة في ظل استمرار التحديات الاقتصادية العميقة التي تواجه البلاد.
ووفق التقرير الصادر في نشرة السوق والتجارة لشهر أغسطس 2025، فإن الريال اليمني سجل ارتفاعًا ملحوظًا عقب الإجراءات المصرفية الجديدة، حيث استعاد نحو 75% من قيمته ليتداول عند حدود 1600 ريال للدولار بعد أن تجاوز عتبة 2900 ريال في يوليو الماضي. وفي السوق الحالية، يتراوح سعر الدولار في عدن ومناطق سيطرة الحكومة بين 1250 و1440 ريالًا، بينما بقي السعر في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين عند حدود 530 ريالًا.
وأشار التقرير إلى أن البنك المركزي في عدن أنشأ خلال يوليو الماضي "اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات" بهدف ضبط حركة الاستيراد والحد من المضاربات. وقد ألزم البنك التجار بتقديم طلبات الاستيراد عبر البنوك وشركات الصرافة المرخصة، كما قيد تمويل استيراد 25 سلعة أساسية من بينها القمح والأرز والزيوت النباتية والسكر ومنتجات الألبان والأدوية. كما ألغى أكثر من 70 ترخيصًا لمكاتب صرافة غير قانونية، وأغلق عددًا آخر منها، وهو ما ساهم في كبح جماح السوق السوداء جزئيًا.
لكن تقرير "الفاو" حذر من أن هذه المكاسب قد لا تدوم ما لم تُنفّذ إصلاحات اقتصادية شاملة تتضمن استئناف تصدير النفط والغاز، والحصول على حزمة دعم خارجي كبرى تعالج العجز التجاري وتعزز احتياطيات النقد الأجنبي. وأشار إلى أن استمرار حصار الحوثيين لصادرات النفط يشكل عقبة رئيسية أمام استعادة موارد مستدامة من العملات الأجنبية. كما لفت إلى أن الاعتماد المتزايد على القطاع الخاص ومنافذ الصرافة يجعل البلاد عرضة لتقلبات الأسواق السوداء وضغوط التضخم.
التقرير الأممي أوضح أن توقعات الأمن الغذائي في اليمن تبقى "قاتمة" حتى فبراير 2026، حيث يتوقع أن يظل أكثر من 18 مليون شخص – أي ما يقارب نصف السكان – يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وتتفاقم الأزمة مع محدودية القدرة الشرائية للأسر، واستمرار انهيار الأجور في مناطق سيطرة الحوثيين، وضعف التوقعات الزراعية لموسم 2025، إضافة إلى تأثيرات السيول والفيضانات والجفاف المتقطع.
وأبرز التقرير أن الضعف المؤسسي، وانعدام الشفافية، والتشرذم التنظيمي، كلها عوامل تقوض فاعلية الإجراءات الحكومية، فيما يزيد تعليق المساعدات الإنسانية وتراجع الواردات من المخاطر على معيشة ملايين اليمنيين.
كما شدد على أهمية مراقبة مستجدات عدة ملفات أساسية مثل أسعار الغذاء، وتغير اللوائح الحكومية، وعمل الموانئ، وظروف المناخ، وتصاعد الصراع، إضافة إلى تداعيات الأزمة الإقليمية وتصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
خلص تقرير "الفاو" إلى أن تحسن الريال اليمني الأخير يعكس نجاحًا أوليًا للبنك المركزي في عدن بالحد من تدهور العملة، لكنه نجاح "مؤقت"، مرهون بقدرة الحكومة على تأمين موارد مستدامة من النقد الأجنبي وتوسيع دائرة الإصلاحات الاقتصادية بدعم من المجتمع الدولي.