منارة جامع الشاذلي تعود شامخة.. معلم ديني وتاريخي يستعيد مجده في المخا
المخا تهامة - منذ 3 ساعات و 40 دقيقة
توشك أعمال الترميم في منارة جامع الشاذلي بمدينة المخا الساحلية بمحافظة تعز على الانتهاء، في مشروع يهدف إلى إعادة الحياة لواحد من أبرز المعالم التاريخية والدينية التي ارتبطت بالمدينة منذ قرون. ويجري تنفيذ المشروع بدعم من عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح، وبإشراف مباشر من مكتب الأوقاف والإرشاد بالمخا ومكتب الهيئة العامة للآثار.
وأكد مكتب الأوقاف والإرشاد بالمخا أن عملية الترميم تسير وفق معايير فنية دقيقة، تحافظ على الطابع المعماري الأصيل للمنارة، بما يضمن استعادة قيمتها التاريخية والروحية، مشيراً إلى أن العمل أوشك على بلوغ مراحله النهائية. وثمّن المكتب الدعم الذي قدمه العميد طارق صالح، سواء في هذا المشروع أو في غيره من المجالات الخدمية والتنموية، مؤكداً أن إسهاماته أسهمت في ضمان استمرارية أعمال الترميم حتى الوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة.
ومنارة جامع الشاذلي ليست مجرد بناء معماري قديم، بل تمثل رمزاً دينياً وثقافياً ارتبط باسم العارف بالله الإمام أبي الحسن الشاذلي، الذي يُعد من أبرز أعلام التصوف الإسلامي في القرن السابع الهجري. وقد ارتبطت المخا تاريخياً بالحركة الصوفية وبالنشاط العلمي والدعوي، حيث احتضنت أجيالاً من العلماء والفقهاء الذين كان لهم أثر واسع في اليمن وخارجه.
كما ارتبطت المنارة بالمدينة التي عُرفت منذ القرن السادس عشر بأنها مركز عالمي لتجارة البن اليمني، حيث كان ميناء المخا آنذاك محطة رئيسية للتجار والرحالة القادمين من مختلف أنحاء العالم. وكان جامع الشاذلي ومنارته بمثابة معلم بارز يزين المدينة الساحلية ويعكس هويتها الروحية والمعمارية.
ويولي القائمون على المشروع اهتماماً خاصاً بالحفاظ على الهوية المعمارية للمنارة، إذ جرى استخدام المواد التقليدية والأساليب الحرفية التي تراعي الطابع التاريخي للمبنى. ويؤكد مختصون في الآثار أن هذا الترميم لا يقتصر على إنقاذ مبنى قديم من التصدع والانهيار، بل يمثل استعادة لذاكرة مدينة لطالما لعبت دوراً بارزاً في التاريخ اليمني والإسلامي.
ويُنظر إلى إعادة ترميم منارة جامع الشاذلي باعتبارها رسالة حضارية تعكس إصرار أبناء المخا على صون إرثهم الثقافي والديني، في ظل ظروف الحرب والتحديات التي تشهدها البلاد. كما يعد المشروع خطوة مهمة نحو تعزيز السياحة الدينية والتاريخية في المدينة، وفتح آفاق جديدة أمام مشاريع مشابهة تهدف إلى صيانة المعالم الأثرية الأخرى في المخا ومحافظة تعز عموماً.
وباقتراب انتهاء أعمال الترميم، تعود منارة جامع الشاذلي لتقف شامخة كما كانت عبر القرون الماضية، شاهدة على عظمة التاريخ اليمني وروحانيته، ومؤكدة أن المخا لم تكن يوماً مجرد مدينة ساحلية، بل منارة للعلم والتجارة والتاريخ والروحانية.
وأكد شهاب هزاع، نائب مدير عام مكتب أوقاف محافظة تعز ومدير مكتب الأوقاف بالمخا – الساحل الغربي، أن منارة جامع الشاذلي تستعيد اليوم مجدها بعد أن مرت بمراحل عصيبة، حيث تأثرت بفعل العوامل المناخية على مدى سنوات طويلة، وتعرضت في فترات الحرب لقذائف مباشرة كادت تحولها إلى أثر بعد عين. وأشار هزاع إلى أن عملية الترميم راعت شروطاً فنية دقيقة واستخدام مواد خاصة تحافظ على الطابع الأصيل للمنارة، مع الحرص على إعادة الزخارف والنقوش والتقسيمات القديمة التي تحمل دلالات تاريخية وحضارية فريدة.
وأضاف أن المنارة تكشف في زخارفها ونقوشها تاريخاً ناصعاً يعكس أصالة مدينة المخا العريقة ومحطاتها المختلفة، مؤكداً أن المكتب يحرص على استكمال مشروع الترميم بشكل متكامل للجامع ومنارته معاً، ليعود معلماً بارزاً يشد أنظار الزوار والمهتمين بالآثار. وختم بالقول: "منارة جامع الشاذلي أينما يممت وجهك في المخا تراها شامخة، تستقبلك كأنها تقول: أهلاً وسهلاً بك في مدينة الحضارة والتاريخ العريق".