شبوة تحتفي بالمعرفة.. انطلاق معرض الكتاب السادس بمشاركة عربية واسعة

الجنوب - منذ ساعتان و 24 دقيقة
شبوة، نيوزيمن، خاص:

في مشهد يعكس تنامي الحراك الثقافي في محافظة شبوة وتطلع أبنائها إلى توسيع آفاق المعرفة، افتُتح السبت معرض شبوة السادس للكتاب 2025 في مدينة عتق، بمشاركة غير مسبوقة لدور النشر العربية. ويأتي المعرض هذا العام ليؤكد مكانة شبوة كوجهة ثقافية تتجاوز حدود الجغرافيا المحلية، بعد أن تحوّل إلى محطة سنوية يقصدها عشاق القراءة والباحثون عن الإصدارات الجديدة.

وقصّ محافظ شبوة، عوض محمد بن الوزير، شريط الافتتاح بحضور الأمين العام للمجلس المحلي عبدربه هشله ناصر وعدد من القيادات الثقافية والأكاديمية. وطاف الحضور بأجنحة المعرض، حيث توزعت الإصدارات وفق تصنيفات نوعية شملت الأدب، والعلوم الإنسانية، والدراسات الأكاديمية، وأدبيات الطفل.

وقال المحافظ بن الوزير خلال الافتتاح: "اليوم نعيش لحظة ثقافية فارقة في تاريخ محافظة شبوة، إذ نفتتح أول معرض للكتاب بهذا الحجم والمستوى من التنظيم والمشاركة. لقد سرني كثيرًا ما رأيته من تنوع في العناوين، وجودة في الإصدارات، وتنظيم احترافي يليق بشبوة وأبنائها. هذه الفعالية الثقافية تؤكد أن المحافظة ليست فقط موطنًا للتنمية والبناء، بل أيضًا منبرًا للمعرفة والإبداع" .

وأضاف : أدعو أبناءنا من الشباب إلى إعادة اكتشاف سحر القراءة، وأن يكون الكتاب صديقهم الأول، لا سيما في زمن تهيمن فيه وسائل التواصل الاجتماعي على العقول. لا نهضة حقيقية من دون قراءة، ولا مجتمع مزدهر من دون فكر. وإننا في قيادة المحافظة سنظل داعمين لكل نشاط معرفي وثقافي يرفع من وعي الإنسان الشبواني، ويؤهله ليكون فاعلًا في مجتمعه وأمته شاكرا كل اللجان العاملة و الرجال المجهولين .

وأشار محافظ شبوة في كلمته الافتتاحية إلى أن هذا الحدث الثقافي "يترجم حرص قيادة المحافظة على الاستثمار في الإنسان، وإتاحة المعرفة كحق أساسي لكل مواطن"، متعهداً بمواصلة دعم الفعاليات التي ترسّخ القيم الحضارية وتنهض بوعي المجتمع.

وأوضح مدير عام فرع الهيئة العامة للكتاب في المحافظة، خالد سالم فرج، أن المعرض يشهد هذا العام توسعاً غير مسبوق، إذ ارتفع عدد دور النشر المشاركة من 24 في العام الماضي إلى 46 دار نشر ومكتبة منها 6 دور يمنية و40 دار نشر عربية من مصر، والسعودية، والأردن، والكويت، ولبنان، والإمارات. ويعرض المعرض ما يزيد على 40 ألف عنوان ونحو 180 ألف كتاب، مع برامج ثقافية مرافقة تستمر على مدى ستة أيام متواصلة.

وقال: هذا الحدث الثقافي النوعي هو ثمرة جهود جماعية بذلناها لأشهر طويلة، وها نحن اليوم نقطف أولى ثمارها بمعرض يليق بتاريخ شبوة ومكانتها العلمية. وهذا يعكس مكانة شبوة المتصاعدة على خارطة الثقافة اليمنية والعربية، ونتمنى أن يكون هذا المعرض باكورة لمعارض سنوية قادمة على مستوى أوسع .

لا يقتصر المعرض على بيع الكتب فحسب، بل يشكّل – بحسب القائمين عليه – منصة للحوار الفكري من خلال ندوات وورش عمل ولقاءات مع مؤلفين وناشرين، إضافة إلى جلسات توقيع كتب وفعاليات للأطفال تهدف إلى غرس حب القراءة منذ الصغر.

وأشاد الأكاديمي الدكتور صالح الحمصي بالقفزة النوعية التي شهدها تنظيم معرض شبوة السادس للكتاب، واصفاً افتتاحه المنتظم بأنه تظاهرة ثقافية وفكرية تتجاوز النخب المثقفة لتلامس المجتمع بأسره. وأوضح الحمصي أن القراءة تمثل “المصدر الغذائي للذاكرة واكتساب المهارات اللغوية والفكرية ومهارات التواصل والثقة بالنفس والنجاح في الحياة الخاصة والعامة”.

وأضاف في منشور على صفحته في فيسبوك أنه كان حاضراً لحفل الافتتاح، حيث لفت انتباهه تنوع الإصدارات المحلية والعربية والعالمية، خصوصاً الكتب التي ألفها أبناء محافظة شبوة. وأكد أن “بالقراءة شبوة تتغير، فهي تزخر بتاريخ حضاري وموروث شعبي منذ القدم، وعلى الأجيال اللاحقة مواصلة المشوار”.

وأشار الحمصي إلى أن المعرفة والقراءة هما الطريق نحو “الاستقرار والتنمية التي حُرمت منها المحافظة لسنوات”، معتبراً أن “العلم والوعي يشكلان السلاح الفتاك في المرحلة المقبلة، لأنهما أساس كل تغيير وتطور في مختلف مناحي الحياة”.

أما نسائم باحميش طالبة جامعية قالت أن هذه التظاهرة الثقافية تؤكد أن شبوة باتت اليوم "مركز إشعاع فكري"، مضيفاً: "المعرض يتيح للجمهور فرصة نادرة للتواصل والحصول على أمهات الكتب والمراجع العلمية القيمة في تخصصات مختلفة. حيث يمنح الشباب فضاءً خصباً لاكتشاف اهتمامات جديدة بعيداً عن ضغوط الواقع اليومي."

اعتبر عدد من الأدباء والكتاب من أبناء شبوة الحاضرين في افتتاح المعرض أن وجود هذا الكم الهائل من الكتب والمراجع "يعيد الثقة بدور الكتاب الورقي في زمن تغلب فيه الوسائط الرقمية"، مؤكداً أن الإقبال الكبير من الزوار منذ الساعات الأولى دليل على تعطش المجتمع للمعرفة.

ومن المتوقع أن يشهد المعرض خلال أيامه القادمة توافد آلاف الزوار من مختلف المديريات والمحافظات المجاورة، وسط آمال بأن يسهم هذا الحراك الثقافي في تعزيز مكانة شبوة كحاضنة للكتاب والفكر، ورسالة تؤكد أن الثقافة تبقى ركيزة أساسية لبناء المجتمعات واستشراف مستقبل أكثر إشراقًا.