الحوثي يضيق الخناق على سائقي الباصات في صنعاء بقرار "الفردي والزوجي"
السياسية - منذ ساعتان و 13 دقيقة
تشهد شوارع صنعاء تطورًا جديدًا في سياسات ميليشيا الحوثي التي تطال مباشرة مصدر رزق آلاف الأسر؛ فقد أقدمت سلطات الجماعة على إصدار ما أسموه خطة لإعادة تنظيم عمل باصات الأجرة عبر إجراءات وقيود صارمة تمس لقمة عيش السائقين ويُضاعف من معاناة المواطنين الذين يئنّون تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والغلاء المستشريين.
الخطة الحوثية جرى الإعلان عنها بعد اجتماع للجنة المكلفة بتنظيم عمل باصات الأجرة في فرز وخطوط السير بصنعاء، بحضور القيادي المعين مديرًا عامًا لشرطة المرور، بكيل البراشي. وتحججت إدارة مرور صنعاء أن سبب إقرار الخطة هو عدد الباصات العاملة الذي يَقرُب من 30 ألف باص تعمل على مدار الساعة وأن "العشوائية" في عملها تسبّب ازدحامًا وإشكالات بين السائقين. وخلص الاجتماع إلى اعتماد نظام "الفردي والزوجي" (الأرقام الفردية تعمل يومًا والزوجية تعمل اليوم التالي) كآلية لضمان انسيابية السير وتقليل الازدحام.
لكن حُجج السلطات الحوثية قوبلت بالتشكيك حيث علق الكثيرون على القرار بالقول: "أن التنظيم مجرد ذريعة لضبط موارد وحركة الناس، بينما يخشى السائقون أن يتحول القرار إلى وسيلة جديدة لابتزازهم وتجريدهم من فرص العمل ليوم كامل، ما يعني خسارة يومية مباشرة لدخل الأسرة".
وأثار الإعلان موجة اعتراض واسعة بين السائقين وشرائح شعبية كثيرة اعتمدت على مداخيل النقل اليومي. الناشط الاجتماعي عبدالله الفقية عبّر عن معاناة السائقين بحزن وبلاغة، قائلاً إن "أصحاب الباصات بالكاد يدخلون مصروفًا لأولادهم وأهل بيتهم"،
وأضاف بصوت مكلوم: "سواء كان الباص أجرة أو خصوصي أو غير مرقّم، كل واحد منهم وراءه بيت وعيال ومسؤولية. والكل يعرف هذا الشيء، وفوق هذا تريدون أن يعملوا يومًا ويُقيموا يومًا؟! وضع الناس هذه الأيام ماساوي ويجب مراعاة ظروفهم وعدم خنقهم بقرارات تثقل كاهلهم".
بينما وصف أبو همدان الضلاعي ما يجري بأنه "فكرة جديدة لنهب أصحاب الباصات"؛ وبلغة حادة ومباشرة قال إن مالك القرار "يدخل الباصات المخالفة الحجز" ويضيف الدّخل الضائع للماليات الحكومية أو الحزبية: "مجرد فكرة جديدة لنهب السائق الذي مضطر للخروج ليعيل أسرته. بالتأكيد سيخرجون باصات مخالفة في اليوم الممنوع، وحينها تدخلهم المرور إلى الحجز- فهنا يبدأ الابتزاز. لو كنتم تهتمون فعلاً بتنظيم السير والتهديد الخارجي لكان أفضل لكم من زيادة البؤس والفراغ".
أما صادق محمد راجح فنوّه إلى بُعد وطني وإنساني في نقده للقرار، مجدياً نصيحة عملية للسلطات، وقال: "نصيحة مني كمواطن صالح يحب وطنه وأمنه واستقراره: هذا قرار خاطئ، أرجو إعادة النظر فيه لأنه سيسبب مشاكل للدولة نفسها من المواطن. دعوا الناس تعمل، بدل الجلوس والضياع.
وقال: "إن أردتم التنظيم فنوِّعوا الوسائل: نظموا الفرز والخطوط بحيث لا يخرج الباص إلا في خطّه، ومنعوا الوقوف خارج الأماكن المخصصة، وضعوا دوريات مرور فعالة توجه الركاب والمواطنين إلى المواقف. اهتموا بالمواطن حتى لا يموت جوعًا ولا يدخل في ضياع ومشاكل".
المتضررون من تنظيم "الفردي والزوجي" هم في الأساس من يعتمدون على عمل يومي بسيط لا يملك مدخرات تكفيه يومًا طارئًا، فيما ربط محللون اجتماعيون بين القرار وغياب استراتيجية شاملة لدعم القطاع غير الرسمي: فرض قيود على العمل دون إجراءات تكميلية (تعويضات، بدائل تشغيلية، استثناءات للخطوط الحيوية) يعني عملاً ناقصًا لآلاف الأشخاص يزيد من معدلات الفقر ويؤدي إلى تفاقم الانحراف والجريمة كما حذر راجح.
من الناحية القانونية، يقول خبراء إن تنظيم النقل الداخلي حقٌّ مشروع للدولة، لكن تطبيقه يجب أن يمرّ عبر دراسات أثر اجتماعي واقتصادي، وفتح حوار حقيقي مع ممثلي السائقين وأصحاب المركبات، وإجراءات مرحلية تراعي هشاشة الوضع المعيشي، وليس عبر اجتماعات مغلقة يتم فيها إصدار القرارات وفرضها بالقوة.