الحوثيون يعسكرون التعليم ويحوّلونه إلى مفرخة مقاتلين
السياسية - منذ ساعتان و 13 دقيقة
تواصل ميليشيا الحوثي الإيرانية سياستها الممنهجة في استغلال المؤسسات التعليمية لتحويلها إلى منصات للتجنيد والتعبئة، بدلاً من أن تكون منابر للعلم والمعرفة، في مشهد يعكس حجم الانحراف الذي تمارسه ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران بحق المجتمع اليمني.
ومن الجامعات إلى المدارس والمعاهد، تحوّلت القاعات والساحات إلى ميادين لاستعراضات عسكرية وتدريبات قتالية تستهدف الطلبة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها "أخطر عملية لتطييف التعليم وتلغيم مستقبل الأجيال".
خلال الفترة الأخيرة، تداول ناشطون مقاطع فيديو تُظهر طلابًا بجامعة ذمار وعدد من المعاهد الفنية وهم ينفذون تدريبات قتالية ميدانية تحت إشراف مدربين حوثيين، ضمن ما تُسميه الميليشيا بـ"قوات التعبئة العامة". ويظهر عشرات الشبان في ساحات الجامعات بزي عسكري، يؤدون حركات قتالية وتدريبات على استخدام السلاح، في مشهد يثير صدمة المجتمع التربوي.
ولم تكتف الجماعة بتحويل ساحات الجامعات إلى ثكنات، بل نظّمت مسيرات راجلة لخريجي دورات عسكرية أطلقت عليها "طوفان الأقصى"، شملت تدريبات على الرماية والأسلحة الخفيفة، وسط تهديدات صريحة بحرمان الطلاب والأكاديميين الرافضين للمشاركة من حقوقهم الدراسية أو الوظيفية.
وتقارير محلية أكدت أن الحوثيين حوّلوا ما لا يقل عن 23 جامعة حكومية وخاصة، و7 معاهد فنية، إلى مراكز للتدريب العسكري خلال الفترة من أكتوبر 2024 حتى يناير 2025، مانحين المشاركين درجات إضافية تصل إلى 20 درجة، في خطوة تضرب نزاهة العملية التعليمية وتفتح الباب واسعاً أمام الفساد الأكاديمي.
هذه الممارسات أثارت إدانات واسعة من منظمات حقوقية محلية ودولية، شددت على ضرورة تحييد المؤسسات التعليمية عن الصراع المسلح ووقف سياسات "التجنيد القسري وتسييس التعليم"، معتبرة أن الحوثيين يستخدمون الطلاب كوقود لمعارك عبثية على حساب مستقبل اليمن.
ويرى مراقبون أن هذه الأنشطة ليست مجرد اجتهادات ميدانية، بل جزء من مشروع أوسع لتأطير المجتمع على النهج الإيراني، إذ أعلن زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في خطابات متكررة أن هدفه تدريب أكثر من مليون شخص بين موظف وطالب، فيما أُنشئت لجنة مركزية للتعبئة والتحشيد تتفرع عنها لجان في المحافظات والوزارات، لتأمين التدفقات المالية والبشرية اللازمة.
المستوى الأول (التلقين الأيديولوجي): عبر مراكز صيفية وبرامج ثقافية ومناهج طائفية، تُغرس أفكار الجماعة في عقول الأطفال والشباب، لتهيئتهم نفسياً وعقائدياً. فيما المستوى الثاني (التدريب العسكري): ويشمل دورات نظرية وعملية على استخدام الأسلحة، وصولاً إلى تكوين ألوية وكتائب مقاتلة يتم توزيعها على المحافظات والمربعات القتالية.
خبراء في الشأن التعليمي حذروا من أن عسكرة المدارس والجامعات تُنذر بكارثة مجتمعية، حيث يُعاد تشكيل وعي الأجيال على ثقافة العنف والتعبئة الطائفية، بدلاً من قيم التعليم والبحث العلمي. ويخشى المراقبون أن تتحول هذه السياسات إلى أداة لتفريغ العملية التعليمية من مضمونها وتحويلها إلى "مفرخة مقاتلين"، في ظل استمرار الصمت الدولي وعدم اتخاذ خطوات عملية لحماية الطلاب والمؤسسات الأكاديمية.