بقاء القواعد العسكرية وتسليم الأسد على طاولة اجتماع الشرع وبوتين
العالم - منذ 3 ساعات و 15 دقيقة
وصل الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع اليوم إلى موسكو في أول زيارة رسمية له منذ توليه السلطة، في خطوة تُعدّ مفصلية في إعادة صياغة العلاقات السورية-الروسية بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
وفي الاجتماعات التي جرت بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تم تناول عدد من الملفات الاستراتيجية والعسكرية والاقتصادية، وسط تأكيد متبادل على أن العلاقات بين البلدين ستُعاد تعريفها على قاعدة "الاستمرارية مع التغيير".
وجاء في تصريحات الشرع أنه "ملتزم بجميع الاتفاقيات السابقة مع موسكو" وإن دمشق تنطلق من علاقات تاريخية ومصالح مشتركة تربطها بروسيا. من جهته، قال بوتين أمام الصحافة إن العلاقات الروسية-السورية "ليست مرتبطة بالوضع السياسي في سوريا"، إنما تستند إلى مصالح متبادلة وثوابت استراتيجية.
من أبرز الملفات التي زُرعت على طاولة الحوار مصير وجود روسيا العسكري في سوريا، وتحديدًا القاعدتان الجويتان في حميميم وطرطوس. من المتوقع أن يتم الاتفاق على تجديد احتفاظ موسكو بهاتين المنشأتين، لما لهما من دور في توزيع المساعدات الروسية إلى الدول الأفريقية وكذلك لتثبيت النفوذ الروسي في شرق البحر المتوسط.
كما من المقرر توقيع عقود تسليح للجيش السوري، مع تركيز خاص على تعزيز قدراته في الدفاع الجوي، في خطوة يدعمها الطموح الروسي لبناء دور أكبر لسوريا ضمن المنظومة الأمنية الإقليمية.
في ملف إعادة الإعمار، ستُمنح الشركات الروسية دورًا فعالاً في استعادة البنى التحتية التي دُمرت خلال سنوات الحرب، بما في ذلك محطات الطاقة والطرق والمطارات. ومن الجانب السياسي، ستدعم موسكو الشرع في جهوده لاستعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية ورفع العقوبات المفروضة على دمشق، خصوصًا على مستوى مجلس الأمن الدولي.
وقالت وكالات روسية إن موسكو ودمشق تناقشان "إعادة تنظيم المنشآت العسكرية الروسية في سوريا"، وهو ما أشار إليه الكرملين كما أكدته المتحدثة ماريا زاخاروفا، موضحة أن الأمر يتم "خلف أبواب مغلقة" كونه ملفًا حساسًا.
في الجانب الاقتصادي، أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك أن موسكو جاهزة للمشاركة في مشاريع نفطية في سوريا، والمساهمة في استعادة البنية التحتية للطاقة والسكك الحديدية وغيرها من المشروعات المدمرة. وأوضح أن الشركات الروسية عملت في حقول النفط السورية سابقًا، وهناك مجالات تحتاج إلى تطوير أو إعادة تأهيل.
لم تغفل الدبلوماسية السورية عن أحد أكثر الملفات إثارة للجدل: طلب تسليم الرئيس السابق بشار الأسد الذي يعيش في روسيا بموجب لجوء سياسي منذ خروجه من البلاد. وأكدت مصادر سورية أن الشرع سيفتح خلال المباحثات هذا الملف رسميًا بصفته أولوية في استحقاقات العدالة الوطنية، رغم أن موسكو قد تبدي تحفظًا شديدًا على تسليمه.
كما من المتوقع أن يطالب الشرع دعمًا روسيًا في مواجهة الضغوط الإسرائيلية، خصوصًا في جنوب سوريا، ورفض تحويل أي مناطق إلى مناطق منزوعة السلاح أو خضوعها لآليات دولية.
وقد عبر الشرع في كلمته عن أن "سوريا الجديدة" تسعى إلى إعادة بناء علاقاتها الدولية على أسس الاستقلال والسيادة، مع الحفاظ على الروابط التاريخية مع روسيا التي تعوّل عليها في مرحلة إعادة التأهيل والإعمار.
من الناحية الاستراتيجية، تمثل زيارة الشرع إلى موسكو نقطة مفصلية لإعادة رسم الدور الروسي في سوريا بعد الإطاحة بنظام الأسد، ومنح موسكو ضمانات في حضورها العسكري مقابل شرعية جديدة تُمنَح لها في إعادة الإعمار وإعادة الدمج الدولي.