بأكثر من 7 مليار دولار.. تحويلات المغتربين تتجاوز عائدات النفط في اليمن
السياسية - منذ ساعة و 20 دقيقة
عدن، نيوزيمن:
كشف تحليل اقتصادي حديث أن التحويلات المالية للمغتربين اليمنيين أصبحت اليوم المصدر الرئيسي للعملة الصعبة في البلاد، متجاوزة صادرات النفط التي توقفت عملياً منذ عام 2022 بفعل استهداف الحوثيين للموانئ النفطية في حضرموت وشبوة.
ويشير التحليل الذي أعدته عدة منظمات إغاثية بتمويل الاتحاد الأوروبي إلى أن إجمالي التحويلات الرسمية وغير الرسمية بلغ في عام 2024 نحو 7.4 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الاقتصاد اليمني، ما يجعل هذه التحويلات تمثل أكثر من 38 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهو مستوى استثنائي يعكس اعتماد اليمن شبه الكامل على دعم المغتربين لمواجهة الأزمة الاقتصادية والإنسانية.
ويبرز التحليل أن اليمن بات ثالث أكثر دولة في العالم اعتماداً على التحويلات المالية بعد طاجيكستان وتونغا، وهما دولتان تقل فيهما أعداد السكان بشكل كبير، وتتمتعان بمستوى معيشي أقل هشاشة مقارنة باليمن. ويقول معدّو التحليل إن التحويلات أصبحت "آخر شريان حياة" يحافظ على ما تبقى من الوظائف الاقتصادية في بلد يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وأوضح أن التحويلات حلّت محل عائدات النفط التي كانت تمثل المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي، بعد أن منعت جماعة الحوثي الحكومة المعترف بها دولياً من استئناف التصدير النفطي، ما جعل ملايين الأسر تعتمد على تحويلات العاملين في الخارج لتلبية احتياجاتها الأساسية، لا سيما مع الانخفاض الحاد في التمويل الإنساني.
وأشار التحليل الذي جرى نشر مقتضبات منه في صحيفة "الشرق الأوسط" إلى أن اليمن يتصدر اليوم قائمة الدول الأكثر اعتماداً على تحويلات المغتربين، باستثناء دولتين فقط، غير أن هشاشة الاقتصاد وضعف القدرة الإنتاجية يجعل هذا الاعتماد أكثر حساسية مقارنة بالدول الأخرى.
وأظهر التحليل أن التحويلات الخارجية تتأثر بعوامل موسمية مثل الأعياد الدينية وأنماط العمل في دول الخليج التي تستضيف معظم العمالة اليمنية، بينما تشهد التحويلات الداخلية تدفقات كبيرة بين مناطق النزوح، حيث يرسل النازحون العاملون في مناطق الحكومة رواتبهم وأموالهم إلى أسرهم المقيمة في مناطق الحوثيين.
وحذّر الخبراء من أن أي اضطراب كبير في تدفق التحويلات، بفعل تصنيف الولايات المتحدة جماعة الحوثي منظمة إرهابية، أو فرض عقوبات مصرفية إضافية، أو استمرار الحرب الاقتصادية بين الحكومة والجماعة، سيؤدي إلى نتائج كارثية على اليمن، خاصة وأن 66 في المائة من الأسر التي شملها المسح الميداني غير قادرة على تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية.
ويشير التحليل إلى أن انخفاض التحويلات سيؤدي بالضرورة إلى زعزعة استقرار العملة المحلية، وتعطيل منظومة تمويل الواردات، وتفاقم الأزمة الإنسانية، كما من المتوقع أن يواجه 18.1 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي حتى مطلع 2026، مع ارتفاع مستويات الفقر واعتماد الأسر على آليات مواجهة خطرة مثل تقليل الوجبات وبيع الأصول الأساسية.
وخلص التحليل الاقتصادي إلى أن التحويلات المالية للمغتربين ليست مجرد دعم اقتصادي، بل عامل حاسم في بقاء المجتمع اليمني واستقرار حياته اليومية، إذ أصبحت منذ الحرب الأخيرة شرياناً أساسياً لبقاء ملايين الأسر وتحقيق حد أدنى من الصمود الاقتصادي والاجتماعي في مواجهة الأزمة العميقة.
>
