الحوثيون يختلقون أزمة مشتقات نفطية ومصادر تكشف علاقتها بتمويل إيران وقطر لانقلابهم

متفرقات - Sunday 16 September 2018 الساعة 08:38 pm
تقرير خاص، نيوزيمن، صنعاء:

اختفت المشتقات النفطية، بشكل مفاجئ، من محطات الوقود في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين منذ يوم أمس السبت، وسط اشتداد أزمة خانقة انعكست بآثارها السلبية في مضاعفة معاناة المواطنين وحياتهم المعيشية اليومية.

وبالتزامن مع ذلك، عادت الطوابير الطويلة أمام نقاط البيع المتنقلة للغاز المنزلي والتي فاقمت من الأوضاع الكارثية التي يعيشها ملايين اليمنيين الواقعين تحت قبضة ميليشيا الموت الحوثية.

وكانت أزمة مماثلة شهدتها العاصمة صنعاء والمحافظات القابعة تحت الحوثيين خلال أغسطس الماضي، واستمرت عدة أيام مهدت لجرعة حوثية جديدة رفعت بموجبها سعر الدبة عبوة 20 لترا من البترول الی 8500 ريال والديزل الی 8000 ريال، ثم توفرت المشتقات بكميات متواضعة خففت حدة الأزمة جزئيا لكنها عادت مجددا منذ أسبوعين واختفت مادة الديزل بشكل نهائي من المحطات.

وأقرت شركة النفط الخاضعة لسيطرة الحوثيين، الثلاثاء الماضي، تسعيرة جديدة لمادة الديزل في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات الخاضعة لها، رفعت بموجبها سعر اللتر الديزل الی 450 ريالا والدبة 20 لترا ديزل بـ 9000 ريال وتعهدت بتوفير الديزل في كل المحطات، لكن تلك الوعود تبخرت.

ومع اشتداد أزمة المشتقات النفطية والغاز المنزلي، نشطت السوق السوداء التي يديرها مشرفون وقيادات حوثية وتجار تابعون لهم، حيث وصل سعر الدبة عبوة 20 لترا من البترول الی 15 ألف ريال والديزل الی 20 ألف ريال، والغاز يتراوح ما بين 7 و9 آلاف ريال.

على إثر ذلك ارتفعت أسعار المواصلات بشكل جنوني داخل المدن وما بين المحافظات للأفراد والبضائع وبنسبة زيادة تتراوح ما بين 150 % الی 200 %.

وكشفت التبريرات التي تسوقها حكومة الانقلابيين أن أهداف المليشيا الكهنوتية لايقتصر هذه المرة علی التمهيد لجرعة جديدة مرتقبة فحسب، كما جرت العادة، وإنما تسعی الی تحميل التحالف العربي مسؤولية هذه الاختناقات سعيا لتأليب الرأي العام الدولي لممارسة الضغط علی التحالف لإيقاف معركة تحرير الحديدة بما يضمن استمرار الشريان المالي المغذي للمجهود الحربي للحوثيين.

فقد ذكرت وكالة سبأ التي يسيطر عليها الحوثيون أن وزير النفط والمعادن في حكومة الانقلاب احمد عبدالله دارس، اطلع رئيس حكومة الميليشيا الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، اليوم بصنعاء، على الجهود التي تبذلها الوزارة لمواجهة الاختناقات التي يشهدها السوق المحلي من المشتقات النفطية والغاز المنزلي، مرجعا اسباب هذه الاختناقات الی تصعيد ما اسماه ب "العدوان" في الساحل الغربي واستهدافه المباشر لمدينة الحديدة.

بينما سارع بن حبتور لدعوة الأمم المتحدة إلى القيام بواجباتها القانونية والأخلاقية والتدخل العاجل لوقف هذا التصعيد العسكري في الحديدة.

في حين أكدت شركة النفط اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، اليوم الأحد، أنها تمكنت، من توفير كميات كبيرة من المشتقات النفطية سوف تصل تباعاً خلال الأسبوع الحالي.

ولفتت إلى أنه تم تنسيق وترتيب حركة دخول وخروج القاطرات البترولية عبر مداخل أخرى لمدينة الحديدة لاتوجد فيها أي مواجهات مسلحة -في إشارة الی طريق "الشام" الذي يربط مدينة الحديدة بباجل ومنها الی صنعاء بعيدا عن طريق كيلو16 حيث تدور المواجهات- وهذا ما يدحض اتهامات حكومة الانقلابيين بان المواجهات المسلحة الحالية جنوبي الحديدة سببت هذه الأزمة، فضلا عن كون التحالف أكد استمراره بمنح التصاريح لكافة السفن الإغاثية والتجارية للدخول الی كافة الموانئ اليمنية بما فيها الحديدة والصليف.

وكانت شركة الغاز أعلنت قبل أسبوع عزمها تنفيذ خطة جديدة لتوزيع الغاز المنزلي عبر عقال الحارات ومندوب من الشركة للقضاء علی الاختناقات الحالية في صنعاء وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين.

وحاولت الشركة، في بيانها، التهرب عن مسؤوليتها في اختلاق هذه الأزمة وحملت أصحاب الباصات سبب ذلك لأنهم "غيروا من البترول إلى الغاز مما تسبب في وجود أزمة الغاز المنزلي"، حسب زعمها.

إلا أنها وإلى اليوم لم توفر الغاز المنزلي وفقا لخطتها الجديدة ومازالت تعتمد علی آلية التوزيع بالدينات المتنقلة.

إلی ذلك كشفت مصادر في شركتي النفط الغاز بصنعاء عن الأهداف الخفية التي تسعی ميليشيا الانقلاب لتحقيقها من خلال اختلاق هذه الأزمة في المشتقات النفطية والغاز المنزلي.

وأوضحت تلك المصادر ل"نيوزيمن" أن المليشيا تسعی الی مفاقمة حدة الكارثة الإنسانية في اليمن في حال واصلت قوات المقاومة المشتركة المسنودة من التحالف العربي عملياتها لتحرير مدينة وميناء الحديدة بما يدفع الأمم المتحدة للتدخل وممارسة ضغوط لإيقاف تلك العمليات باعتبار أن ميناء الحديد يمثل الشريان المالي المغذي للميليشيا الانقلابية بأغلب الموارد المالية لمجهودها الحربي ونافذة لتهريب السلاح.

وأفادت تلك المصادر بأن المشتقات النفطية تعد الرافد الأساسي للانقلابيين بالنظر الی كون المتحكمين باستيراده هم من قيادات الميليشيا والذين فتحت لهم إيران وقطر حسابات بنكية خارجية تغذيها بمئات الملايين من الدولارات ويقومون بالسحب منها لاستيراد مشتقات نفطية وتوريدها للسوق المحلية وتسخير عائداتها والتي تباع بشكل مضاعف لصالح المجهود الحربي للحوثيين، مذكرة بأن إيران باشرت بإرسال عدة سفن نفطية عقب استيلاء الحوثيين علی السلطة في العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، بشكل مباشر الی ميناء الحديدة وتم تفريغها وبيعها عبر شركة النفط وتوريد قيمة مبيعاتها لصالح الانقلابيين.

وأشارت تلك المصادر الی أن إيران وجدت صعوبة في مواصلة إرسال سفنها النفطية مباشرة بعد بدء العمليات العسكرية للتحالف في 26 مارس 2015م فوجهت الانقلابيين بإعلان تحرير المشتقات النفطية وفتح باب الاستيراد للشركات الخاصة بدلا عن شركة النفط الحكومية بالتوازي مع إنشاء شركات خاصة يرأسها قيادات وتجار تابعون للمليشيا وفتح حسابات لهم في الخارج تم تغذيتها بمئات الملايين من الدولارت من شركات أخری أنشأها رجال أعمال موالون لإيران وحزب الله اللبناني في عدة دول للقيام بعملية تشبه غسيل الأموال وتبعد يد إيران عن التمويل المباشر، فضلا عن فتح المجال لدولة قطر لتغذية تلك الحسابات بعد أن قام التحالف العربي بطردها من عضويته لاتضاح تمويلها ودعمها للإرهابيين والحوثيين.

ودللت تلك المصادر علی المخاوف الجدية التي تعتري الانقلابيين من قطع الشريان المالي الأهم المغذي لعملياتهم الحربية أنها أبلغت المبعوث الأممي الی اليمن مارتن غريفيث باستعدادها إتاحة المجال للأمم المتحدة للقيام بدور رئيسي للإشراف علی إدارة ميناء الحديدة وكذا لتوريد عائداته من الضرائب والجمارك الی فرع البنك المركزي بالحديدة الذي سيرتبط بالبنك المركزي بعدن علی أن تتكفل الشرعية بتسليم رواتب الموظفين في كل المحافظات، لكن المليشيا اشترطت علی المبعوث عدم اعتراض أي شحنة تجارية قادمة الی الميناء للمحافظات الواقعة تحت سيطرتها، وهي تقصد بذلك سفن المشتقات النفطية بدرجة رئيسية خشية من أن تعيد الشرعية تفعيل جانب استيراد النفط عبر مصافي عدن وتتكفل بتغطية احتياجات المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين ما يفقدهم المورد الأهم الذي يغذيهم بمئات المليارات من الريالات سنوياً.

وبينت تلك المصادر أن تلك المخاوف هي من العوامل الرئيسية التي دفعت الحوثيين للماطلة والتعنت والتهرب من حضور مشاورات جنيف سعيا نحو التهرب من الوفاء بالالتزام الذي طرحته للمبعوث الأممي.

ولفتت في الوقت ذاته الی أن مستجدات اخری حدثت زادت من جنون الحوثيين لاتقتصر علی تحريك عملية تحرير الحديدة فحسب بل إجراءات جديدة اتبعتها حكومة الشرعية بناء علی مقترحات اللجنة الاقتصادية برئاسة حافظ معياد وتكاد تقطع شريان النفط المالي المغذي للانقلاب الحوثي حتی وميناء الحديدة مازال تحت سيطرتهم، تتمثل بإقرار شروط جديدة وتعميمها علی الشركات الملاحية الدولية لمنح تصاريح دخول السفن الی الموانئ اليمنية بما في ذلك السفن النفطية وحصر استيراد أي سلع أو منتجات بما في ذلك مشتقات النفط إلا بواسطة اعتمادات مستندية عبر البنك المركزي في عدن، مؤكدة أن الأزمة الحالية التي اختلقتها الميليشيا تستهدف مفاقمة الأوضاع الإنسانية لجعل الأمم المتحدة تلزم الشرعية عدم تطبيق تلك الشروط علی السفن القادمة الی ميناءي الصليف والحديدة.

وكانت وزارة النقل، أعلنت في التاسع من سبتمبر الجاري عن إصدار تعميم إلى شركات الملاحة والنقل البحري الدولي، يتضمن شروطاً جديدة للحصول علی تصاريح للدخول لأي ميناء في الجمهورية اليمنية.

وأبلغت الوزارة تلك الشركات بأنه تقرر أن يتم فقط منح تصاريح للسفن التي تحمل الشحنات من المشتقات النفطية أو أياً من السلع الأساسية (القمح، السكر، الأرز، الحليب، الزيت) بموجب الوثائق التي تؤكد استيراد الشحنة عن طريق أي من الاعتمادات أو التحصيلات أو الحوالات المستندية عبر البنك المركزي اليمني في عدن.

وأكدت أن هذه الإجراءات تأتي بناءً على قرار مجلس الوزراء رقم 75 لسنة 2018 بشأن حصر استيراد السلع الأساسية والمشتقات النفطية عن طريق الاعتمادات والتحصيلات والحوالات المستندية، وبناء على الآليات التنفيذية المعتمدة لتنفيذ هذا القرار وجميع الجهود التي تبذلها الحكومة الشرعية واللجنة الاقتصادية والبنك المركزي اليمني لاستقرار العملة المحلية وإعادة الثقة فيها واستعادة قيمتها أمام العملات الأجنبية.

وشددت الوزارة أنه وبدون تقديم الوثائق المشار إليها أعلاه عند تقديم طلب التصريح والتأكد من مطابقتها لما سيرد في كشف البنك المركزي اليمني في عدن، لن يتم قبول طلب التصريح للدخول لأي ميناء في الجمهورية اليمنية، مؤكدة بأنه لن يتم منح أي تصريح للسفن التي تحمل الشحنات من المشتقات النفطية أو السلع الأساسية إلا بعد استيفاء ما ذكر أعلاه، وذلك ابتداءً من يوم 9 أكتوبر 2018م.