الهاشميون بين القبائل.. والزيود بين الهاشميين والثارات: ألغام الحوثي الأشد خطراً

السياسية - Friday 11 September 2020 الساعة 10:59 am
البيضاء، نيوزيمن، خاص:

لا تكمن خطورة التصعيد العسكري لمليشيا الحوثي في مأرب ومحيطها في إراقة الدماء وإزهاق الأرواح من الطرفين بل بتصدير مشكلات تتعلق بالنسيج المجتمعي والعلاقات القبلية المعقدة.

يعمل الحوثي بطريقة ممنهجة في محافظات الجوف ومأرب والبيضاء ذات الطابع القبلي على إزاحة الرماد عن ثارات وأحقاد اتقدت بعد خبوها ويزيح الستار عن ثارات قبلية ونعرات طائفية وطبقية كادت تنسى مصدِّرا بذلك عقبة كؤوداً يحتاج المجتمع إلى عقود لتجاوزها.

ففي البيضاء، استخدم الحوثي عدداً من الأسر الهاشمية -بداعي المظلومية- لتكون واجهته في المحافظة لاقتراف الانتهاكات والجرائم بحق أبناء القبائل المحيطة بقراهم إحاطة السوار بالمعصم.

يقول أحد قبائل المحافظة، إن الحوثي ارتكز على "ريام" بشكل رئيس لتنفيذ مهام تعدها التقاليد القبلية الصارمة عيوباً ومنها ما كان "أسود" ولا رادع لبعضها في الأعراف المتوارثة سوى الدم.

وأوضح، اندفع خلف مشرفي الحوثي القادمين من صعدة ومحيطها، آل الريامي ومثلهم كثير من آل السقاف وإدريس والحمزي وغيرهم، وهي أسر زيدية في البيضاء ذات الحاضنة الشافعية وتصدروا المشهد العسكري بلا روية فقاموا بدهم القرى واقتحام المنازل وقتل واعتقال رجال القبائل المناهضين للمليشيا.

يضيف: خضنا في قرانا عدة مواجهات مع مليشيا الحوثي التي اعتدت علينا في عدة مرات لا لسبب سوى الغطرسة والإذلال، وبعد مقتل عدد منها كنّا نجد هويات القتلى من الأسر الهاشمية المجاورة لنا الذين دفع بهم الحوثي لقتالنا رغم ما تربطنا بأسرهم من علاقات طيبة طوال العقود الماضية بما فيها المصاهرة، وهذا الشيء آلمنا كثيراً.

مؤكداً رفض كثير من أبناء القبائل المتحوثين القتال في مناطقهم، مفضلين القتال في صفوف الحوثي، لكن في جبهات أخرى.

وفي محافظة مأرب، التي لم يصل إلى المدن التي تتركز فيها الأسر الهاشمية، يدفع الحوثي بشباب من أبناء قبائل المحافظة الذين تمكن من استمالتهم إلى مقدمة الصفوف للقاء أهلهم في مواجهات يقتصر خيارها على نجاة أحدهما.

نسبياً، لم يتمكن الحوثي من استمالة كبار القوم من مشايخ ووجهاء وعسكريين برتب عليا من قبائل مأرب باستثناء بعض قاطني العاصمة صنعاء؛ لكن عوضا عن ذلك استمال عددا مضاعفا من فئة الشباب بينهم أبناء بعض المشايخ.

ويتكلف الحوثي إبراز أسماء قيادات ميدانية شابة من أسر عريقة في المحافظة يستخدمها كرأس حربة وحادياً لمجاميعه إلى مراكز المديريات ويدين لهم بفضل تساقط عدد من مديرياتها مؤخراً.

ولا تقتصر القضايا التي بات ينسجها للأجيال القادمة عند ذلك، فمن ضمن المشكلات التي يصدرها للمستقبل مهاجمة قبائل بقبائل المحافظات المجاورة لها والتي غالبا ما تكون قد خاضت معها حروبا قبلية في عقود سابقة وتم حلها بأحكام ومواثيق عرفية ملزمة فينكأ بذلك الجروح ويوقد النيران.

فتجده يحشد قبائل دهم ووايلة في الجوف ليهاجم بهم مناطق الجدعان وعبيدة في مدغل ورغوان ومجزر، ويهاجم بقبائل من قيفة على مراد في "المشيريف" المتنازع عليها بين القبيلتين والتي خاضتا بسببها عدة حروب شهيرة دامية خلال القرن المنصرم.

وبالنظر إلى ما ذكر آنفاً عن منهجية الحوثي في إدارة المعركة في مناطق القبائل وأخرى لم يتم التطرق إليها، فإن ما يتم تصديره للجيل القادم أشنع من أن يتم السكوت عليه اليوم وأثقل من أن تحتمله كواهلهم غداً.