"بنجلة الشيطان" في عدن.. بين روايات الخُرافة والحقيقة
السياسية - Sunday 14 February 2021 الساعة 10:55 am
حكايات وروايات وقصص خرافية حِيكت حول مبنى في عدن بالتحديد في مديرية المعلا يدعى "بنجلة الشيطان"، وكلمة "بنجلة" هي كلمة هندية معناها "مبنى كبير، أو فلة".
Read also :
فتح طرقات اليمن.. ملف يكشف زيف الحوثيينبُنيت فلة الشيطان أو بنجلة الشيطان في أوائل القرن العشرين تحديداً في نهاية الأربعينيات، وأشاعت الروايات حينها أن المبنى يخص عَبَدة الشيطان كما يسمونهم اليوم "الماسونيين"، وقيل أيضاً في روايات أخرى، بأنها مجموعة يطلق عليهم "الجبرتي"، وهم عمال نظافة يقومون بخطف الأطفال من الشوارع وخاصة في شهر "صفر"، ويتم صلبهم داخل المبنى والاستفادة من دمائهم في السحر.
تقدم لنا الرسومات الهندسية التي صُمم بموجبها المبنى الماسوني صورة عن الشكل الخارجي والداخلي، فمن الخارج، المدخل العام يصل الفرد إلى الباب الكبير بعد صعود ست درج إلى اليمين يقع العمود الأول وهو يرمز للشمس، وفي الجانب الأيسر يقع العمود الثاني وهو يرمز للقمر، وفي الأعلى مثلث، وهو يعني الحاضر والماضي والمستقبل وفي وسط المثلث يقع شعار الماسونية العالمي الفرجال والمنقلة في حالة التقاء، والثالوت يرمز إلى الولادة والحياة والموت كذلك، أما الدرج فهي ترمز إلى ارتقاء الفرد نحو الأخوة المقدسة.
بعد الاستقلال من الاستعمار البريطاني، أصبح مبنى بنجلة الشيطان مهجوراً، وفي بداية السبعينات قامت الجبهة القومية باتخاذه مقراً لها، ومع بداية الثمانينات هُدمت "البنجلة" وتم بناء مبنى المحافظة القائم حالياً.
كبار السن ممن عاشوا في تلك الحقبة ما زالوا يتذكرون رواية هذا المبنى، الأستاذة ثريا غلام تقول لـ"نيوزيمن": "لا أزال أتذكر جيداً أيام الاستعمار البريطاني ومبنى بنجلة الشيطان في المعلا، ومساحته الترابية الشاسعة التي تحيط بالمبنى، وأتذكر أيضا كيف كان الأهالي يحذرون الاقتراب من ذلك المبنى، بنشر قصص أنه يتم خطف الأطفال والقيام بامتصاص دمائهم.
روايات أخرى نُسجت أيضاً، أن في المبنى ناساً أسموهم بالجبرت أو أصحاب صفر، حيث يقومون بتعليق الشباب من أقدامهم بعد غرز مسامير في الجبهة والأيدي والارجل لينزف الدم إلى صفيحة نحاس نظيفة ليصنع به ذهباً.
كل هذه الحكايات والروايات كُشفت فيما بعد بتقارير، حيث قال حسين أحمد حسين العمري، ابن عدن، الذي جمع إرثاً مذهلاً من ذاكرة الزمن عبر آلاف الصور لأحداث وأشخاص ومناطق يمنية، في حديث خاص لـ"نيوزيمن"، عن بنجلة الشيطان، إن البنجلة هو المحفل الماسوني في عدن أطلق عليه بنجلة الشيطان حتى يكون بعيداً عن أعين الفضوليين من العامة، على حد قوله..
وأضاف، إن أعضاء المحفل كانوا من الإنجليز وبعض العرب، مؤكداً أن لهذا المحفل من سمعة سيئة كونه أداة صهيونية تسعى للسيطرة على العالم.
ونفى المعمري إشاعات أن البنجلة كانت كمركز جمع للدم يُرفد فيه الجنود المصابون، حسب ما أشيع، مؤكداً أن المبنى ماسوني بحت مخصص للاجتماعات السرية، وأن كل القصص ما هي إلا إشاعات ومعلومات مضللة، وقال: هذا محفل ماسوني وشعار الماسونية على المبنى كما هو ظاهر في الصور التي سازودكم بها.
تظل حكاية عدن مع بنجلة الشيطان من المواضيع التي تتجاوز فيها الحقائق مع الغموض بفعل غياب المصادر وهدم المكان، ورحيل الجيل الذي عرف عدة أشياء عن ذلك المحفل، ولكن تظل الحكاية صورة من ذاكرة عدن التي يجب البحث عنها.