"درع الوطن".. مولود جديد على خارطة "متخمة" بالجيوش

تقارير - Wednesday 01 February 2023 الساعة 07:26 pm
عدن، نيوزيمن، عمار علي أحمد:

بعد ساعات من وصوله إلى العاصمة عدن، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، مساء الأحد، قراراً بإنشاء وحدات عسكرية تسمى "قوات درع الوطن"، وتعيين القائد السلفي/ بشير سيف قائد غُبَيْر الصبيحي قائداً لها.

نص القرار، الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، أشار إلى أن هذه القوات ستكون "احتياطي القائد الأعلى للقوات المسلحة"، أي أنها ستكون خاضعة بشكل مباشر لأوامر العليمي وفق نص إعلان نقل السلطة الذي تم بموجبه تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، ومنح الرجل هذه الصفة.

اللافت بالقرار هو ما نصت عليه مادته الثانية بأن "يحدد القائد الأعلى للقوات المسلحة (العليمي) عدد هذه القوات ومهماتها ومسرح عملياتها في أمر عملياتي يصدر عنه، ما يشير إلى أن عملية إنشاء هذه القوات لم يكتمل بعد، كما أن مهمتها التي ستحدد خارطة انتشارها ومسرحها العسكري لم تحدد بعد أو أنه "لم يُتفق عليه" بتعبير ربما يكون أدق.

هذا الغموض في قرار إنشاء قوات "درع الوطن" أوجد بيئة خصبة للنشطاء والسياسيين والمحللين على مواقع التواصل الاجتماعي للحديث عنها وعن مهمتها، بين من قال بأنها أداة "سعودية" لتقليص حجم الانتقالي جنوباً، وبين من يؤكد بأنها أداة "سعودية" بديلاً عن الجيش الوطني الخاضع لسيطرة الإخوان في مواجهة أي تصعيد عسكري قد تقدم عليه جماعة الحوثي شمالاً.

وبعيداً عن هذا الجدل، فإن إنشاء هذه القوات وبحسب الأرقام المتداولة، يطرح تساؤلاً مهماً حول مدى الحاجة لها في ظل ما تعانيه الخارطة الجغرافية للمناطق المحررة من تكدس كبير في عدد وحجم التشكيلات العسكرية والأمنية سواءً الموجودة على الأرض أو تلك الموجودة على الكشوف، وتعدد ولائها واختلاف التوجهات لمن يقودها، وهو ما مثل أحد أسباب غياب الاستقرار السياسي والعسكري بالمناطق المحررة.

وشهدت المناطق المحررة خلال السنوات الماضية جولات من الصدام المسلح بين هذه التشكيلات العسكرية والأمنية، في كل عدن وأبين وتعز وشبوة التي شهدت آخر الجولات في أغسطس الماضي، في حين تعيش مديريات وادي حضرموت منذ أسابيع مخاوف من جولة صدام مسلح بين قوات المنطقة العسكرية الأولى الخاضعة لسيطرة الإخوان، والقوات التابعة للمجلس الانتقالي وقوات النخبة الحضرمية المنضوية في إطار المنطقة العسكرية الثانية.

ما تعيشه مديريات وادي حضرموت وما شهدته شبوة في أغسطس، جاء على الرغم من مرور أشهر على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل الماضي وفق إعلان نقل السلطة من الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، وحدد الإعلان مهام المجلس وعلى رأسها توحيد هذه التشكيلات نحو هدف واحد وهو قتال جماعة الحوثي الانقلابية، وأوكلت هذه المهمة إلى لجنة أمنية وعسكرية عليا.

اللجنة التي يرأسها اللواء الركن هيثم قاسم طاهر وتضم أكثر من 50 ضابطاً رفيعاً ممثلين عن كافة القوى، كانت قد سلمت لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في الـ8 من ديسمبر الماضي تقريرها النهائي، بعد زيارات قامت بها لجان فرعية تابعة لها خلال الأشهر الماضية وشمل مختلف التشكيلات العسكرية على الخارطة "المحررة".

ويُنظر من اللجنة أن تنجح في إنهاء حالة الانقسام الحاد بين التشكيلات العسكرية والأمنية بالمناطق المحررة وتوحيدها في إطار وزارتي الدفاع والداخلية، في مهمة صعبة لعوامل وأسباب كثيرة، ويزيد من صعوبتها بلا شك أن تجد اللجنة أمامها اليوم تشكيلات عسكرية جديدة على الخارطة، في حين لم تنجح بعد في مهمتها مع ما هو موجود حالياً على هذه الخارطة.

خارطة تتقاسمها عشرات من التشكيلات الأمنية والعسكرية وبأعداد تجاوزت النصف مليون مقاتل وجندي، على رأسها التشكيلات الأمنية والعسكرية الجنوبية والخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي والتي تشير تقديرات إلى أنها تصل إلى أكثر من 200 ألف فرد بحسب تصريح لأحد قيادات المجلس، موزعين بين أحزمة أمنية وألوية دعم وإسناد وقوات النخبة الحضرمية والشبوانية وقوات العمالقة الجنوبية.

تسيطر هذه القوات على أغلب محافظات الجنوب باستثناء المهرة ووادي حضرموت، التي تسيطر عليها قوات عسكرية وأمنية موجودة منذ ما قبل الحرب وتخضع لنفوذ جماعة الإخوان والجنرال علي محسن الأحمر كحال باقي قوات الجيش والأمن التي يمكن تسميتها بقوات "الشرعية" وتشمل المناطق العسكرية السبع، وقوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية، ولا تفصح الحكومة الشرعية عن معلومات حول أعداد هذه القوات.

المعلومة الرسمية الوحيدة التي قدمتها الحكومة، كانت في سياق تصريح تلفزيوني سابق لرئيس الوزراء الحالي معين عبدالملك، قال فيه بأن تعداد القوات التابعة لوزارة الدفاع يتراوح ما بين 300-350 ألف فرد، ونحو 130 ألف فرد في وزارة الداخلية، في حين يؤكد خصوم "الشرعية" بأن غالبيتها أرقام وهمية تذهب رواتبهم لصالح قيادات نافذة.

وإلى جوار قوات الشرعية والانتقالي، تتواجد قوات "حراس الجمهورية" بالساحل الغربي، وهي ألوية عسكرية بقيادة عضو مجلس الرئاسة العميد طارق صالح، بالإضافة إلى وجود تشكيلات وألوية عسكرية تابعة بشكل مباشر لقيادة التحالف وتحديدا السعودية منتشرة على الحدود وفي بعض الجبهات بمحافظة الجوف، دون معلومات عن أعداد هذه القوات والتشكيلات.

تشكيلات وأرقام مهولة تتقاسم خارطة الانتشار والنفوذ بالمناطق المحررة، تدفع بالتساؤل عن وجود حاجة ملحة إلى إضافة تشكيلات جديدة لها، خاصة في ظل تكرار الحديث والتأكيد من قبل قيادة المجلس الرئاسي ومن قبل قيادة التحالف على التمسك بخيار السلام وإنهاء الحرب في اليمن منذ نحو عام.