360 ساعة في بلاد الشيوخ والحضارة

السياسية - Thursday 06 July 2023 الساعة 09:30 am
أبوظبي، نيوزيمن، فيصل حسان:

تبعث المباني الشاهقة عن جمال دولة الإمارات فيما تأسرك الشوارع النظيفة والواسعة ووقع الحياة السائد في هذه البلاد، الذي تؤكد الثورة التنموية فيها أن المسؤولين عملوا بجد لأن تصبح في هذه المكانة التي عليها، بلاد كل شيء فيها يجري بسلاسة وبلا تعقيدات، حتى إجراءات الترانزيت في مطار دبي يعد إجراء لا مثيل له في أي دولة أخرى عبرناها.

فعندما تطأ قدماك أرض المطار، يبهرك مشهد العبور السلس والمريح للمسافرين، الذي ينم عن الابتكار والتميز في كل خطوة، لقد كانت تجربة لا تنسى، وشهادة على التزام دولة الإمارات بالريادة في كل ما تقوم به.

ففي صالة الوصول تشعر بالتواضع والكرم في عيون أبنائها، وتندهش من حجم النظام والحداثة التي تحكم حركة المسافرين، فلا جنود أو قوات أمنية تحاصرك بأسئلة مزعجة عن جنسيتك أو سبب زيارتك إلى الإمارات، الدولة التي تعتمد على القانون والأخلاق في تسيير جميع شؤونها.

هنا الوضع مختلف تماما عما هو معروف في بلاد أخرى، كل شيء يسير بطريقة عصرية وذكية، والأجهزة الإلكترونية الحديثة تتولى كل شيء، فلا زحام أو فوضى يسببها العسكر أو رجال المباحث الذين يستغلون سلطتهم للاستيلاء على إتاوات، كما هو حال في بلادنا.

في نهاية المطاف، يسلمك الموظف الإماراتي بابتسامة وعبارات الترحيب، شريحة اتصالات محلية للتواصل والإنترنت، فيما تتولى الأجهزة الدقيقة تحديد هويتك وفقا لبصمة العين ومطابقتها مع الأشخاص الخطرين لمنع دخولهم في ثوانٍ معدودة.

أما في مطار القاهرة القديم، فلا زال النظام البيروقراطي سائدا، ففي بلد الأهرامات وحضارة الفراعنة، لا زالوا يستولون على جوازات المسافرين وينادون بأسمائهم لإعادتها مرة أخرى، كما لو أنهم في الثمانينات عندما كان المعلمون يستدعون الطلاب لإخبارهم عن درجات نجاحهم في الاختبارات النهائية من خلال المناداة، وهي طريقة بدت لي وكأنها تفصل مصر الحديثة عن تاريخها العريق الممتد لآلاف السنين، وتكشف عن خلل بيروقراطي لم تستطع الأنظمة المتعاقبة التغلب عليه، رغم أن حلا بسيطا يكمن في نظام إلكتروني واحد سيوفر للدولة ملايين الدولارات، ويريحها من كل تلك الأساليب القديمة في أهم واجهات البلد.

وبالعودة إلى مطار دبي، تغادر صالته في طريقك إلى وجهتك بسلاسة، لا نقاط أمنية تتعقبك أو تسألك عن وجهتك ولا شرطي يعترض طريقك، فأنت حر في التنقل، طالما أنت على أرض الإمارات.

في الفندق، تحجز غرفتك بسهولة، وفي الغرفة التي تمكث فيها، تجد كل ما تحتاجه من راحة وفخامة، إدارة الفندق تحرص على تقديم كل شيء للنزيل، ولا تنسى وضع ورقة على طاولتك، تسألك فيها عما إذا كنت في أتم الراحة أو أنك ترغب في تغييرها إلى طابق أعلى أو أقرب إلى الدور الأول.

أسعار الغرف ليست ثابتة، بل تخضع للعرض والطلب، ففي الأيام التي يقل فيها الإقبال على الفنادق، يتم تخفيض سعر الغرف إلى أرقام قياسية، وهو أسلوب حديث لجذب النزلاء وتشجيعهم على الإقامة في الفنادق المريحة والفخمة، والعكس صحيح عندما يزداد الطلب عليها.

في المؤسسات والشركات، لا أحد يعترض طريقك بقصد الابتزاز، هناك فقط على البوابة الرئيسية، التي تتحكم بها البرامج الإلكترونية الحديثة، أمن خاص بها تديرها الشركات الخاصة، إذ يمنحونك بطاقة إلكترونية تتيح لك التنقل داخل أروقة المؤسسة، بعد أن يستفسرونك عن سبب زيارتك ووجهتها إلى أي من المكاتب.

في الجوار، تبرز أسماء دواوين الشيوخ بشكل واضح، ومصطلح ديوان هنا يعني مكانا يستمع فيه الشيوخ إلى شكاوى المواطنين بشكل مباشر، ويقومون بحلها لا سيما ما هو متعلق بالجوانب المرضية التي تعجز مستشفيات الدولة عن حلها وتحتاج إلى مستشفيات متخصصة ذات تقنيات عالية لا تتوفر سوى في أمريكا و الدول الأوروبية.

خلال إقامتك، تتجول بحرية في بلاد الشيوخ، وعلى جانبي الطرق، تلاحظ أماكن مكيفة، ولولا صديق كالصحفي أدونيس الدخيني، لما عرفت سبب وجودها، فهو يخبرك أن الإمارات وضعتها ليرتاح فيها الموظفون عند انتظارهم لباصات النقل الخاصة بهم وهو أمر غير مستغرب من رعاية دولة الإمارات لشعبها وللوافدين إليها.

ولكل خط سير سرعة محددة، وإذا قمت باجتيازها، يتم رصدك من قبل رادارات خاصة بالسرعة، ولا يستغرق الأمر سوى ثوانٍ حتى تصل إلى هاتفك رسالة تخبرك بأنه تم خصم مبلغ معين من حسابك لتجاوزك السرعة المحددة.

يتبع ...