هل تضمّ أمريكا اليمن إلى الدول المشاركة في تحالفها العسكري ضد الحوثيين؟

تقارير - Thursday 21 December 2023 الساعة 09:58 pm
عدن، نيوزيمن، حاص:

عندما أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الثلاثاء، عن تشكيل تحالف عسكري دولي لردع مليشيا الحوثي عن تنفيذ هجمات بحرية ضد سفن النقل التجاري في البحر الأحمر، قال إن عدد الدول المشاركة في التحالف عشر دول، دون أن يذكر اليمن.

ذكر أوستن في إعلانه أن الدول المشاركة في هذا التحالف الذي يحمل شعار "عملية حارس الازدهار"، تشمل إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، كلاً من: بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا.

هذا الإعلان الذي يبدو أنه لم يكن بوسع واشنطن تأجيله مع استمرار هجمات الحوثيين على السفن التي تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، أعقبته تصريحات وبيانات لوزارات الدفاع في الدول التي أعلن أوستن مشاركتها في التحالف الجديد. حيث قالت وزارة الدفاع الفرنسية إنها تدعم الجهود الرامية إلى تأمين حرية الملاحة في البحر الأحمر والمنطقة المحيطة به، وإنها تعمل بالفعل في المنطقة. لكنها أضافت إن سفنها ستبقى تحت القيادة الفرنسية ولم تذكر ما إذا كانت ستنشر قوات بحرية أخرى.

وقالت وزارة الدفاع الإيطالية إنها سترسل الفرقاطة البحرية فيرجينيو فاسان إلى البحر الأحمر لحماية مصالحها، استجابة لطلبات محددة قدمها ملّاك سفن إيطاليون. وقالت إن هذا في إطار عملياتها الحالية وليس جزءا من عملية حارس الازدهار. وفي السياق ذاته، قالت وزارة الدفاع الإسبانية إنها لن تشارك إلا في مهام يقودها حلف شمال الأطلسي أو عمليات ينسقها الاتحاد الأوروبي. وأضافت "لن نشارك من جانب واحد في عملية البحر الأحمر". وقالت هولندا إنها سترسل ضابطين، بينما قالت النرويج إنها سترسل عشرة ضباط بحرية إلى البحرين التي تستضيف مقر قيادة القوات البحرية المشتركة.

أما بريطانيا، الحليف الدائم للولايات المتحدة، فقالت إن المدمرة إتش.إم.إس دايموند ستنضم إلى عملية حارس الازدهار. وقالت وزارة الدفاع البريطانية: إن التحالف سيعمل كجزء من القوات البحرية المشتركة التي تقودها الولايات المتحدة.

في نفس اليوم الذي أعلن فيه أوستن موافقة عشر دول على الانضمام إلى تحالف "عملية حارس الازدهار"، نشرت وزارة الخارجية الأمريكية بيان إدانة لهجمات المليشيا الحوثية في البحر الأحمر، باسم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ومجموعة قالت إنها تمثل 44 دولة شريكة.

قالت الخارجية الامريكية: إن الممثل الأعلى جوزيب بوريل وقع على البيان نيابة عن الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ نيابة عن الحلف، كما ذيّلت البيان بأسماء الموقعين على النحو التالي:

الممثل الأعلى جوزيب بوريل نيابة عن الاتحاد الأوروبي

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ نيابة عن الحلف

استراليا

جزر البهاما

اليابان

ليبيريا

نيوزيلندا

جمهورية كوريا

سنغافورة

الولايات المتحدة

اليمن.

أما نص البيان، فكان فاتراً إلى درجة التوجه بتكرار "الدعوة للحوثيين إلى إطلاق سراح طاقم سفينة غالاكسي ليدر على الفور وعدم شنّ المزيد من الهجمات على السفن التجارية في الممرات المائية الحيوية في المنطقة". كما تضمن البيان إدانة لما وصفها ب"تدخلات الحوثيين في الحقوق والحريات الملاحية في المياه المحيطة بشبه الجزيرة العربية، وخاصة البحر الأحمر"، مشيراً إلى ما تسببه هذه الهجمات من أضرار على التجارة الدولية والأمن البحري.

وأضاف: "كما يشجع الموقعون أدناه جميع الدول على الامتناع عن تقديم التسهيلات للحوثيين أو تشجيعهم".

ليس من عادة الولايات المتحدة الأمريكية إصدار بيانات إدانة وحشد الدعم الدولي للتوقيع عليها إلا عندما يكون موقفها الأخلاقي ضعيفا، وهذا ما تواجهه واشنطن ليس فقط منذ بداية الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر، بل منذ انطلاق العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة في أعقاب هجوم حركة حماس وفصائل أخرى في المقاومة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر.

وجهت واشنطن عشرات الدعوات للدول للانضمام إلى هذا التحالف، بما فيها الدول العربية، لكن الدول العربية أبدت تحفظها على الانضمام، كون الأمر يتعلق أخلاقياً بالقضية الفلسطينية وآلاف المدنيين القتلى والجرحى جراء العدوان الوحشي الذي تستمر إسرائيل في شنه على قطاع غزة رافضة كل دعوات وقف إطلاق النار.

تعرف أمريكا أن تحفظ الدول العربية حتى عن إدانة هجوم حماس في السابع من أكتوبر، لا يتعلق بحركة حماس نفسها، بل بالقضية الفلسطينية وإمعان إسرائيل في قتل الفلسطينيين والتنكيل بهم واحتلال أرضهم، ناهيك عن مواقف الشعوب العربية الداعمة للفلسطينيين والمعادية لإسرائيل ككيان محتل وغاصب. ورغم ذلك، تستمر في دعوة الدول العربية للانضمام إلى تحالفها البحري للرد عسكرياً على مليشيا الحوثي التي ترفع الشعار الأخلاقي لمناصرة الفلسطينيين الذي تقتلهم إسرائيل، لتبرير هجماتها على السفن المرتبطة بتل أبيب.

وحتى مع الاستثمار السياسي البشع لمليشيا الحوثي في القضية الفلسطينية، لا تزال الشعوب العربية مستاءة من الموقف السلبي العالمي تجاه حرب إسرائيل على غزة وعدم استجابتها لدعوات إنهاء القتال، أما الموقف الشعبي العربي تجاه أمريكا فيستشيط غضباً للمساعدات الأمريكية العسكرية المستمرة لإسرائيل في هذه الحرب، واستخدامها حق الفيتو في مجلس الأمن لعرقلة قرار المجلس بوقف إطلاق النار، والشعب اليمني جزء من هذه الشعوب الغاضبة على إسرائيل وأمريكا، ويضاف إلى غضبه أن إسرائيل وأمريكا منحت الحوثيين فرصة لمطابقة شعارها الذي رفعته لقتل اليمنيين خلال تسع سنوات، مع الأحداث الأخيرة في غزة.

تشير تحليلات المراقبين للشأن اليمني على المستوى المحلي والإقليمي إلى أن اليمن هي أكثر الدول المتضررة من هجمات الحوثيين على سفن التجارة في البحر الأحمر، ومع ذلك فالحكومة اليمنية سبق أن نفت مشاركتها في التحالف الذي تسعى أمريكا لتشكيله لمواجهة هجمات ذراع إيران، وقال مصدر مسؤول في وزارة الدفاع اليمنية، إن مثل هذه القرارات تتخذها السلطات العليا في البلاد ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي.

لم يعلن مجلس القيادة الرئاسي بعد مشاركة اليمن في هذا التحالف، والدولة العربية الوحيدة التي انضمت إليه هي البحرين، بينما لا تزال المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما الدولتان المعنيتان بمحاربة الحوثيين، تلتزمان الصمت إزاء تحركات أمريكا لتشكيل هذا التحالف. فهل ستضغط أمريكا باتجاه انضمام اليمن رسمياً إلى تحالف "عملية حارس الازدهار"، أم ستضغط باتجاه وقف الحرب الإسرائيلية في غزة بالتوازي مع ضغطها باتجاه كسر شوكة المليشيا الحوثية التي أثبتت خطرها على الأمن والسلم الدوليين، وتخليص اليمنيين والعرب من شرورها؟