خالد سلمان

خالد سلمان

تابعنى على

ألغام على الطريق

Saturday 30 April 2022 الساعة 01:44 pm

كنا نود أن يخالجنا قليل من الإحساس، بأن لدينا جيش دولة، وأن مرجعيته تحتكم لتسلسل قيادي هرمي، وأنه فوق سلطة مراكز النفوذ الحزبية والقبلية، لكن الوقائع المتتابعة تذهب بنا بعيداً عن هذا الاعتقاد أو الأمنية، حيث تتحرك عديد المناطق العسكرية بسلطات من خارج مستواها القيادي، وبعيداً عن الانضباطية المتعارف عليها في كل الجيوش، وتضع نفسها فوق كل مستويات الحكم، بما في ذلك المستوى السياسي، وخارج وظيفتها المدسترة حماية الحدود من العدوان والدفاع عن السيادة، لتخوض لحسابات جهات مؤدلجة معارك السياسة، ترجح كفة وتضعف أُخرى. 

نحن لا نريد أن نذهب بعيداً في شخصنة الولاءات، ولكن كسر تلك القوات لأوامر التعيينات وهيكلة القيادات، تقطع أننا أمام إشكالية بالغة التعقيد، وأن مركز الثقل القبلي الجهادي الذي أُطيح به، أي الجنرال محسن، ما زال ممسكاً بمفاصل تلك القوات، وأن مركز القيادة والتوجيه لم تغادره حتى وهو مجرد شبح خارج مسرح القيادة. 

رفض قوات شقرة قرارات تعيينات بعض القادة الصادرة من قائد المنطقة الرابعة نموذجاً، ناهيك عن تمترس ألوية المنطقة الأولى خلف قيادة الظل المبعدة، تقطع أننا بحاجة إلى ما هو أكثر من التفاؤل السطحي العفوي البسيط، بحاجة لعملية جراحية في العمق تهيكل كل القيادات، تضبط إيقاع الأداء وتعيد الاعتبار لمعايير التسلسل القيادي، ولإرث الجندية الوطنية، بولاءاتها للوطن لا للأفراد، وللسيادة لا لحسابات الصراعات الداخلية. 

الخطر الحقيقي ليس الحوثي وحده وحسب، بل إعادة تعريف ماهية ودور وإطار عمل قوات المؤسسة الشرعية، بنزع المليشاوي عنها وعمقها غير الوطني، وتنظيف هيكلها القيادي من الطابع العقائدي، وإعادة الاعتبار للاحترافية والمهنية العالية. 

ثلاثة مسارح عمليات هي بوابة عبور لتعديل المزاج الشعبي، من حالة الإحباط والمشاعر السلبية، إلى مساحة التفاؤل المفتوح:

مسرح محور تعز، حيث المليشيات المنفلتة تحكم أداء المحور، وحيث الحوثي خطر ثانوي، والفساد والنهب يجرد تلك القوات من حواضنها الشعبية، وحيث البندقية الحزبية والاستحداثات العسكرية غير النظامية، ما زالت ترى في الجنوب خصمها الأثير. 

المسرح الآخر المنطقة العسكرية الأولى، مركز ثقل سلطة محسن، ودورها المشوه من الدفاع عن مأرب إلى حماية لصوص الثروات، واعتبارها مكلفة بخوض الصراع مع الانتقالي وخارج حيادية مفترضة، لمؤسسة عسكرية تخلت عن طابعها ودورها الوطني وانخرطت في مسلسل الصراعات السياسية الداخلية بين فرقاء السياسة. 

المسرح الثالث، المنطقة الرابعة وهي امتداد للمناطق الأُخرى، ويُراد لها أن يكون مسرح عملياتها عدن، وخوض الحروب بأجندة مشبوهة، وتجيير نتائج تلك الحروب لصالح مراكز النفوذ التقليدي القبلي، ومركز سلطة مشيخات الشمال المقدس. 

نحن أمام تحد يكمن في الإسراع بهيكلة تلك التشكيلات العسكرية فاقدة الفعالية، ما لم فإن قادم الصراع سيتخطى المجلس الرئاسي، ويتفلت زمام السيطرة، وتذهب نتائج ومخرجات أي مواجهة قادمة، لصالح طرفي القيادات المُطاح بها والحوثي على حد سواء.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك