محمد العلائي

محمد العلائي

تابعنى على

"الصوفية" ومبادىء "التشيع"

Monday 03 April 2023 الساعة 10:31 pm

"الولاية" عند الصوفية تقابلها "الإمامة" عند الشيعة. 

ولفظ "الولاية" استعاره الصوفيون الأوائل من الشيعة الذين كانوا أول من استخدمه لوصف علي بن أبي طالب استناداً إلى حديث الغدير المشهور، ثم بحث الصوفيون لهذا اللفظ عن أسانيد إضافية من آيات في القرآن.

علاوةً على ذلك، فـ"الولاية" الصوفية هي استمرار للنبوة والوحي مثلما أن "الإمامة" الشيعية استمرار للنبوة والوحي. 

(سيقول لي البعض: الشيعة ما عدا الزيدية، سأقول لهم إن فكرة وراثة النبوة تعبر عنها الزيدية بطرق ملتوية بعض الشيء؛ فالإمام عند الزيدية -بالمفهوم المعياري القياسي- هو "علم الهدى" و"قرين القرآن" و"وارث النبوة").

بالنسبة للصوفيين، جاء في كتاب "الفتوحات المكية" لـ ابن عربي أن "النبوة الظاهرة هي التي انقطع ظهورها، وأما الباطنة فلا تزال في الدنيا والآخرة؛ لأن الوحي الإلهي والإنزال الرباني لا ينقطع إذ به حفظ العالم".

ومن الصوفيين من قال "إن القرآن لا يكون حُجَّة إلّا بقيِّم".

ويؤمن الصوفية بعصمة "الولي" وشفاعته إيمان الشيعة بعصمة "الإمام" وشفاعته.

وينسب المتصوفة إلى "الولي" الكرامات مثلما ينسب الشيعة إلى "الإمام" المعجزات.

 وعلى اختلاف اللفظ بين "الكرامة" و"المعجزة"، فالمعنى المُراد منهما لا يختلف.

وقد قرن المتصوفة "الشيخ" بـ"الإمام المعصوم"، فقال المتصوف ذو النون المصري (توفي 245 هجرية": "ليس مريداً البتة من لم يكن أطوع لأستاذه من ربه"، (كامل مصطفى الشيبي، "الصلة بين التصوف والتشيع"، ج1، ص469).

ويتفق الشيعة والصوفية على حدّ سواء في تقسيم العلم إلى "علم الظاهر" و"علم الباطن"، وتقسيم الإمامة إلى "إمامة الظاهر" و"إمامة الباطن".

ويشتركون في الاعتقاد بـ"اسم الله الأعظم"، وهي عبارة تشير إلى سر خاص من يطلع عليه يكون قد اطلع على أسرار العلوم كلها، ومنبع هذا السر وأصل هذا العلم -لدى كل من الشيعة والصوفية- هو علي بن أبي طالب، فهو الحُجّة على الناس بعد رسول الله.

وأخذت الصوفية من التشيع مبادىء أخرى مثل: "التقية" و"التأويل". 

وبخصوص التأويل، يتفق الطرفان على أنه "ما من آية إلا ولها أربعة معانٍ: ظاهر وباطن وحد ومطلَّع، فالظاهر التلاوة، والباطن الفهم، والحد هو أحكام الحلال والحرام، والمطلَّع هو مراد الله تعالى من العبد بها"، وهذا القول ينسبونه إلى علي بن أبي طالب.

فيما يخص "العصمة"، يقول كامل مصطفى الشيبي، صحيح أن "الزيديين ألغوا العصمة الإلهية عن أئمتهم ولم يبقوا لهم من ذلك الامتياز الروحي إلا كونهم من أسرة يجب أن تسود وتحكم، وأن نسبها النبوي هو الذي أسبغ عليها هذا السلطان ووجب على العالم الإسلامي الجهاد والكفاح في سبيل إعادة الحق إليهم والمحافظة عليه من كيد الكائدين".

لكنه يستدرك في موضع آخر، فيقول: إن الزيديين على مستوى الممارسة يسبغون على الإمام صفة العصمة، مستشهداً بملاحظة للعلامة اليمني صالح بن مهدي المقبلي، من القرن الثامن عشر الميلادي، يقول فيها إن عوام الزيديين "يكادون يُلحقون الإمام بالنبي ويحاربون معه بلا جعل كسائر الملوك".

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك