تهامي يكتب عن "10 أيام قبل الزفة".. من أين الحلاوة هذه كلها يا عدن!

السياسية - Monday 21 January 2019 الساعة 04:00 pm
عدن، نيوزيمن، كتب/ مروان العقيبي:

على الأخوة المتواجدين في مدينة عدن الذين لم يشاهدوا بعد فيلم "10 أيام قبل الزفة" التوجه إلى دار العرض في قاعة ليلتي بالمعلا - الشارع الرئيسي، العروض لا تزال متواصلة للشهر الخامس، التذكرة بألف ريال فقط.

دموع حقيقية، وتصفيق حار -تخيلته- صادر من ناقد متزمتٍ نزِق صعب الإرضاء. كانت هذه ردة الفعل الأولى بعد انتهاء الفيلم، وتساءلت بدهشة: الحلاوة دي كلها من فين يا عدن؟!

لم تكن مهمة المخرج عمرو جمال صعبة، كل ما كان عليه فعله أن يعبر عن آلام وآمال الناس البسطاء الذين مزقتهم الحرب اللعينة، المبهر أن هذه البساطة التي تظهر في كل مشاهد العمل لم تمنع خروجه بصورة فنية عالية الجودة.

"10 أيام قبل الزفة" ينتصر للسينما في عدن ويبعث رسائل للدولة والمستثمرين

تصوير العمل كاملاً في كريتر القديمة، في داخل المنازل البسيطة.. كان كافياً لكي يذهب عشاق هذه المدينة الساحرة لمشاهدة أسلوب الحياة وتفاصيل المعيشة بين جنبات الشرفات الخشبية والأزقة الضيقة التي بالكاد تشق طريقها وسط البيوت التي تتزاحم أسفل جبل شمسان.

تأثير عمرو القاصّ كان له لمسته الذكية على الحبكة التي تجاوزت "التقليدية" في ذروة التأزم والنهاية؛ باللجوء إلى "التقليدية" في أبعاد الشخصيات والمكان، واستطاع المخرج، بذكاء، تجنب رتابة (النهاية التقليدية) بجعلها أكثر واقعية. وربما تعمد المخرج المبالغة قليلاً في واقعيته، حيث يظهر ذلك من الإبقاء على اللحية الخفيفة المهملة لبطل الفيلم في يوم زفافه.

كذلك اختيار المخرج لبطل الفيلم (مأمون) كان ذكياً جداً، لا أعتقد أن مخرجاً آخر كان سيتجرأ على هذا الاختيار. (مأمون) البسيط في شكله ومظهره لدرجة أنه يمثل أغلب اليمنيين المحطمين، لقد انبهرت حين علمت أنه يمثل دور البطولة للمرة الأولى!
مرة أخرى تنجح واقعية المخرج في اختيار الشخصيات بعيداً عن مواصفات الممثل الهوليودي ذي ملامح الوجه "المثالي"!

أما سالي حمادة (الفيلم كوم وهي كوم لوحده)، بالكاد استطعت حبس دمعة صغيرة كانت ستخذل الرجل الصارم، حين بكت (رشا) من القهر، التفت نحو صديقي بالجوار وهو يتنهد بحرقة، فاطمأننت على الرجل الصارم، وكدت أصرخ: (بنت الكلب.. كانت بتخلينا أبكي).
سالي حمادة (رشا) الفاتنة القوية.. يا إلهي كم تشبه عدن!

البخور العدني.. عندما شاهدت الدخان يتصاعد من خلال الشاشة؛ شممتُ رائحته بقوة، اعتقدت لوهلة أن ذلك نتيجة الانسجام مع تفاصيل الفيلم، لكنه كان مؤثراً حقيقياً، لمسة بسيطة أضفت الكثير والكثير. هذه عدن.. زكية حتى في أسوأ الأحوال.

انتهت الحرب في عدن منذ 3 سنوات، ظاهرياً، لكنها مستمرة بصورة أخرى من قبل الأشخاص الذين استفادوا منها على حساب بقية المواطنين، هؤلاء الانتهازيون أمثال (سليم) لا يريدون للحرب أن تنتهي ولا يريدون للناس أن تعيش بسلام، والفيلم دعوة صادقة لتغيير هذا الوضع.

(10 أيام قبل الزفة) فيلم انتجته عدن ويعرض في مهرجانات الهند

برغم مرور الشهر الخامس على العروض لا يزال الإقبال كبيراً، التقيت بأصدقاء قالوا إنهم جاؤوا لمشاهدة الفيلم للمرة الثانية والثالثة كنوع من الدعم. حقيقة كان العمل مؤثراً لدرجة أن الأصوات المحافظة خفتت بشكل غريب رغم عودة السينما "المحرمة" بعد انقطاع دام 30 عاماً.

في مدينة تعز، أيضاً، أعلنت وزارة الثقافة عن عرض الفيلم قريباً، وهذا أمر جميل، آمل أن نلمسه فعلاً خارج دور العرض.