كيف حوَّلت مليشيات الحوثي مالك مطعم شهير بالحديدة إلى مُعْدِم

متفرقات - Friday 03 May 2019 الساعة 10:54 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

عندما كان منصور عباس يعمل في أشغال متعددة لكسب قوت أسرته كان يطمح لأن يكون ذات يوم صاحب مشروع مستقل، ولذا طوال سنوات عمره التي عملها كان يجمع نصف أجرته التي يكسبها نهاية كل شهر لذلك المشروع الخاص الذي فكر في إنشائه مع شقيقه.

عندما بحث عن مكان مناسب لذلك المشروع، وجد من الحديدة كمدينة مناسبة، وبدأ في تأسيس مطعمه الشعبي عام 2010 في القناوص بتكلفة بلغت نحو مليوني ريال، أنفقها في تجديد طلاء المحل، وإجراء بعض الترميمات وشراء طاولات وكراسي، وتجهيزات أخرى تشمل المواد الغذائية.

وبالنسبة إلى شخص لم يألف حياة المشاريع الخاصة، بدأ استثماره البسيط يدر عليه دخلاً متميزاً ويضعه على سلم رجال الأعمال الصغار الذين يشقون حياتهم باكراً في مجال المال والأعمال.

مضى كل شيء كما خطط له، وبدأ الشاب الفقير يحقق أرباحاً متميزة طيلة خمس سنوات إلى أن حلت الكارثة بالشعب اليمني بمجيء مليشيات الحوثي الإرهابية.

لقد كان دخولها إلى الحديدة يوماً مشؤوماً، مثلما كان في مدن يمنية أخرى، فلحق بها الدمار الذي رافق وجودها العديد من المؤسسات التجارية والتي كانت قبل ذلك تشق طريقها نحو النجاح دون مساعدة من أحد.

بدأت عناصر المليشيات تتوافد على مطعمه المتميز بتقديم الوجبات الشعبية بمذاقها التهامي الرائع، وكان أول يوم بالنسبة له كارثياً، إذ توافدت عليه عناصر المليشيات للغداء معتمدين على معرفتهم به لشهرته الواسعة التي اكتسبها بين الناس.

ومن الوهلة الأولى بدأت العناصر المليشاوية تتردد على تناول الوجبات الغذائية في أوقاتها الثلاثة دون تسديد تكاليفها كاملة، إنما نصف المبلغ المقرر، لذا بدأ عباس يشعر أن مشروعه آخذ في الانهيار.

يقول معارف شهدوا مأساة عباس لنيوزيمن، كانت كل مجموعة منها تدفع نصف الحساب، ثم تتبعها بكلمات وقحة تدل على زعيمهم الذي علمهم السرقة: "الباقي سجلها على السيد".

لم يكن عباس يجرؤ على الاعتراض، فقد سبق أن تعرض للتهديد من قبل مجموعة حوثية رفضت دفع نظير ما تناولته من عشاء وأرغمته على الصمت أو يواجه العواقب.

ولهذا ظل يقنع نفسه طيلة شهرين بأنه سيعمل على إبقاء مطعمه مفتوحاً حتى لو حقق ربع الأرباح، لكن مليشيات الإجرام ظلت على حالها تمارس مهنة السرقة إلى أن دفعت بديونه نحو الارتفاع لتتراكم بشكل أعجزه عن تسديدها ودفع قيمة المشتريات اليومية للمطعم.

وفي خطوة كارثية أخرى أجبر مالك المطعم تحت وقع الديون المتراكمة وزيادة تردد المليشيات على مطعمه وعدم دفع تكاليف تلك الوجبات على إغلاقه ومغادرة الحديدة منكسراً مقهوراً من المصير الذي آل إليه مشروع العمر.

اليوم يعيش عباس في مدينة المخا وضعاً معيشياً صعباً وبات فقيراً معدماً لا يمتلك قوت يومه بعد أن كان غنياً عفيفاً معتمداً على مشروعه الخاص في تدبير مصاريف أسرته اليومية.