قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (10)
المخا تهامة - Wednesday 21 August 2019 الساعة 09:53 pmالاتجاهات العامة لاكتشاف القهوة
مكتشف القهوة الشيخ علي بن عمر الشاذلي (1)
عُدّ الشيخ علي بن عمر الشاذلي (755 – 828هـ / 1354 – 1424م) لدى أغلب المؤرخين والكتاب المكتشف الحقيقي للقهوة. فمن هو الشيخ علي بن عمر الشاذلي؟
بتتبع سيرة حياة الشيخ علي بن عمر الشاذلي، من خلال مخطوطة موجودة بدار المخطوطات بصنعاء ونسخة ثانية بمكتبة الوشلي بمدينة الزيدية (سيتم نشرها كاملة في نيوزيمن قريباً) تناولت حياته بشكل عام، فتحدثت في البداية عن نسبه، فهو أبو الحسن علي بن عمر بن إبراهيم بن أبي بكر من بني دعسين أسرة تهامية شهيرة ينتهي نسبها إلى الصحابي خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس.
ثم أورد صاحب المخطوطة العلامة اللغوي والنحوي عبدالملك بن عبدالسلام دعسين القرشي -وهو من أحفاد الشاذلي– معلومات عن مولده ونشأته وتعليمه ورحلته إلى الحجاز والشام فقال: "وأما مولده ومسقط رأسه فالقرشية السفلى من وادي رمع (بين مدينة زبيد وبيت الفقيه).. وكانت ولادته سنة 755 تقريباً.. وولد بعده أخوه موسى، ثم توفي والدهما قتيلاً بيد المعازبة، القبيلة المشهورة من قبائل عك بن عدنان، وكانا يوم مقتله طفلين، فتولى تربيته عمه الفقيه جمال الدين محمد، واعتني به غاية الاعتناء... ولما تم قراءة القرآن الكريم شرع في قراءة العلوم.. وأول قراءته بالقرشية على الفقيه جمال الدين المذكور وعلى الفقيه العلامة جمال الدين محمد بن هارون الواسطي فحصّل عليهما جانباً من العلوم واستفاد في المنطوق والمفهوم، ثم دخل إلى مدينة زبيد واشتغل على جماعة من علمائها وسمع مجالس من قراءة جامع البيهقي بالجامع بها على الفقيه الإمام العلامة أبي الحسن علي بن محمد بن شداد المقري الحميري، ثم انتقل إلى قرية ذي حَمُود ويقال لها ذي حَمْده وهي من قرى وصاب.. فاجتمع بجماعة من العلماء بها منهم الفقيه العلامة أبو عبدالله صالح بن محمد بن عمر بن حسن بن أحمد السوادي -بتخفيف الواو- الخولاني، فروى عنه مصنفات الشيخ الكبير أبي إسحاق الشيرازي كالتنبيه والمهذب في الفقه، واللمع في أصول الفقه... وغير ذلك.
ولما بلغ من العمر ثمانية عشر عاماً أحرز العلوم وأتقن الفنون وحقق في تحقيقه لها الظنون، ثم رحل إلى أبيات حسين المدينة المشهورة من أعمال وادي سُردُد، وحقق بها علم الفرائض والجبر والمقابلة وكثيراً من الفنون على الفقيه العلامة رضي الدين أبي بكر بن محمد بن عمران، وكان المذكور أوحد أهل زمانه في الفرائض والجبر والمقابلة... ثم لما بلغ عمره عشرين سنة ارتحل إلى مكة المشرفة فحج ثم زار النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم صار إلى بيت المقدس فأقام به مدة طويلة يقرأ في العلوم من الفروع والأصول وفنون المعقول والمنقول".
ثم تحدث ابن دعسين عن ارتحال الشيخ علي الشاذلي إلى مصر وبلاد الشام "ارتحل الشيخ علي بن عمر إلى مصر ودخل مدينة غزة... وصحب بغزة أكابر منهم الشيخ الإمام رفيع المقام أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الغزي، ثم سار هو والشيخ محمد الداخلي إلى مصر ودخل على الشيخ ناصر الدين [ابن بنت الميلق (731 – 797هـ / 1331 - 1399م) محمد بن عبدالدائم بن محمد، أبو المعالي، ناصر الدين، قاض مصري وصوفي شهير، كان شافعياً شاذلياً، واعظاً بليغاً، له مصنفات أشهرها قصيدة من ذاق طعم شراب القوم يدريه. الزركلي، الأعلام، ج6, صـ188.] فقابله بالبشاشة والترحيب وعامله بالأنس والتقريب وأكرمه الإكرام الكلي وتولى رعايته بحسن النظر الخفي الجلي، وسلكّه الطريق الشاذلية، وجذبه وأدناه من الحضرة الإلهية وقربه، ولقنه الذكر وفهمه معاني الفكر، وأدخله الخلوة وبشره بالفتح، وأظهر له من العلوم والمعارف ما يطول معه الشرح... فأقام بمصر في كنفه ثلاث سنين... وقرأ كثيراً من العلوم على جماعة من علماء مصر منهم الإمام العلامة ابن الملقن الشهير بابن النحوي شارح البخاري والمنهاج وغيرها من الفنون النافعة والمعارف الواسعة، ثم اشتاق إلى الوطن من أرض اليمن، فاستأذن شيخه الشيخ ناصر الدين في السفر فأذن له... ورحل الشيخ علي بن عمر إلى جده للسفر... ولما وصل باليمن تأهل بأم ولده أبي السرور بقرية الاوشج ويقال لها موشج، وبأم ولده أبي الفتح بالقرشية، وبأم ولده ناصر الدين بقرية النبعة".
تحدثت المخطوطة عن رحيله إلى الحبشة وهي رحلة فريدة ونادرة فبـ"إشارة نبوية أُمر بالدخول إلى بر العجم وأرض الحبشة، فامتثل الإشارة، وأول دخوله إلى قرية بحره وتزوج بها ودخل يبيلول وبرحيا وندخيه وولد له أولاد كثيرون.. وصحبه بتلك البلدان جماعة من أهلها العلماء والصوفية الأعيان...ثم أُمر بالتقدم إلى بلاد السلطان سعد الدين المجاهد، فسار إلى هنالك واجتمع به السلطان مجد الدين وقام بواجبه وخدمه خدمة سنية بقلبه وقالبه... وتزوج بابنة عم السلطان سعد الدين المذكور واسمها مريم بنت ملاسفج عمر بن علي بن صبر الدين...، ولما تزوجها الشيخ ولد له هنالك ابناه الجليلان زين العابدين وعبدالرؤوف، وخرج بها معه إلى المخا وولدت له ابناً سماه عبدالقادر درج صغيراً، وولدت له بنتاً سماها فاطمة، ثم ماتت الأم في حياته بالمخا... واستوطنها.... ثم رجع إلى المخا.. وجد الشيخ موضعاً مواتاً فأحياها وابتنى به بيوتاً وسكن بها وأسكن غيره معه ممن وفد إليه... وصار صاحب زوايا وأربطة، وأتباع كثيرين، وأصحاب مشهورين وشهر طريق الشاذلية في جميع قطر اليمن... وسافر، رضي الله، عنه سفرة إلى تعز لاستدعاء الملك الناصر بن الملك الأشرف الغساني له فأقام بها خمسة أشهر، ثم رجع إلى المخا، وأما مدينة عدن فكان يتردد إليها ويقيم بها الأيام العديدة والمدد المديدة وله بها رباط يقال له رباط الشاذلية رتب فيه السيد الشريف أبا القاسم بن عبد الرحمن الأهدل وصنوه الشريف حسين بن عبد الرحمن الأهدل، وتوفيا هنالك ودفنا بالرباط المذكور وصارت تسمى بقرية الشاذلية...، ولما نزل الشيخ من تعز لبث بالكثيب من جهة الاوشج أياماً، ثم انتقل منها إلى قرية السمطين، ثم انتقل منها إلى المخا التي هي المسكن المعتمد والموطن الذي هو المعهد ولم يزل... حتى انتقل بالوفاة إلى رحمة الله تعالى ضحى يوم السبت أول يوم من شهر صفر الخير سنة ثماني وعشرين وثمانمائة، وكان عمره حينئذ ثلاثة وسبعين عاماً".
هذه الرحلة في حياة الشيخ علي بن عمر الشاذلي، وخاصة في رحلاته وتنقلاته وعلاقاته بالسلطة الحاكمة والنخب العلمية والصوفية وامتلاكه لقدرة إدارية في إقامة أربطة شاذلية صوفية جعلته الأقرب إلى الإجماع أنه المكتشف للقهوة.
لمتابعة الحلقات السابقة :
قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (1)
قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (2)
قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (3)
قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (4)
قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (5)
قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (6)
قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (7)