قصة اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن (1)

المخا تهامة - Monday 22 July 2019 الساعة 09:51 pm
المخا، نيوزيمن، كتب/ أ.د عبدالودود مقشر

التأصيل اللغوي لكلمة القهوة ومنشأها

ارتبط ظهور اسم القهوة في العالم بالمخا في اليمن في العصر الحديث، وأصبح مصطلحاً مرادفاً له، فالقهوة اكتشاف يمني عربي خالص رفدت به الحضارة العربية البشرية فأضحى مشروبها المفضل خلال التاريخ الحديث والمعاصر، ونتج عن ذلك ازدهار اقتصادي لليمن، وأصبح ضرورة معرفة البدايات الأولى لانتشار شجرة البن في اليمن واصطناع القهوة حتمية، وهو ما ستبحثه حلقات عن (حلقات اكتشاف القهوة ومكتشفها في المخا باليمن)، فهل كانت القهوة معروفة أو وجدت شجرة البن في اليمن قبل القرن التاسع الهجري؟ من هو مكتشف القهوة وكيف اكتشفها؟ وكيف أعاد تأسيس (المخا) بعدما اندثرت وانتهت؟ وما دور الصوفية والتصوف في اكتشاف القهوة وإيجاد (المخا).. ولماذا؟ وهل هناك دور للأسطورة في نسج الخيال حول القهوة ورواجها...؟ اسئلة كثيرة تحوم حول مشروب العصور، فهيا لنتتبع القصة من بداياتها.

أصل كلمة القهوة

أوردت مصادر المعاجم اللغوية العربية كلمة القهوة بمعانٍ متعددة، فـابن منظور في (لسان العرب) ذكر القهوة في مادة (ق.ا.هـ) فقال "قها: أقهى عن الطعام واقتهى: ارتدّت شهوته عنه من غير مرض مثل أقهم، يقال للرجل القليل الطعم: قد أقهى وقد أقهم، وقيل: هو أن يقدر على الطعام فلا يأكله وإن كان مشتهياً له"، فالقهوة هي التي "تقهي صاحبها عن الطعام، يقال: أقهى عن الطعام وأقهم عنه، إذا رجعتْ نفسه منه" كما ذكر أبو السعادات العلوي الشجري في كتابه (مختارات شعراء العرب).

اختلف في أصل كلمة القهوة اختلافاً بيناً، وإن كان الأصل العربي واضح الدلالة، وذا عمق لغوي قديم، ويشير إلى أحد مسميات الخمرة عند العرب في الجاهلية والإسلام، واعتبرت الكلمة عربية الأصل، فالقهوة في اللغة تطلق على الخَمْر، واختلف في سبب التسُميّة على النحو التالي:

سميت قهوةٌ لأنّها تُقهي الإِنسانَ. أي: تُشْبِعُه، وتذهب بشهوة الطّعام. كما قال الفراهيدي في كتاب (العين) في مادة (ق.هـ.و) والرازي في (مختار الصحاح).

وقيلً سُمِّيتْ قهوة؛ لأن شاربها يُقْهِي عن الطعام: أي يكرهه ويأجَمُه كما أورد الأزهري في (تهذيب اللغة) في باب القاف والهاء(قهى) وابن سيده في (المخصص).

وَقيل سُمِّيَتْ بقهوة: لِأَنَّهَا تُقْهِي عَنِ الطَّعَامِ، أَيْ: يُقْطَعُ شَهْوَتُهُ كما روى الماوردي في (الحاوي الكبير).

لكن الصاحب بن عباد صاحب كتاب (المحيط في اللغة) يرى سبباً مغايراً في التسمية لما سبق، فيرى أن القهوة: "وهو طِيْبُ الرِّيحِ أيْضاً، وفلانة طيِّبَة قَهْوَة الفَم. والمَحضُ من اللَّبن والحليب. وكذلك القَهَة"، وهذا المعنى هو ما حذا ببعض العلماء ومنهم العلامة الصوفي اليماني الشهير حسن بن أحمد بن عبدالله بن علوي الحداد في مخطوطته (سفينة الارباح ونزهة الأرواح) إلى القول بأن اشتقاقها جاء من "طيب الرائحة فنقلها الصالحون إلى شراب البن والقشر".

وتؤكد دائرة المعارف الإسلامية، والتي كتبها أساطين الاستشراق رأياً آخر، فيرى المستشرق فان ارندونك ARENDONK C. VAN أن الكلمة ذات أصلٍ حبشي غير عربي فيقول: إن بعض العلماء يرون أن أصل كلمة قهوة إفريقي حبشي وتعود الكلمة إلى قافا – كافا kaffa أحد الأقاليم الإثيوبية والموطن الأصلي لشجرة البن "راجع بتوسع:
KAHWA ,THE ENCYCLOPAEDIA OF ISLAM. VOLUME IV, p.449.

وهو رأي أوردته المراجع العثمانية قبل ذلك، فيذهب الكاتب العثماني الدكتور بسيم عمر في كتابه باللغة العثمانية (مكيفات ومسكرات - 1305) إلى أن المنشأ والوطن الأصلي للبن هو الحبشة وخصوصاً قافا في أطراف ولاية مصر منه اشتقت تسمية القهوة، وهو يقصد عندما كانت مصر تحكم حتى جنوب السودان وأطراف من إثيوبيا وتتبع الحكم العثماني.

وتعتقد الباحثة المختصة بدراسة تاريخ القهوة إليزابيت مونرو: "أن أصل هذه الكلمة غامض، فالبعض يقولون إنها مشتقة من كلمة قافا وهي منطقة زراعية في إثيوبيا، وآخرون -وقد يكونون أكثر دقة- يقولون بأنها تتصل بكلمة (كيف) العربية أي الشيء المنشط أو المثير." (مجلة الفيصل العدد 4 سنة 1977م)، لكن هذا الرأي يفتقر إلى الدلائل وهو ما ستثبته هذه الحلقات في (نيوزيمن)، وتؤكد أن أصل الكلمة ومعناها عربية صرفة.