أعاد لتعز شخصيتها وللحجرية دورها: الحمادي.. القيادة التي لا تموت

تقارير - Tuesday 03 December 2019 الساعة 09:14 pm
نيوزيمن، كتب/ نبيل الصوفي:

تحت حماية ابنها "عدنان الحمادي" هتفت الحجرية ضد جيش وإخوان "علي محسن".. فجن جنونهم.

هاجموه بالكلمة وبالرصاص.. بحثوا عنه في كل مترس.. شنوا الحروب عليه..

وكان عصّياً.. لم يكن نسخة من ابو العباس ولا من غيره، رغم أنه لم يحظى بربع الدعم الذي كان يتلقاه ابو العباس.

حظي الإخوان في تعز بالدعم الإماراتي والسعودي ككل فصائل المقاومة..

وحين توقّف الدعم توقف عن الجميع في تعز، وعلى رأسهم عدنان الحمادي نفسه، والذي ربما حين قتله القاتل لم يكن برصيده حتى مصاريف عائلته.

كان مقاتلاً وليس مستثمراً بالقتال.. كان نقيضاً لكل ما قاله الإخوان عنه، وخاصة في علاقته بالتحالف والإمارات تحديداً.. صحيح أنّ علاقته بالسعودية لم تكن على ما يرام، لكن -أيضاً- لم تكن علاقته بالإمارات بذلك المستوى المميز، كان منفتحاً على الجميع، وقبل أسبوع من استشهاده قال لي إنه طلب اللقاء بكل قيادات التحالف، السعودية في عدن والإماراتية في الساحل، فمعركته هي الحجرية وتعز والجندية للجيش في إطار الشرعية التي يدعمها التحالف وليس شرعية الإخوان ومعاركهم.

والتحالف أخرج تعز من حساباته باكراً، فهي مهمتها عند كل أطرافه "التهويش"، فمجتمعها مرهق وقيادتها هشّة، وبالكثير هم سيمنحونك دعماً شخصياً محدداً، الإمارات دعمت أبو العباس ولم تكن تجربة مجدية، والسعودية قنواتها كلها في تعز إخوانية.

الحمادي.. الحرب الإخوانية

بدأ الإخوان معركتهم مع الحمادي من اللحظة الأولى التي قال فيها لا لجيش الإخوان.. ولا لإفراغ تعز من العسكريين، ولأنه انتصر عليهم مرات ومرات، كما انتصر على الحوثي، واستمر يحقّق النتائج فقد أبقوا كل قياداتهم حوله في اللواء 35، مؤملين أن تأتي لحظتهم التي يتخلصون منه بالقرار أو بالرصاص، لينتهي اللواء وتعود تعز إلى بيت الطاعة، والحجرية إلى الهيجة.

بدأت معركته معهم، في وقت لم يكن أحد يعلم أنّ هناك معركة بينهم.. في مجلسه عرفت أوائل المدركين لذلك، أحمد سعيد وعبدالستار سيف الشميري، هما أول من افتتح الحديث عن: "الإخوان هم الخطر".

كنا نحن العفافيش نبحث عن علاقته هو نفسه بعلي محسن..

قلت له حين التقيته بعد أن دفعنا ثمن محاولات التصحيح مع حوثي: كتبت عنك أنك من أصحاب علي محسن، فقال لي: لأنكم كنتم مع الحوثي، فلا ترون.

بيت شوقي هائل

وصل اللواء 35 وهو منهار، وقاتَل بإيمان.. قاتَل لأنه مواطن عسكري، ليس له أي حسابات سياسية.

قال له شوقي هائل: "تجنب الحرب مع الحوثي، اجلس ببيتك لما نشوف الأحداث كيف ستسير"، أول أيام نقله من "لبوزة" لحج إلى 35 تعز وشوقي محافظاً، فقال له: "مافيش معي بيت"، هو قصد أنّ تعز كلها بيته، وشوقي فهم أنه يبحث عن سكن فقال له: سأعطيك بيتاً. وانتهت المحادثة.

كان دخوله اللواء هو الاختبار، وبقوة صغيرة وبإرادة فرض نفسه ضد القيادة التي انحازت للحوثي يومها، لكنه اكتشف أنّ اللواء قد انتهى عملياً، فقد أسقطته صراعات 2011 والمناقلات التي أدتها حرب الإخوان ضد الجيش والعسكر.

أحمد سعيد ورهام بدر

قاتل هو وأفراده، وحين أصيب وجد أسماء مغمورة تثبت له أنّ الرجولة والوطنية ليست مناصب، ذكر لي بنفسه "أحمد سعيد" هذا الشاب الثوري الناصر المناصر.. عدو الإخوان والحوثي.. وصل إليه وسط الرصاص بالعلاج وبالمعنويات.

وذكر لي تالياً الشهيدة "رهام بدر"، ورفيقاتها وأغلبهن واصلن معه المعركة إلى اليوم دون أن يعرف بهن أحد.. تحركن في مهام لوجستية من جبل إلى جبل، وشكلن سنداً نسائياً لم يشاهد أحد لهن فيه أي صورة في انضباط فريد، خلافاً لأصحاب الدعايات الإعلامية الذين يقولون ما لا يفعلون.

نجا من الحوثي، وبدأت معركته مع جيش الإخوان، قرار الإخوان كان يقضي نقل كل الجيش إلى مأرب، وبدأت ملاحقتهم له وهو مصاب لنقله إلى مأرب أو التخلص منه، فتسلّل إلى قريته في بني حماد.

وجمع أفراده سراً، فالإخوان عطلوا إنشاء مجلس عسكري، ورفضوا بقاء أي عسكر في تعز، وأفرغوها لما يسمونها المقاومة..

الميدان للحوثي وحرب الإخوان للفيس

وبدأت ملامح معركة جديدة على التاريخ اليمني كله، لم يسبق أن عاد حجري إلى منطقته.. هذا خط أحمر لكل مراكز القوى.. تتضرّر منه مراكز قوى تبدأ في تعز وشرعب ولا تنتهي إلا في صنعاء وعمران.

قبلها خاض الرجل حروباً صغيرة مع الحوثي في المخا وفي التربة. ويحكي قصصاً خرافية عن التنسيق غير المباشر بين إخوان علي محسن والحوثي والموالين لعلي عبدالله صالح ايضاً، في كل هذه المناطق، حيث يسيطر الحوثي ينسحب من أمامه الولاء الذي كان لعلي عبدالله ويختفي الإخوان، وحين تظهر مقاومة للحوثي يظهر الإخوان لاستثمارها في مقدمة لتصفيتها، وسحب أفرادها وإحلال بدلاً عنهم من الإخوان، ثم ينقلون الصراع إلى الفيس بدلاً من المتاريس والميادين، وإلى الشركاء بدلاً عن الحوثي.

الدور.. للحجرية

في الحجرية بدأ مساراً لم يكن في الحسبان.. بدأت الحجرية تستعيد دوراً كانت قد جُردت منه منذ عشرات السنين.

من زارها سيعرف المعنى..

صارت موئلاً لجيش جمهوري من كل المناطق اليمنية، يسكنون في قراها كأنهم من أهلها..

وصارت آمنة خلافاً لما فعل الإخوان داخل مدينة تعز، التي ينتشر فيها الرعب والخوف في كل حارة.

قرى صغيرة في الحجرية صارت سوقاً كبيراً، "النشمة" لم تعد ذلك التجمع الصغير، و"نجد قسيم".. العين نفسها تتحول مركزاً..

الأهم من ذلك، "عدنان" ليس فقط قائد اللواء العسكري، يحكي عبدالستار الشميري كيف أخرجه من تعز حين قرّر اخوان القاعدة تصفيته.. آلاف، وأقولها آلاف وليس مئات من الشخصيات المناهضة للإخوان والحوثي، كانت نجاتهم تمر بيدي الحمادي، من هربوا من صنعاء من أرادوا الخروج من تعز، من احتاجوا عندا في عدن.. من كل الاطراف ولو كان عفاشياً، فالطريق له يبدأ بـ"عدنان".

وعدنان، نفخ روحاً تعزية مختلفة عن تلك التي أرادها الحوثي والإخوان لتعز، راكم قوة إعلامية سياسية اجتماعية مهمتها "تعز" لأجل تعز، وليس استخدام تعز للصراع مع غيرها خدمة لأطراف المراكز المختلفة.

الانفتاح المرفوض

فتح مساراً مع الجنوب، مختلفاً عن المسار الإجباري لإخوان علي محسن وبقية شركاء 94م، وبدأ التواصل مع كل قيادات الجنوب، لأجل الشمال المحتل من الحوثي، المعركة هي شمالاً وليس كما يريدها إخوان الشمال، جنوباً.

بدأ النقاش مع الساحل الغربي، وزارنا وزرناه والتقينا معه في عدن وفي العين، عاصمة اللواء 35.. وكان أنموذجاً للقائد العسكري الذي لديه هدف وحيد، هو استعادة الجمهورية من براثن الحوثي وألاعيب الإخوان.

وسيكتب الكثير عن انتصاراته ضد الحوثي، واستعادته القرية تلو القرية بتكتيك عسكري، كان يقول عنه: "لست مع حرب من قرية إلى قرية.. نحن جيش والجيش يعرف كيف يحمي المناطق من أعدائها ولو كانت تحت سيطرة العدو".

أما إخوان علي محسن، فرغم كل القوة التي لهم في مناطق لوائه، فإنه كان مسيطراً على كل تحركاتهم، ومعسكراتهم جميعاً تحت مرمى نيرانه.

لذا فطريقهم إلى "دمه" كان مختلفاً عن طريقته، لكنه جزء أصيل من طريقتهم الأبدية "الباطنية".

الوعي بالحمادي.. وحده يساندنا لكي نواصل دوره.. هذا الدور لا يموت.. هذا المشروع يجب أن يحيا.