محمود العُتمي ورفاقه.. معركة اليمني في مواجهة إرهاب عبدالملك ودمويته

تقارير - Wednesday 10 November 2021 الساعة 07:01 am
نيوزيمن، كتب/ نبيل الصوفي:

سكنت مع محمود العُتمي في المخا قرابة أربعة أشهر، عرّفني عليه وعلى سكنه الشهيد نبيل القعيطي.

استأجرت معه في غرفهم التي استأجروها بعد هروبهم من بطش الحوثي في 2018م، فقد اُعتقل وضيق عليه وهو لا يزال يدرس في جامعة الحديدة.

ضحكته المجلجلة تدوي في رأسي من لحظة سماعي الخبر..

وصورته في المستشفى تعصف بي، فكأني أرى بملامح وجهه ما لم أستطع وصفه من مشاهد الجريمة التي رآها وهي تقتل زوجته وجنينها، وليتني بجواره لأقول له: تماسك فقد نجّى الله "جواد" ابنك  الذي لم يكن معكم في لحظة القدر.

محمود وأصدقاؤه الذين جمعتهم المخا بعد هروبهم من الحديدة هم الفريق الإعلامي الأول في مواجهة حروب الحوثي ميدانياً.

لا يعرفهم جيل التفكك الإعلامي، وهم في الغالب وراء الكاميرات.

مجموعة مناضلة متحدة تعيش معاً كل المخاطر، عشت معهم تجربة فريدة لم أعرف مثلهم أبداً.

محمود ليس مجرد مصور، وهذا الشاب صغير العمر هو صديق وأخ لكل إعلامي نزح من الحديدة.

يتحرك بسيارته عشرات الكيلوهات إن سمع بمشكلة وقعت لأحدهم.

آخر لقاء لي به، وصل مكتبي في المخا قادماً من عدن سعياً وراء صديق عزيز سمع عن تعرضه لمشكلة، يطوف بهذه السيارة المكافحة كل المناطق ليس مهنياً فقط بل كصديق وأخ.

"جواد" كابنه، وشجاع وبسيط ومثابر.. لا قيمة للكلمات، لا قيمة للكلمات.

كاميراته خلدت مآسي اليمنيين في موادها التي نشرتها اليونسيف واليونسكو، خلدت جبهاتهم وشجاعتهم وأوجاعهم في الوكالات الدولية والتلفزيونات العربية والعالمية.

يعرف الحوثي من هو محمود، وأغلبنا لا يعرف.

والحوثي هو واحدة من شرور الحرس الثوري الإيراني، وحسن إيرلوا وفرق الاغتيالات في العراق ولبنان واليمن ليست مجرد نسخة أقذر من القاعدة.

>> تفجير إرهابي استهدف “العتمي” وعائلته

وجبهات الحرب تكشف تنسيقاً حوثياً قاعدياً، فكلهم مروا من إيران وتربوا فيها.

محمود بخير، ولكن قلبه مكلوم، ورفاقه موجوعون، والجريمة بشعة "قتل أصحاب الأخدود".. عليك اللعنة يا عبدالملك الحوثي بجهلك وجهالتك وأطماعك في التسلط الإرهابي.

أما رفاقك يا محمود، مروان وهائل وأشرف وعبدالله، وفي المخا خالد وإسماعيل، ومعهم مجاهد، وسياف وهو الذي شارككم سكن المخا تحت الأرض.. 

وكل اسم وقضية تحركت لها سياراتكم وأنفسكم وأموالكم.. نحن أصحاب حق وقضية، فليشرب الحوثي من دمنا كيف يشاء، سيألم كما نألم، وإنا لنرجو في الدين والدنيا من الله وطناً وحرية وكرامة لا يرجونها هم.

ستتوجع ذاكرتك بمشاهد إحراق عبدالملك الحوثي الإيراني القاعدي الإرهابي لشريكة حياتك وجنينها.

أرى ذلك في ملامح صورتك الممددة في المستشفى.

وأعرف كم يوجعك العجز عن إنقاذ أي أحد فكيف بزوجتك وابنك. 

وأعرف كم يوجع العزاء، كم هي كلمات العزاء سخيفة وفارغة وجوفاء.

أعرف كم يوجع محاولة إنسان إنقاذك من بقايا من تحب بغريزة الإنسان الجمعي.

لكني لا أعزيك.. بل أعاهد الدم المُراق.

سنتماسك يا صديقي.. دمنا هو دم اليمني المهدور في عمران وحجة وصنعاء.

دم اليمني الذي يسكبه الحوثي في كل مكان..

وقدرنا أن نواجه.

وسيجمعنا الله بمن نحب وانتقلوا إليه.

وصدقني، يقيناً، أن من يختاره الموت لا يشعر بوجع الحدث كما يراه الأحياء.

ومن المقدور لا ينجو الحذر.