"مدونة السلوك".. إذلال للموظفين بمناطق سيطرة الحوثي على وقع تنازلات "الهدنة"

السياسية - Wednesday 09 November 2022 الساعة 10:31 am
صنعاء، نيوزيمنن خاص:

كشف تدشين جماعة الحوثي، ذراع إيران في اليمن، الاثنين، لما أسمتها "مدونة السلوك الوظيفي"، توجه الجماعة لاستكمال تصفية الوظيفة العامة في مناطق سيطرتها وحصرها بالموالين لها على ضوء الضغوط الدولية على الحكومة الشرعية لتمرير مطالب الجماعة فيما يتعلق بصرف رواتب الموظفين بمناطق سيطرتها.

ودشنت قيادة الجماعة المدونة التي تحتوي على جملة من الشروط والضوابط الملزمة للموظفين بمناطق سيطرتها، موجهة مختلف الوحدات الإدارية بإلزام الموظفين بالتوقيع عليها، والبدء بتقييم الموظفين على ضوئها واعتبارها شرطاً لاستحقاق التعيين والتوظيف مع التشديد على إنزال العقوبات بحق من يخالفها.

المدونة التي غلب على بنودها الطابع الديني وفق الرؤية المذهبية لجماعة الحوثي، تعكس محاولة الجماعة في ترسيخ الولاء المطلق لها في أوساط الموظفين الذين تلزمهم المدونة بحضور المحاضرات الثقافية التي تقيمها قيادات الجماعة بشكل منتظم في مؤسسات الدولة منذ انقلابها أواخر 2014م.

كما أن الصبغة الدينية لأغلب مضامين هذه المدونة والتركيز على ترسيخ فكرة أن الوظيفة العامة هي "خدمة وواجب يؤديه الموظف لله ولدينه ومجتمعه"، على عكس تعريفها في اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية بأنها "مجموعة من الواجبات والمسئوليات.. تتطلب فيمن يشغلها شروطا ومؤهلات معينة مقابل حصوله على الامتيازات المقررة لها".

الامتيازات التي يشير لها القانون هنا تشمل بالدرجة الأساسية المرتب وما يتبعه من مكافآت وبدل بالإضافة إلى حق الترقية بحسب الخدمة والأداء وغيرها من الحقوق، وكل ذلك لم يرد منه شيء في الصفحات الـ 35 للمسودة الحوثية، ليظهر أحد أهداف الجماعة من الخطاب الديني في المسودة الوظيفة العامة بهدف تحويلها إلى عمل إلزامي مجاني يشبه الـ"عبودية"، يعفي الجماعة من أي التزامات تجاه الموظفين.

كما يظهر في بنود المدونة بشكل واضح الهاجس الأمني لدى قيادة الجماعة من خلال القيود المشددة على الموظفين بتجريم أي نشاط لهم لوسائل الإعلام أو على مواقع التواصل الاجتماعي يؤدي إلى كشف ما يدور من فساد وعبث الجماعة، وهو ما يؤكد إدراك الجماعة بضعف الولاء لها في صفوف الموظفين.

خطوة الجماعة الحوثية تجاه الموظفين بمناطق سيطرتها يراه مراقبون ناتجا عن الضغوط التي تمارسها الأمم المتحدة ودول الغرب وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا تجاه المجلس الرئاسي والحكومة لتنفيذ شروط الجماعة فيما يتعلق ببند صرف المرتبات في مناطق سيطرتها مقابل موافقتها على تمديد الهدنة.

ففي حين تطرح الحكومة بأن يكون صرف المرتبات للموظفين المدنيين فقط ووفق كشوف عام 2014م، تشترط الجماعة صرف المرتبات للموظفين والعسكريين والأمنيين في مناطق سيطرتها من إيرادات تصدير النفط والغاز وتسليمه كرقم إجمالي فقط وبالعملة الصعبة باحتساب أسعار صرف 2014 دون تقييد بكشوف تلك المرحلة.

شروط تهدف ذراع إيران من خلالها بشكل واضح إلى إحلال عناصرها بالوظيفة العام وطرد كل من لا يدين لها بالولاء، وهو ما تسعى لها من خلال تطبيق هذه المدونة المزعومة، ما يعكس خطورة التنازلات التي يسعى المجتمع الدولي لتمريرها تحت لافتة المأساة الإنسانية في اليمن، في حين أنها تصب في صالح الجماعة ما يعمق هذه المأساة بدلاً من التخفيف منها.