منطقة صغيرة بمحافظة البيضاء اليمنية في بؤرة اهتمام العالم.. لماذا "يكلا"؟!

السياسية - Wednesday 23 January 2019 الساعة 11:50 pm
البيضاء، نيوزيمن، خاص:

"يكلا" منطقة صغيرة، تقع ضمن مديرية ولد ربيع بمحافظة البيضاء، بمحاذاة مديرية "رحبة" أولى مديريات محافظة مأرب، لكن هذه البقعة المعزولة عن العالم رغم ذلك شغلت الدنيا واستولت على أحاديث صناع القرار وتحركت إليها نخب الجيوش الأقوى على الكوكب الأزرق، وما إن يخفت بريقها مدة من الزمن حتى تعود لتَصَدُّر نشرات الأخبار في كبريات المؤسسات الإعلامية الدولية.

فما الذي جعل منها كل هذا، بسبب المعسكرات التي ظهرت خلال العقد الأخير حاملة اسم أكبر التنظيمات الإرهابية في العالم؟

لماذا يكلا؟

وآخر ذكر لـ"يكلا" في نشرات الأخبار العالمية كان، الثلاثاء 8 يناير الجاري، حيث أعدم تنظيم داعش الإرهابي -بتهمة "الردة"- عدداً من المدنيين اليمنيين وفق معلومات أكدها ناشطون والتنظيم نفسه.

ونشر التنظيم الإرهابي، مؤخراً، مقطع فيديو يظهر عملية إعدام جماعي قام بها مسلحو التنظيم قال إنها في منطقة يكلا الواقعة في مديرية ولد ربيع بمحافظة البيضاء وهي المنطقة التي ينشط فيها تنظيما القاعدة وداعش.

وأظهر الفيديو المرعب، الذي تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، قيام أربعة من عناصر التنظيم الإرهابي بإعدام أربعة شباب مدنيين عبر إطلاق الرصاص على رؤوسهم مباشرة. وتوعد في المقطع بالمزيد من هذه الأعمال الإجرامية ضد من أسماهم "المرتدين".

بمجرد قراءة الخبر الآنف الذكر يستوقفنا السؤال الذي يدور في خلد كثير منا عن السبب/الأسباب التي دفعت تلك التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش وحتى مليشيات الحوثي للوصول إلى يكلا والتمركز فيها؟!

"الأرض المقدسة"!!

المكانة الدينية والتاريخية، فهي في المنظور الديني للجماعات الإرهابية سبب غفلت عنها الدراسات المتعلقة بتلك الجماعات -وحتى مليشيا الحوثي ليست استثناءً- وهي كذلك دافع رئيس للمتطرفين حول العالم سعياً للوصول إليها خدمة للدين كما يعتقدون.

فتلك الجماعات تنظر إلى يكلا باعتبارها "أرضاً مقدسة" مستندة في ذلك إلى نصوص تراثية ينسبونها إلى النبي محمد (ص) ورد فيها اسم هذه المنطقة من العالم باعتبارها "أرض ميلاد جيوش الإسلام ومبعث القحطاني أخو المهدي المنتظر من يفتح بلاد الروم ويهزم الصليبيين”..

ومرجعهم في ذلك ما ذكر نعيم بن حماد في كتابه "الفتن" بعد شرحه للحديث المقطوع عن ظهور القحطاني الذي يسير بسيرة المهدي وتفتح على يديه بلاد الروم، حين قال إنه "يخرج من منطقة يكلا خلف صنعاء بمرحلة" وقال إنه يقصد يكلا بلاد قيفة...".

مع أن ذكر يكلا لم يرد في نص الحديث الذي هو في الأصل حديث مقطوع وليس حجة فكيف إذا ورد ذكرها في قول حماد الذي جاء تعقيباً على الحديث المذكور ولم يستند على شيء لا على الحديث المذكور ولا إلى أي حديث أو أثر صحيح يشير إلى هذا المكان "يكلا"؟

وقد استمات القاعدة وداعش للوصول إلى يكلا، وضحيا بالمئات من مسلحيهما من أجل ذلك واقتتلا فيما بينهما سعياً لإيجاد موطئ قدم في هذه "الأرض المباركة.."، بحسب معتقداتهم.

وليست الجماعات الإرهابية وحدها من تعتقد أن "يكلا" أرض مقدسة، فظهور من يدعون أنهم "المهدي المنتظر" أمر مألوف في تلك البلاد، فبين الحين والآخر يظهر من يدعي أنه "المخلص" لهذه الأرض من الشرور أو أنه "المهدي المنتظر" وليس آخرهم المدعو ناصر القردعي، أحد أبناء قبيلة مراد المجاورين ليكلا، وهو المسمى بين أتباعه "المهدي المنتظر".

حصن حصين

ومن الأسباب التي يجدر ذكرها أن يكلا من أكثر مناطق قبيلة قيفة انعزالاً وأشدها تحصيناً لكثرة شعابها وكثافة الجبال المحيطة بها.

وعلى الرغم من أن يكلا من أخصب الأراضي التابعة لقبيلة قيفة وأوفرها مياهاً، إلا أن قلة من يسكنون فيها من أبناء القبيلة وهم أقرب إلى البداوة نظراً للحروب القبلية مع قبائل مراد (مارب) المتاخمة لهم والذين تربطهم علاقات نسب ومصاهرة كما تربطهم نيران حروب تحرقهم بين فترة وأخرى.

وقد توارث أبناء (قيفة ومراد) في تلك المنطقة الحدودية بينهما حروباً قبلية كان آخرها معركة لساعات عام 2006م قتل خلالها أكثر من 23 شخصاً وعشرات الجرحى من الجانبين، ولحساسية العلاقة هذه تتحاشى القبيلتان استحداث عمران أو أعمال زراعية مجدية صوناً للعلاقة الهادئة وتحاشياً لحدوث حروب في منطقة نزاع قبلي لم تحل مشكلتها ممتدة منذ عشرات السنين.

تعرف أكثر على خارطة القوى والتقاسمات في البيضاء:
> داعش والقاعدة والحوثي والإصلاح.. يتقاسمون البيضاء ويتوزعون جبهاتها
> تساكن الجماعات الإرهابية في البيضاء.. "لعنة" وصاية حزب الإصلاح ومركزية مأرب