التحالف يسد الثغرات وينزع مخالب خطة غريفيث للحديدة

السياسية - Friday 15 February 2019 الساعة 05:51 pm
نيوزيمن، كتب / أمين الوائلي:

من المنتظر أن يُرفع خلال أيام إلى مجلس الأمن الدولي، التقرير الثاني حول مستوى تنفيذ قراري المجلس بشأن اليمن (2451، 2452)، وعمل بعثة المرافبين الدوليين لدعم اتفاق الحديدة.

- أسبوع لوليسغارد

وإذا كان لوليسغارد باشر عمله الأسبوع الماضي بعد تسلمه من سلفه الهولندي، فإن الأسبوع الجاري مثل أسبوعه الأول الخاص والخالص لتبين معالم شخصية ومنهجية الرجل في العمل.

إلى هذا توقفت مصادر دبلوماسية أممية عن إعطاء إحاطة صحفية حول تعذر استئناف اجتماعات لجنة تنسيق إعادة الانتشار المشتركة في الحديدة برئاسة الدنماركي، مايكل لوليسغارد، خلال الأسبوع الجاري بخلاف ما أعلنه يوم الخميس الماضي مع انتهاء جولة الاجتماعات الثالثة على ظهر سفينة أممية قبالة الحديدة.

وحاول نيوزيمن -دون تلقي إجابة أو رد محدد- الحصول على توضحيات من مكتب المبعوث الخاص؛ بالإشارة إلى البيان وتصريح المتحدث الرسمي للمنظمة الدولية يوم 7 فبراير / شباط  في نهاية الجولة.

وكان دوغاريك أعلن للصحفيين عن "تقدم كبير" تحقق في نهاية اجتماعات الجولة واتفاق الطرفين على "تسوية أولية"؛ للمضي في تنفيذ إعادة الانتشار قوامها مقترح لوليسغارد للتدارس وإعطاء الرد بالموقف النهائي عند استئناف الاجتماعات الأسبوع القادم (ينتهي اليوم).

لكن مصدر دبلوماسي غير مخول بالحديث للإعلام أحال نيوزيمن على "مؤشرات" في فعاليات لوليسغارد ولقاءاته في كل من عدن وصنعاء والتي استغرقت أيام الأسبوع، دون إعطاء معلومات إضافية.

وعرض لوليسغارد مقترحه في لقاء جمعه والفريق الحكومي مع رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن عبدالله النخعي، السبت 9 فبراير/ شباط، في العاصمة المؤقتة عدن.

ويوم الأربعاء شدد رئيس لجنة إعادة الانتشار في حديثه للصحفيين  بصنعاء عقب اجتماعه إلى قيادات المتمردين الموالين لإيران، على ضرورة تنفيذ اتفاق ستوكهولم بمختلف مراحله، مؤكدا تركز أنظار المجتمع الدولي نحو الحديدة وكشف عن انعقاد مجلس الأمن منتصف الأسبوع القادم (يوم الاثنين) حول اليمن.

- سياسيا.. رسالة وبيانان

ولم ترشح أية معلومات من كواليس لقاءات لوليسغارد في صنعاء، وهناك من اعتبر برودة التعاطي الحوثي إعلاميا -على الأقل- وطبيعة تصريحات لوليسغارد مؤشرا على تلقيه الإجابة غير الصحيحة من قيادات المليشيات التي أساءت التصرف مع سلفه الهولندي.

فيما اعتبر مراقبون  رسالة رئيس الفريق الحكومي اللواء الركن صغير حمود عزيز إلى رئيس لجنة التنسيق الأممية مع أزوف الأسبوع؛ بمثابة مؤشر قوي يمكن الاعتماد عليه جزئيا لتوقع طبيعة رد وموقف الجانب الحكومي من المقترح الذي تقدم به ويستحدث آلية نشر قوات دولية لتأمين الممرات الإنسانية لنقل الإغاثات.

وأبدت الرسالة استعدادا لضمان القوات الحكومية، تسهيل الوصول إلى مطاحن البحر الأحمر، ونقل مخزون الإغاثة الإنسانية عبر الخط الساحلي حال استمر رفض المليشيات الحوثية فتح الممرات الإنسانية التي تقع تحت سيطرتها.

يضاف إلى هذا بيان قوات التحالف العربي يوم الخميس والذي أكد استعداد قوات الحكومة والتحالف البدء بتنفيذ إعادة الانتشار؛ طبقا لبنود اتفاق السويد داعيا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى ممارسة الضغط على المليشيات لتنفيذ الاتفاق وإعادة الانتشار والانسحاب من الموانئ الثلاثة.

هذا يجرد مقترح غريفيث على الحقيقة وليس مقترح لوليسغارد من مخالب القوة الدولية، ويترك التنفيذ مسئولية غريفيث والحوثيين مع الضغط على مسألة الوقت وبما يسد الثغرات والهوامش التي لعب عليها المبعوث الخاص وتلاعب الحوثيون طوال 6 أسابيع منذ التوقيع.

الخطوات المعلنة التي أخذها الفريق الحكومي وقوات التحالف العربي من المفترض أنها تنهي السبب الموجب لاستحداث آلية استقدام قوات دولية إلى الحديدة وتتكفل القوات الحكومية بتسهيل وصول الفرق وإخلاء الإغاثة الإنسانية، كما تلتزم قوات التحالف والقوات الحكومية بتنفيذ إعادة الانتشار وفقا لبنود الاتفاق وهذا يلبي غاية وأهداف مقترح لوليسغارد في النتيجة.

ويبقى موقف الانقلابيين من المقترح وتنفيذ بنود فتح الممرات والانسحاب وإعادة الانتشار؛ هو محط الغموض، ومثار الكثير من الشك وعدم اليقين، ولم تتسرب حتى الآن معطيات تفيد أو ترجح ردا بالإيجاب أو السلب.

وخلال ذلك دعا بيان اجتماع اللجنة الرباعية حول اليمن وتضم وزراء خارجية: السعودية، والإمارات، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة إلى التنفيذ على وجه السرعة للانسحاب وإعادة انشتار قوات الطرفين والتوقف عن إضاعة المزيد من الوقت.

- غريفيث... العُقدة
 
وحظي موقف المبعوث الخاص مارتن غريفيث منتصف الأسبوع بالكثير من الاستياء والانتقادات واتهمته الحكومة الشرعية بالانحياز الفاضح للانقلابيين، وقال وزير الإعلام اليمني: "إنه لا يجب السكوت على هذا وإن صبر الحكومة لن يطول".

وعمد غريفيث إلى إصدار بيان مشترك باسم المبعوث الخاص، ومنسّق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، السيد مارك لوكوك ينوه بدور وموقف الحوثيين في الحديدة ويحمل الأطراف مسئولية السماح بالوصول إلى المطاحن ونقل الإغاثات الإنسانية، عقب يومين فقط من بيان لوكوك الذي كان اتهم الحوثيين صراحة بمنع الأمم المتحدة من الوصول لمستودعات القمح وإعاقة الوصول إلى المحتاجين لإطعامهم.

ولم يصدر بعدها أي تصريح من غريفيث حتى نهاية الأسبوع. 

ويُتهم المبعوث الخاص بممارسة التدليل مع الحوثيين ومراضاتها على الدوام وعلى حساب الحياد الأممي ومسئولية رعاية تطبيق قرارات مجلس الأمن واتفاقيات السويد.

وكانت بالمثل انتقادات كثيرة سلطت على بذخ الإنفاق الأممي والرفاهية التي لا تتناسب مع مهمة إنسانية لفريق المراقبين لدعم اتفاق الحديدة من خلال استئجار سفينة ضخمة ومكلفة لتمركز المراقبين في مياه البحر الأحمر قبالة الحديدة بدلا من نشرهم على الأرض. 

وأثيرت تساؤلات عميقة حول جدوى وجدية خطوة مشابهة بإزاء فاعلية الدور المنوط بالفريق والبعثة الأممية؛ لرعاية وفرض تنفيذ اتفاق السلام وفقا لآلية مزمنة وصارمة وبما يسد الذرائع أمام المليشيات للتعنت والتنصل كالعادة.

- المرونة والتلويح بالحسم
 

وفي مقابل التحركات السياسية آنفة الذكر كانت التحركات المليشياوية على الأرض تأخذ جانبا مغايرا تماما، وتوغل في التصعيد، وتعميم الاستنفار، واستدعاء المزيد من الاستحداثات العسكرية، والخنادق، والأنفاق، والتحصينات، ونشر الحاويات الكبيرة، وتقطيع الشوارع، والتجنيد الإجباري، وإجراءات أخرى؛ كرست معطيات حرب على الأبواب لا محالة، وضاعفت مستويات التوتر والقلق في أوساط المدنيين المحاصرين في ظروف إنسانية بالغة السوء.

تحمل المحصلة مؤشرات دالة على تنشيط التحالف والحكومة التحركات بصورة لافتة على المسارين السياسي والعسكري بالتزامن، ويمكن ملاحظة الاعتماد على تفعيل خيارات المرونة السياسية من جهة والتلويح المتزايد بالقوة من جهة ثانية بما يعطي مستويات متناسبة من القيمة لاحتمالي السلام والحسم في المدى المرئي.

وباستثناء مساحات هامشية تتقلص أمام المليشيات للمناورة والتمييع يوفرها أو يتيحها أسلوب وطريقة عمل المبعوث الخاص بصورة رئيسة؛ فإن التمرد الحوثي يضيع المزيد من الوقت، ومعه الكثير من الخيارات السهلة والمأمونة لأخذ جانب السلام والمضي في هذا الطريق الطويل والشاق، والذي يؤدي في نهايته المفترضة إلى محادثات السلام الشامل والحل النهائي. 

- ما يشبه الاستخلاص

وبالرؤية إلى المشهد بسعته: ما تواجهه المليشيات الحوثية (وما لا تعرف ما تواجهه على الحقيقة) من امتحانات قاسية وحرب استثنائية في حجور حجة توسعا إلى عمران كما ترجح المعطيات اليومية، وتصعيد غارات التحالف على أهداف حيوية وعسكرية في أكثر من جهة وجبهة، وتصاعد النقمة والغضب ومظاهر التمرد والغليان الشعبي ضد تسلط وفساد واستبداد وجرائم الانقلابيين الغارقين في سكرة الانفراد والقوة الغاشمة، فإن الخيارات تتقلص أمام الحوثيين يوما فيوم ويضيق الخناق عليهم، شريطة أن لا يتراخى موقف التحالف والشرعية اليمنية وأن لا يتراجعا عن فرض حتمية التنفيذ أو الحسم دونما إبطاء.