دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(13): عبدالله مقبول الصيقل

المخا تهامة - Sunday 06 October 2019 الساعة 10:05 pm
نيوزيمن، كتب/ أ.د عبدالودود مقشر:

عُدّ عبدالله مقبول الصيقل "من الأبطال الذين نسيهم التاريخ، ونسيهم اليمنيون على الرغم مما قاسوا في سبيل اليمن"، كما ذكر المناضل محمد عبدالواسع الأصبحي في مذكراته، انضم لحركة المعارضة اليمنية في الداخل، وكان مقتدياً بوالده الذي عُد من أبرز علماء تهامة واليمن، واشتهر بمقاومته للظلم الإقطاعي، وخاصة استبداد هادي هيج الذي كان في نظره طاغية تهامة وهو من أذل العباد والبلاد وذلل الحكم الإمامي بتهامة، وكان الإمام أحمد يخشاه، فعينه مربياً ومعلماً للرهائن، ترك هذه الوظيفة مرات عدة وعاد إليها لا لشيء إلا لكي يتعلم هؤلاء الرهائن الذين كان يسميهم بـ(ضحايا القهر)، نشأ ولده مثله، فمارس أعمالاً حكومية ومنها موظف بالمالية ثم مدرس ثم اتجه للصحافة، راسل كل الصحف ومنها الصحف الإمامية كالإيمان وسبأ والنصر، ثم راسل الصحف العدنية ومنها فتاة الجزيرة والقلم العدني والفجر... الخ، ومن ثم كتب تقارير صحفية للصحف المصرية كالأهرام والأخبار ومجلة روز اليوسف وغيرها، وعندما لجأ الأستاذ عبدالله باذيب إلى تعز شاركه في إصدار جريدة الطليعة بتعز، وكتب أخبار تهامة وأجرى لقاءات متعددة.

رحل إلى عدن ثم إلى بريطانيا لغرض الدراسة بها في حياة عبدالله الحكيمي وبعد وفاته حاول إعادة إصدار جريدة السلام وطباعتها بالاستنسل في كامبريدج، ثم تعب نتيجة الشتاء البريطاني القارس، فعاد إلى اليمن ليساعد الحركة اليمنية المعارضة.

حُبس سبع مرات في عهد الإمامة وبعد الإمامة وعُذب وذاق المرار بسبب كتابته الصحفية، والتهمة الموجهة دائماً هي الشيوعية وهي التهمة التي ألصق النظام الإمامي بها معارضيه، وأصبح منزله مأوى لكل الأحرار من كل اليمن كما ذكر محمد حمود الصرحي في مذكراته، فتوسعت مداركه بنشاطات واسعة لارتباطه بالشباب من ضباط ومدنيين، فزاول نشاطه الأدبي والثقافي والسياسي، فاستغل دعوة الحكومة المتوكلية، آنذاك، باسم الجنوب العربي المحتل، ففتح مكتباً حيث كان يستقبل الشباب الذين يفرون من الاستعمار الانجليزي إلى الشمال أمثال: محمد عبده نعمان، وقحطان محمد الشعيبي... وغيرهما، إلى جانب استقبال الطلاب اليمنيين الذي طُردوا من القاهرة، منهم: عمر عبد الله الجاوي، وأحمد محمد الشجني، وعبد الله صالح عبده المخاوي.

وأكد للكاتب في مقابلة أجريت معه في 2001م أن الإمام أصدر مرسوماً بتعيينه وزيراً لاستقبال المهجرين والوافدين وكان أصغر وزير، كما موّل الإمام المكتب الذي افتتح لهذه الغاية، شارك في الحركة الوطنية من خلال مساعدة السجناء بحجة والمراجعة لهم وكتابة المقالات الصحفية عنهم، ومنهم عبدالرحمن جابر، والسيد العلامة عبدالقادر الأهدل الذي أعدمه النظام الإمامي، وكتب مئات المنشورات بخطه ووزعها، فقدت وثائقه ومذكراته إبان اعتقالاته في الجمهورية.

قال عنه الصرحي: "أسجل هنا أن أحسن صديق وأعظم رفيق وقف معي كما وقف مع غيري من الأحرار هو الأخ العزيز عبدالله مقبول الصيقل"، ولتبيان الدور كان يقوم به حكى الأصبحي الواقعة التالية فقال: "هذا الإنسان كنت أسمع به ولم أكن أعرفه حتى سجنت في أيام الإمام أحمد عندما أطلق عليه الرصاص في الحديدة إذا به يزورني ويواسيني: أصبحي... ها هاه.. مرحباً، ما تشتي؟ أي خدمة؟ تشتي حاجة؟ وحين سألت عنه قال لي أمين عبد الواسع نعمان: هذا صديق السجناء دائما إنه عبد الله مقبول الصيقل، فعرفته وبعد يومين منعوا أي زائر من زيارة السجناء السياسيين فلم أعد أراه، أتذكر له موقفاً لا أنساه عندما سجن وأخذ من الحديدة إلى صنعاء مكبلاً بالقيود في مصحفة وكان وزير الداخلية آنذاك الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر...فذهب يراجع على عبد الله الصيقل عند المشير السلال قال: هذا فعل كيت وكيت...وأتذكر أني ذهبت ذات يوم إلى منزل المشير السلال وكنت بمعية الشيخ أمين عبد الواسع نعمان فإذا بالمشير السلال يقول للشيخ أمين: أترى الشيخ عبد الله الأحمر قدم استقالته من وزارة الداخلية احتجاجاً على سجن الصيقل؟ ما ترى صاحبك يفعل هكذا؟ فأجابه الشيخ أمين: يا سيدي، عنده حق هذا الصيقل صاحبي وصاحبك وصاحب كل مسجون في حجة، كان يمشي حافياً على قدميه أو يركب أتاناً أو حماراً لكي يزور المسجونين، بعد أن كان قد استقال في تلك الظروف وعاد الشيخ عبد الله الأحمر إلى منصبه أيضا وهذا موقف لا ينسى أيضا للشيخ عبدالله الأحمر. أذكر أيضا أن عبد الله الصيقل كان لا يحقد على أحد تقريباً ولكنه إذا لم ينصف كان يتألم... الصيقل كان مناضلاً وشريفاً وكان تألمه بسبب أنني ذكرت من أصحاب الحديدة وتهامة رجالاً كان هو الأجدر أن يكون هو في مقدمتهم، سامحه الله، وهو من الأبطال الذين ينبغي ألا ينساهم التاريخ وينبغي ألا ننساهم نحن.. يجب أن يخلدوا في أذهاننا وأذهان الشبيبة القادمة"..

كان الأستاذ عبدالله مقبول الصيقل ممن شارك في أغلب العمليات ضد الإمام أحمد، فدعم حركة العلفي واللقية والهندوانة، قال السلال: "أما البطل الثالث فكان صديق وعم الشهيد العلفي الذي انضم معهما في آخر لحظة وقد كانت بينهم علاقة كبيرة مع الشهيد محمد الرعيني والمناضل الأستاذ عبد الله الصيقل الذي يعتبر صديقا للمناضلين"، ثم شارك في عملية إبليس، وهي محاولة اغتيال الإمام في السخنة بعملية انتحارية أعد البطل سعيد حسن فارع الذبحاني الملقب إبليس نفسه لها، ثم كان حلقة الوصل بين المشايخ ومنهم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والشيخ سنان أبو لحوم وبين الأحرار كما ذكر في مذكراتهما، وكان ضمن تنظيم الأحرار – القطاع المدني في تهامة، وضمن أعضاء اللجنة التنظيمية بالحديدة حسين المقدمي وعبد الله الصيقل ومحمد رفعت ومحمد العلفي وأحمد خيبر.

ملخص لترجمة حياته:

عبد الله مقبول محمد علي الصيقل، ولد بمدينة اللحية 1356هـ/1938م، ودرس على يد والده العلامة مقبول بن علي الصيقل، ثم انتقل مع والده إلى الحديدة، فدرس بالمدرسة السيفية حتى أكمل الثانوية، ودرسه العزي مصوعي والمساوى أحمد الحكمي وصغير سليمان عايش والمشهور حشابرة وأحمد جابر عفيف وعلي عبدالعزيز نصر والأستاذ محمود أحمد الكتري وإبراهيم صادق الذي كان طالباً في المدرسة لكن النظام الذين فى مستوى تعليمي متقدم يدرسون الطلاب الأدنى منهم، ومجموعة من المدرسين المصريين والسوريين، وكان والده عالماً مشهوراً ومن الأحرار، وتصله الجرائد المصرية والعدنية، ودرس عبدالله عند فقهاء الحديدة وعلمائها.

سلك طريق النضال، فانضم للحركة المعارضة التهامية ثم اليمنية، اعتقل سبع مرات في حياته، تولى وظائف عدة، وتولى وزارات، وأصبح مراسل صحف مصرية وعدنية وموزعها، انضم إلى اليسار، وآوى الأحرار من كل الأطياف.

ما زال حياً، نسأل الله أن يعافيه ويبارك فيه.

> دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(11): محمد بن علي علوي الجفري

> دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر(9): أحمد محمد هاجي

دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر (8): عبدالرحمن جابر الزرنوقي

دور ثوار الساحل التهامي في 26 سبتمبر (7): الشهيد العلامة عبد القادر الأهدل