دخل الجنوب الحرب من بوابة الدفاع عن النفس أمام أفواج الحوثي الزاحفة من جبال صعدة إلى سواحل عدن، وكانت الإمارات بالبندقية والدم تتساير مع قوافل الجنوبيين في المعركة والانتصار وصد الزحوفات التي حاولت الاستمرار في السيطرة على عدن والجنوب بشكل عام، لم يكن أمام الجنوب من خيار آخر يجعله يتجنب حربا شمالية فُرضت عليه، ولم يكن يدرك أن حروبا أخرى سوف تحيط به من كل الاتجاهات، لأنه فقط الجنوب.
عاد الحوثي ممزقاً يجر خيبته وهزيمته في عنقه من الجنوب، وبدأ باستراتيجية التقوقع والتغلغل في الشمال، ولا تزال عينه ترقب الجنوب بالحقد والكراهية والأعمال الإجرامية والاغتيالات، وذهب الجنوب في محاولة لإصلاح ما دمرته الحرب وبداية لبناء الجنوب واستعادة أنفاسه، والبحث عن استراحة فيها يضع خططه وبرامجه للاستقرار والأمن والازدهار بعيداً عن ذوائق حروب الشمال تجاهه، بالإضافة إلى تحصين الجبهة في مواجهة الحوثي من محاولة أي اختراق للعودة لغزو الجنوب مرة أخرى.
في غمرة الاستراحة من حربه مع الحوثي، لم يستسغ للشرعية ذلك الانتصار، ولم يستحسن "علي محسن" انكسار الحوثي بذلك الشكل المخزي، فأراد مع "هادي" وشلة الإخوان أن يعود الجنوب إلى مربع الحرب، وليس الحرب الواحدة، ولكن إلى تشظي الحرب إلى حروب، وترك الجنوب في حالة من الصدمات المتتالية يصعب معها أن يفيق أو يمتلك قدراته وقواه ويمسك بزمام الأمور ويُعيد الأمور إلى نصابها الأول وتوجيه بوصلة الحرب نحو الحوثي وحده.
إغراق الجنوب بالمشاكل والحروب هي استراتيجية يقودها أساساً "علي محسن" الرجل الذي يحمل أطماعا لم يتمكن من إخفائها، بالإضافة إلى شبق "هادي" للسلطة والكرسي وإن كان من الجماجم، هذه الاستراتيجية هل الحقيقة التي تمثل الوحدة بين الشمال والجنوب، حيث من يقوم بالاشتراك فيها هم ثلة من الشماليين وقليل من الجنوبيين، أولئك الذين يرون أن مصالحهم لا تكون إلا من خلال الفساد والارتباط بالهوامير القديمة المتمرسة في الحروب والفساد الحربي.
بعد فشل الشرعية في حرب الحوثي منذ سبع سنوات، بسبب محاولاتها إغراق الجنوب في دوامة حروب، ها هي الآن ترفض استعادة الأمور إلى مسارها الصحيح، واستعادة المعركة نحو هدفها الحقيقي، وأن يكون الجنوب منطلقاً وقاعدة قوية لأي حرب ضد الحوثي لاستعادة الشمال، وبدلاً من ذلك تقوم الشرعية الغارقة في وحل من الفساد الحربي بعرقلة أي محاولات تقدمها أطراف لها مصلحة في استقرار الجنوب، وتعرقل أي محاولة للتحالف العربي لتصحيح مسار أهدافه التي أعاقت تنفيذها الشرعية وحساباتها الشخصية.
يريدون في شبوة أن تبقى تحت أيديهم من أجل النفط والغاز، أو يتم تسليمها للحوثي كما فعلوا وسلموه ثلاث مديريات كنوع من التهديد ضد قبائل شبوة إذا حاولت التصعيد لاستعادة أمور شبوة وتوجيهها نحو المسار الحقيقي الذي يهدف لحماية المحافظة من توغل الحوثي ومن فساد "علي محسن" و"هادي" وأولادهما ومن إليهم من الأهل والإخوان.
في حضرموت يسعى الشرعيون إلى تحويلها لحظيرة ينهبون منها ما يريدون، دون أن يقوموا بالتزاماتهم تجاه الناس في حضرموت أو بقية المحافظات، وخاصة أنهم يبيعون النفط وبكميات كبيرة دون أن تورد إيرادات النفط إلى حساب البنك المركزي، واليوم لا يريد الشرعيون لأبناء حضرموت استعادة حقوقهم ووقف الفساد الكبير، يحاولون أن يُغرقوا حضرموت في فوضى لا لشيء وإنما ليستمروا في فسادهم، ومن جهة أخرى يشغلون الجنوب عن قضاياه الرئيسية وأهمها الانتباه لغدر الحوثي وعودته لغزو الجنوب مرة أخرى.
يريدون أن يبقى الجنوب في حروب عسكرية واقتصادية وسياسية، لأن ذلك يسهم في تعزيز سلطتهم وبقائهم في فنادق الرياض، ويسهل على الحوثي العودة بشكل أقوى مما كان عليه سابقاً، إننا أمام شرعية لا تستحي، وأمام قيادات فاسدة لا يهمها لا الجنوب ولا الشمال...
السلام عليك يا جنوب.