عادل صالح النزيلي
اليمن بين مكر الإمامة وانتهازية الإسلام السياسي
في 2011 كان الجميع مع التغيير بما فيهم الرئيس (صالح) الذي تخلى عن باقي فترته الرئاسية وتعهد بعدم ترشح أي من أقاربه ولكن النزق الثوري كان يرفع سقف مطالبه.
وكنا نقول لمن تسلم البلاد وكيف ثورة بتحرم المواطن من أقدس حقوقه وهي اختيار من يمثله، كان يمكن للشباب وحماسهم أن يكونوا حصنا للتغيير وحماية الديمقراطية، لكن الإسلام السياسي قفز فوق أحلامهم وجهودهم معتقدا أنه يكسب.
كان لدينا جيش لم يتورط في أي عملية سياسية واحدة وكل حرب خاضها في الدفاع عن الجمهورية بدليل أنه حين كان كل قيادات الدولة برئاساتها الجمهورية والبرلمانية والحكومية والشورى في المستشفيات وقيادة المعارضة في منازلهم بأمان الله والساحات كذلك.
وقف صالح ضد الإسلام السياسي المؤمن بالخلافة والولاية وحاول ترسيخ الديمقراطية كطريق وحيد للسلطة وبهذا نزع الفتوى والمعتقد الديني بأحقية السلطة للخليفة أو الإمام.
وهذا السبب الذي دفع الإسلام السياسي لاغتياله في النهدين ثم في ديسمبر.
اليوم المنطقة أمام تحولات تاريخية تنبذ الإسلام السياسي عبر مراجعة ابن سلمان في المملكة التصحيحية والتنموية والسيسي في مصر.
هنا الأقيال لا أحد يشك في نوايا بعضهم خصوصا أولئك الشباب أصحاب الدوافع الصادقة وإن تملكتهم الرعونة في الصراع، لكن الإسلام السياسي يريد الاحتيال على الفكرة ليعيد إنتاج نفسه وتكون مشكلة اليمن ليست مع الإسلام السياسي وإنما مع الهاشمية فقط.
الإسلام السياسي استهلك مسمى الجمهورية والصف الجمهوري واستنزفه بالاستئثار بالسلطة والثروة وأقصى الشعب حتى من أبسط الحقوق من خدمات ورواتب.
وبذات الطريقة تم استهلاك مسمى الوحدة والسيادة وإفراغ مضمونهما من وعي الناس.
أكبر جرائم الإمامة هي محاصرة رئيس جمهورية في بيته وفرض الوصاية عليه وقتل رئيس جمهورية سابق ورئيس حزب وأمينه العام.
هذه أكبر الجرائم التاريخية التي تضع الصراع جمهوريا إماميا بوضوح وبلا مواربة والانقلاب على نضال الشعب لأكثر من نصف قرن من الزمن.
تحدث مع أي قيل وحاول نقاشه حول الرئيس السابق وشاهد بنفسك النتيجة، لن يعتبر اغتياله جريمة إمامية لا تسقط بالتقادم ولكن سيحاول مجاملتك قليلا وإذا استرسلت بالنقاش معه سيبدأ الهجوم ويبرر لاغتياله.
إذا كان اغتيال رئيس جمهورية سابق وحد اليمن واستخرج ثرواته ورسم حدوده ودافع عن سيادته حتى آخر يوم له بالسلطة ليست محل قداسة عند كل قيل يرفعها في وجه الإمامة فما هي القضايا التي يحاولون إثارتها.
الرواتب؟ التعيينات؟ الثروة؟
الطرف الآخر لديه مصادر إيرادات وسلطة ومع هذا لم يلتزم بشيء تجاه الناس بمعنى أنها قضايا هامشية يستطيع أصغر حوثي تبريرها بشيء من المنطق سواء تتفق أو تختلف معه.
وأما الولاية إذا لم يكن البديل عنها الديمقراطية فما هو البديل؟
حكم الشعب لنفسه كمصدر وحيد للسلطة هذه تزعج الإسلام السياسي بشقيه بما فيهم للأسف الأقيال الذين يحاولون مواراة إسلاميتهم.
ستقول إن معظمهم ملحدون ومثقفون و و و الخ..
طبيعي.. فلو ظهروا لكم بذقونهم ايش فائدة كل هذه الحيلة.
وكون هناك مغرر بهم منساقين مع الفكرة فليسوا ملائكة وهم أيضا ساقتهم آثار الهزيمة إلى العاطفة التي دفعتهم للتطرف، لهذا لا ننزعج منهم لأن قراراتهم تحت ظروف صعبة وغير طبيعية.
هل الأقيال ضد الإسلام السياسي جملة وتفصيلا؟
لماذا يخافون إثبات وجودهم وترسيخ كيانهم؟
لأنهم بالأصل امتداد لكيانات أخرى تحاول التنصل من القدر الذي تمضي به المنطقة كما تحاول انتزاع قواعد الكيانات الأخرى تحت شعارات فضفاضة.
في 2011 كانت الشعارات نبيلة وعندما سيطر عليها الإسلام السياسي تلطخت بالتطرف والهدم.
واليوم الاعتزاز بالهوية لا يمكن ليمني أن يستنكره أو لا يمكن لعربي التقليل منه ولهذا تم اختيار الإسلام السياسي للهوية ومن رحمة الله باليمن أنهم لا يخفون نزقهم المتطرف.
نفس الإرهاب الذي كان ينعت به المتمسك بوطنه رغم إيمانه بضرورة التغيير ضد النزق الثوري والنعت بالبلطجة وأبو الفين فقط لأنك تقول: أنا يمني ومن حقي التغيير عبر الصندوق، يمارس اليوم نفس الإرهاب بتغيير المسمى من بلطجي إلى زنبيل.
دفع صالح روحه في النهدين وديسمبر في مواجهة صلف الإسلام السياسي متمسكا بخيار الشعب صاحب السلطة ومصدرها الوحيد.
هل أنتم ضد الإسلام السياسي ككل أو أنتم أحد وسائل صراعاته!!
في ملازم حسين الحوثي كان يحتقر الديمقراطية، وفي دهاليز الإخوان كان يقال الديمقراطية أكبر أخطاء صالح.
لن أقفز على الواقع الذي عشناه للبحث عن صراعات ما قبل التاريخ.
كان الزعيم قيلاً ويعتز بهويته في نظام جمهوري وكان رئيسا لكل اليمنيين، أما الحركة التي ستختار الأهل والعشيرة فلن أكترث بهويتها ومسماها لأنها لا تمثلني كيمني ويمني بلا إضافات، وإن كانت أهلي وعشيرتي لأنها لن تكون عامل استقرار، بل عامل من قويت عشيرته غلب!
ينتهج الأقيال نهج المشرف العام والوصي على خطابك وسياستك وكادرك الإداري ليضيق عليك الخناق عبر الإرهاب الإعلامي الذي لا يمس الحوثي بقدر ما هو مسلط ضد سياستك وقراراتك كما سمي سابقا بثورة المؤسسات لإفراغك من الصقور والقواعد الصلبة والحديدية والبحث عن الحمائم المهادنة العاجزة عن المواجهة أو التي لا تدين بالولاء بقدر ما تسوقها مشاعر القطيع لتتساقط في أول اختبار أو مطب.
كما يعملون على الطعن بالثقة بين القائد وجمهوره عبر الإيحاء أن المقربين هم سبب ضعف خطابه كما حصل مع العرادة الذي لو لا الله وقيادته الحكيمة وكادره الصلب ورجال القبائل التي تثق فيه لما صمدت مارب.
لم يعبر الحوثي إلى صنعاء إلا بعد إهانة مؤسسات الدولة والجمهورية ورموزها ووجد القبيلي والمواطن نفسه غير راغبة في الدفاع عن كيان تم تقزيمه ليتبادر لذهنها السؤال الملعون أولى خطوات الشيطان "فلنجرب"!
فلنجرب المليشيات طالما وكل هذا يقال بالدولة والنظام والجيش.
فما العقيدة التي نتمسك فيها؟
لم تكن الإمامة بيوم تملك خطابا مقنعا لصغير أو كبير، لكنها كانت تملك أبواق نخبة تهين كل شيء ولا تتورع في الوطن والجمهورية إلاً ولا ذمة.
نخب تهين كل شيء وهي تدعي الحفاظ عليه ثم لا تحافظ حتى على نفسها أو تنال شرف المحاولة.
تقدم مؤسسة الصالح والخلية الإنسانية العديد من مشاريع الخير لماذا لا تثير مشاركة الأقيال والثناء عليها، ولكن برنامج سياسي وضيف يزعزع أركان عرشهم.
لم يشاطروكم أحزانكم ولا وجع شهدائكم ولا ألم أسراكم.
وإنما يقفون كحراس للفضيلة أمام أي خطاب سياسي أو متربصين لكل ما يعتقدون أنه خطأ وفق حساباتهم هم لا وفق حساباتك أنت ككيان حر ومستقل.
خذوها قاعدة: "الذي ينتظر خطأك لا تأمن مكره!".
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك