تمر اليوم الذكرى الحادية عشرة لتفجير جامع النهدين الذي استهدف الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح وعددًا من كبار قيادات الدولة، بينهم الرئيس الحالي الدكتور رشاد محمد العليمي.
ستمضي أشهر، ويتولى نائب الرئيس حينها عبدربه منصور هادي رئاسة الجمهورية، وتمضي عشر سنوات فتُنقل السلطة لمجلس رئاسي هو الآن محط أنظار العالم في قيادة المرحلة الصعبة، غير أنه لا يُستصعب شيء إذا وجدت الإرادة ووُجد التلاحم.
ومن الجميل أن يقود الجمهورية في هذا الوقت بالذات أحد أهم الناجين من التفجير المأساوي في صنعاء، الذي ترافق وتحولات المنطقة.
ولأجل هذا، لا بد أن الرئيس العليمي يستوعب أكثر الجميع معنى الاكتواء وحجم الأسى جراء هذه الصراعات والنزاعات والحروب التي أُفتئت بها وطننا. وهو ما يؤهله أكثر في المكانة الذي يتبوأها الآن ليكون محل ثقة الإجماع الوطني به وأصدقائه المخلصين أعضاء المجلس الرئاسي الذين يعملون كخلية نحل جنبًا إلى جنب في واحدة من أكثر المراحل تعقيدًا.
ليس سهلًا ما يقوم به مجلس قيادتنا، ومن داخل مدينة عدن، وليس سهلًا كذلك أن يكون في مقدمة رافعي هذا الهم المشترك والإجماع الوطني المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة اللواء عيدروس الزبيدي. تبقى القضية الجنوبية على رأس الأولويات بتطلعات جميع قوى الجنوب المتنوعة، وإذ يحل زمن التراص الوطني، فلا شك يمضي معه يلحق به ما سوف يجمع عليه الناس لأجل العيش المشترك، بإحقاق الحلول العادلة لقضايا الوطن الكبرى ونصف معادلتها الوطنية لا شك ما أنتجته آثار صيف حرب 1994 المأساوية.
وإذ يقود الدكتور رشاد العليمي سفينة الوطن الجانحة وسط الأمواج وعلى مرمى النيران الأشد خطرًا، فإنه يمضي وأصدقاؤه أعضاء المجلس صوب معالجات متعددة المهام بتنوع الاتجاهات وتأهب المسار المتناغم والمتباين وحتى المتصادم، ولأجل ذلك هي واحدة من أعقد الطرق المنثنية داخل حقول ألغام.
لكن لعديد المميزات والقدرات وحقيقية تفهم الظرف القائم وصدق التعاطي، فإن تلك اللحظة التي نجا منها الدكتور رشاد العليمي لتكتب له الحياة لاحقًا والتشافي، فإنما لزمن مثل هذا تلتحم فيه المعاني الوطنية الأكثر تعبيرًا عن حاجتنا لقيادة ودولة وسلام ووطن يخلو من الحرب ومليشياواته، لأجيال سوف تأتي، لا شك أن هذا الهامش يفيدها أن تفهم أكثر معنى مؤسسة وإنسان وثقافة وفكر وقانون ومواطنة وتعدد وتنوع وتعايش... الخ.
رئيس المجلس الرئاسي وحده،
والمجلس الرئاسي بكامله معه، لكن لوحدهم، لا يمكن لهم صنع شيء. إنما هم بالجميع يستطيعون فعل كل شيء. كل قوى هذا الوطن الحية لا بد أن تسندهم. أن تنقد أخطاءهم بحق وأن تقف معهم. أن يكون كل إنسان بقلب صاف يصلي لأجل نجاح النضال الذي ليس لشخص بل لشعب.
الطريق إلى أحلام قد تبدو ساذجة من هذا النوع، وأنا أتمسك بكونها عظيمة للغاية، ليست مفروشة بالورود. فقد يحدث شيء وينهار الحلم، ويحدث شيء ونواصل البناء. إلا أنها للتو لحظة تدعو إلى مواصلة العمل لأجل هذه الملامح التي تقدم أغلى ما لديها فنعشق معها الانتماء للفكرة التي كانت مفقودة، والتي خلف فقدانها حدث كل هذا الخراب. ومن وسط هذا الخراب بالذات، نستطيع القول إن ضوءًا يلمع من تحت ركامه ليشق طريقه إلى أعلى قمة للوطن الـ يتسنى له من جديد ربط حاضره بمستقبله بإسناد من ماضٍ قريب وبعيد قد نجد فيه الكثير مما يعزز في أعماقنا الطموح أننا لا بد أن نكون بخير، كما كنا ذات يوم بخير، وأكثر.
لماذا لا يحق لنا كتابة مشهد من هذا القبيل في الوصف؟
يحق أن نرسم بكل ما لدينا من ألوان ملامح كل يمني اكتوى بكل شيء من الانهيار، فنخترع ملامح أجمل في هزيمة كل حرب وخرافة وانتماء مأساوي خارج الزمن.
انتماؤنا للفكرة التي تقول:
"الإنسان لم يخلق للهزيمة أبدًا.
قد يُدمر، لكنه لا يهزم."
بعد كل دمار وخراب بناء.
لكن لا شيء بعد الهزيمة.
لأن الهزائم دائمًا من نصيب الأدعياء مهما توهم الجاهل أن الزمن يمضي بهم للأمام.
أولئك الذين لا يعرفون الجمال، لا أمام لهم. لهم إمام فقط من جنسهم اللئيم. أما لفكرتنا الواسعة في انتمائها لجوهر الإنسان، فلها ولا بد أن يكون معها كل الأمام.