عبدالله الصعفاني
مشاكل الكرة اليمنية.. الحل في منتخب (أبو فأس)!
أتفق مع الحكيم الذي قال: إذا لم تتقدم فأنت تتراجع.
واعتذار اتحاد كرة القدم عن عدم المشاركة في منافسة غرب آسيا للمنتخبات تحت 23 سنة هو تراجع يثير استغراب كل من يفهم في كرة القدم.
لأن المنتخب اليمني الأول الذي سيشارك في خليجي 25 في العراق ليس سوى حاصل اختيار اللاعبين الأفضل من منتخبي الشباب والأولمبي، فلماذا التفريط بمشاركة تأهيلية للاعبي الأولمبي كفرصة طيبة لاختبار اللاعبين الأفضل، خاصة مع عدم وجود دوري محلي، وعجز الاتحاد في تأمين مباريات تجريبية.
رسالة الاعتذار قالت بأن أسباب الغياب (خاصة)، ما دفع للتساؤل عمّا إذا كان هناك من حكّ رأسه كإشارة على وجود شبهة كذب.. واعتذار لأسباب (خاصة) هو اعتذار فَرَض سؤالا: ولماذا هي "خاصة" وكرة القدم تدور تحت الشمس أو الأضواء الكاشفة..؟
ويا ليت من اعتذر أدرك أن التسرع في إطلاق القرارات من أسباب الوقوع في الخطأ.
ولو أن اتحاد كرة القدم اعتذر وكشف الأسباب بالتوازي، ربما وقف أهل الخير معه، وربما جاء حلٌّ محلي، أو حتى من اتحاد عربي أو آسيوي بجرّة شيك.
ولا جدوى من ادعاء أو إنكار، فلم يعد تلقيح جثث المنتخبات اليمنية على الجيران أمرًا خافيًا بشهادة معسكرات توفر مكان النوم والوجبات، ولا توفر مباريات، وإن توفرت مباريات فأمام فريق النادي الرديف على الملعب الرديف لنفس النادي الضعيف، كما يحدث في معسكرات المنتخبات اليمنية في السعودية، فتغيب الفائدة من المعسكر..؟
اتحاد كرة القدم وهو يخفي الظروف الخاصة، ويتأخر ويُلاوع في وضع الحروف تحت النقاط، ظهر في البداية كمن يركب فوق جملين، ومن يركب فوق جملين يشق د………..
هو يريد عزف إسطوانة أن "الشيخ" يدفع كل النفقات من جيبه.. ومن ناحية يريد أن يقذف طوب التقصير على أم رأس الحكومات، لكنه أيضًا مستحي، فكان الجمهور هو الحائط المائل للتضليل.
قالوا في البداية أسبابًا خاصة، ثم تذكروا أنه (لا حياء في الدين)، فرأوا أيضًا أنه لا حياء في الطين.
وعلى أيّ حال، فإن الأمانة العامة لاتحاد كرة القدم اقتنعت بتوضيح الأسباب (الخاصة)، وحوّلتها إلى أسباب (مالية عامة) لتستفيد من أيّ ضخ مالي بعد أن وقع سيف الاعتذار في رأس إحدى فرص التأهيل المبكر للاعبين تحت 23.
لقد صرح أمين عام الاتحاد قائلاً، بالحرف:
“انسحبنا بسبب الضائقة المالية وتعنُّت وزير المالية بعدم صرف الاعتماد، وبأن اتحاد كرة القدم لم يستلم ريالاً واحدًا من وزارة الشباب والرياضة، أو صندوق رعاية النشء والشباب، كما لم يستلم أيّ ريال للنشاط الداخلي، وأن الاتحاد صرف مليار ريال..”.
من أين المليار.. مش مهم التوضيح، وبيوت الدعم الدولي أسرار..
العيب الوحيد في التوضيح لأسباب خاصة هو تأخره، لكن الجيد فيه أنه أثار ما هو راكد، وحمل معه ردود أفعال غاضبة من وزارة الشباب والرياضة في عدن التي اتهمت اتحاد كرة القدم بالكذب، وسارعت لنشر ما يشير إلى دعم حكومي للاتحاد بمئات الملايين، وهكذا وجد الشارع الرياضي نفسه بين اتحاد يعتذر عن مشاركة مهمة لمنتخب رديف لأسباب كانت (خاصة)، ثم صارت (حكومية)، وبين ردود حكومية مندهشة من كذبة (ولا ريال..!).
وهذا الخلاف رغم بروزه على سطح البرْكة الراكدة لا ينفي وجود اتفاق غير مكتوب بين ما هو حكومي وبين اتحاد كرة القدم، مضمونه: فتح المجال لأنْ يتمدد الاتحاد ترهلاً وعبثًا وغموضًا وهربًا من استحقاق الانتخابات حتى بعد 17 سنة من الفشل مقابل ألّا يقوم الاتحاد بتصرفات من شأنها إثارة أيّ شُغلة على أيّ مستوى، مع القبول بما تيسر من الدعم الحكومي، واعتبار التمويل الرئيسي هو ما تقدمه صناديق الاتحادات الخليجية والقارية والدولية.
لكن الاتحاد على ما يبدو ضاق ذرعًا فاستخدم التسريب والتصريح بأن ما من دعمٍ حكومي، الأمر الذي نفته وزارة الشباب هي الأخرى تسريبًا وتصريحًا مع الإبقاء على مضامين اتفاق (يا رب خلي سعيدة لسعيد)، وارزق الجميع نباهة تبويس اللحى الصالحة.
ويبقى الحديث مبتسرًا وقاصرًا بدون الإشارة إلى التقاء ما هو حكومي واتحادي أهلي على وجبات ونفحات منتخبات الناشئين التي يتألق لاعبوها بالفطرة حتى يكبروا سيرًا على أغنية (أخضر من الله لا "خطط" ولا شيء).
* قد يتساءل شخص.. لماذا كل هذا النبش.. اتحاد واعتذر.. ما هي المشكلة.. يحدث هذا في أحسن العائلات الكروية في العالم..؟
والجواب نعم.. هناك في العالم من يعتذر.. كلام جميل ومعقول ومعسول ما اقدرش أقول، ولكن المشكلة أننا نقف اليوم أمام اتحاد يمارس الأخطاء بالجملة والتجزئة، ولا يريد إقامة دوري ولو لترتيب الأندية وتصنيفها.. وعندما تتجدد مواعيد إجراء انتخابات أو إقامة بطولات محلية يقول: نحن في حرب، ويطالب بتدفق الدعم الخارجي بحجة أنه ينشط رغم أنف الحرب، ثم يهمل موضوع النشاط الداخلي، ويعتذر عن مشاركة رديف المنتخب الأول تحت 23 سنة على بُعد فردتي كعب من كأس الخليج.
وهذا التخبط يذكّر أيضًا بوقوع رديف المنتخب الأول (منتخب الشباب) تحت سكين الصدمة من عدم صرف مرتباتهم لخمسة أشهر، وعدم تسليم وعود مكافآت أعلن الاتحاد أنهم يستحقونها، ثم تحولت إلى وعود عرقوب دونما مراعاة تأثير ذلك في نفسيات الشباب وعائلاتهم.
إن الاعتذار عن منافسة غرب آسيا (تحت 23 سنة) يعني حرمان لاعبين من تأهيل أنفسهم للمنتخب الأول بسبب غياب التأهيل المحلي في دوري ساخن أو حتى بارد، ما يفرض اهتمامًا أكبر بالمنتخب الأول، ابتداء من سلامة الاختيار إلى جودة المعسكر والمباريات الاستعدادية التي تجعل المشاركة اليمنية في كأس الخليج القادم منافسة تطوي بها الكرة اليمنية مشاركات سابقة كان فيها منتخب اليمن مجرد سمكة صغيرة تستجدي فرصة المحافظة على لقب منتخب أبو نقطة، وهنا تفرض الاستفهاميات نفسها، ما جدوى أن نهتف بأسماء كل منتخب، وجمال منتخب الناشئين، ثم نَقطع عليهم طرق وصولهم إلى المنتخب الأول في أجواء تأهيل محترمة؟!!
فقط قرارات انفعالية متسرعة لا تقوم بها اتحادات البلدان المتطورة، ولا حتى اتحادات البلدان المتخلفة.
غير أن من الموضوعية الإشارة إلى حسنة احتفال وزارة الشباب والرياضة بمنتخب الناشئين وتكريمهم والوعد برعايتهم، ما يعني الحرص المشترك على إقفال موضوع الاتهامات المتبادلة التي كشفها اعتذار اتحاد كرة القدم عن عدم المشاركة لأسباب حكومية خاصة، ثم إخماد الاتهامات المتبادلة باحتفال حكومي بمنتخب الناشئين الذي يحل المشاكل بطريقة الدهان القديم العجيب.. (أبو فأس.. !)
*نقلا عن موقع اليمني - الأميركي