فكري قاسم
محد يدور الله عند شوية فرغ إلا احنا أبو يمن!
مجتمعنا اليمني مسلم بالفطرة، ويعرف الله ويهابه ويؤمن بجلال عظمته دون الحاجة إلى إقحامهم في ماراثونات الحروب باسم الله.
إحنا "أبو يمن" شعب آمن برسالة وما فيناش للداوية والهدار الكثير.
والإسلام بالنسبة لليمنيين الذين هم أرق قلوبًا وألين أفئدة، دين محبة وعمل، مش هو دين “لوك” و”قُح بُم”.
وهذا تحديدًا ما يجعل منا مجتمعًا يهدر طاقاته كلها في البحث عن “طهور” يخلصنا من عذابات رجال الدين الأفاكين، ولكننا في الغالب لا نجد على السطح غير قتلة ولصوص وجهلة ومصاصي دماء باسم المولى عز وجل.
محد يدور نور الله عند شوية فرغ غيرنا في هذي البلاد، وعشان كذا ما اخترجنا ولا شنخترج وبا نعيش حياتنا كلها في دحيس المذاهب وفي خبيص مناهج تعليم ديني مش قادر يبني صندقة على قارعة الطريق، كيف عادو شيبني بلاد؟
محد يدور شرع الله عند دجالين وقتلة وكذابين ولصوص ومرابين ومنافقين وجهلة إلا احنا أبو يمن، وعشان كذا تبدو حياتنا على هذا النحو من التخبط والدهيج وراء رجال دين ما من أبتهم إلا تعكير صفو الحياة بماراثونات الحروب المستمرة باسم الله.
ولأننا في الأساس شعب عاطفته الدينية غزيرة ما يجعلنا نبحث دائمًا عن “طهور” يطور هذه العاطفة، ويصل بها إلى التقوى وإلى معرفة الله أكثر وأكثر، لكن مع الأسف حظنا من رجال الدين الخالصين اللي يعرفوا الله صح قليل ونادر جدًّا.
وكلما جادت لنا السنون والأوقات برجال دين نتعشم فيهم الخير والصلاح، ونركن بمشاعرنا الدينية على تقواهم وعلى نزاهتهم الذهنية يطلعوا معفنين وأوسخ ألف مرة من اللي قبلهم، ولا يمضي كثير من الوقت حتى نشاهدهم يقحمون الدين في قذارات السياسة وفي خصوماتها وفي مطامع الحياة الفانية أصلاً!
ضاع عمر أجيال من اليمنيين وهم يدوروا الله عند قطاع طرق وعند مفتين يكعفونا مفاهيم مغلوطة تناسب هواهم وأفكارهم ومعتقداتهم الشخصية والفئوية والحزبية.
وخلال قرون من الزمن ما استفادت البلاد ولا استفادوا العباد من كل رجال الدين الفرغ بني الفرغ، غير الخراب والدمار والضغائن في النفوس.
وبدل ما ندور الله ونبحث عن سلطانه بالعلم وبالمعرفة
وبدل ما نشوفه في التطور والتقدم اللي حاصل في العالم من حولنا، جالسين لليوم ندور الله في تفسير ابن كثير وفي فتاوى دينية لا فائدة منها غير أنها استطاعت فقط أن تضاعف من تجهيل مجتمعنا اليمني، وفي جعلنا كائنات تعيش خارج العصر وخارج الزمن.
ومن كان يصدق من قبل أن مجتمعًا في القرن الواحد والعشرين سيؤمن بالخرافات كأنها الخلاص الأخير من شرور الدنيا لو لا أن هذي البلاد صارت على هذا النحو من الفرغة الكبيرة، على أن أعمارنا كلها، جيلًا بعد جيل، تنقضي واحنا على عادتنا ندور الله عند شوية فرغ.
*نقلا عن موقع اليمني - الأميركي