عبدالستار سيف الشميري
هل نتفاءل أم نتشاءم أم نتشائل؟
مهاد..
الشعوب قدرها أن تكون متفائلة وعبر التاريخ كانت دول وشعوب تضع التفاؤل منهجا.
وفي العصر الحديث تعد أمريكا من بلدان التفاؤل ويكاد أن يكون عقيدة، ومثلها كوريا.
في أدبيات أي دعاية لأي رئيس أمريكي قيد الترشح يتم اللعب على بيولوجيا الأمل كعلم وفن من فنون الدعاية والاستقطاب للشريحة التي تسمى محايدة والتي لا تنتمي حزبيا ولا عاطفيا للحزب الذي ينتمي إليه المرشح.
ومن خلال إشاعة الأمل يتم كسب معظمها بحسب قدرة المرشح على النفاذ إلى الجماهير من بوابة الأمل.
المبتدأ..
الزيارات الأخيرة للوفدين السعودي العماني والوفدين السعودي الإيراني لبلديهما أشاعت أجواء من التفاؤل أن باب السلام والحل الشامل ووقف نزيف الحرب بات قاب قوس أو أدنى وحضر السؤال المركزي هل نحن في نهاية النفق وأمام أفق جديد لإنهاء الصراع ووقف نزيف الدم؟!
الخبر..
الغموض هو سيد الموقف حول مستقبل البلاد لا سيما بعد الاتفاق الإيراني السعودي الأخير برعاية صينية ودور عماني عراقي سابق.
ويعود سبب الغموض إلى تباعد الهوة بين الشرعية بمكوناتها وبين الجماعة الحوثية في ظل مسرح عسكري نشط منذ بدايات رمضان.
الجملة..
تكهنات كثيرة تحدثت عن خارطة طريق قيد الإنجاز تعكف دول الخليج لإعدادها بالتشاور مع كل الأطراف تعمل على إنهاء الحرب في اليمن، التي دخلت عامها التاسع.
أبرز التسريبات تتحدث عن خطوط عريضة يتم مناقشتها لإنتاج هذه الخارطة وتشمل الآتي:-
1– هدنة جديدة لمدة ستة أشهر.
2– فترة انتقالية تجمع كيانا سياسيا وحكومة واحدة للشرعية وجماعة الحوثي لمدة عامين..
3– خلال الفترة الانتقالية يتم التفاهم على الحل الشامل وفق رؤية جديدة متفق عليها برعاية أممية وإقليمية.
4– تقول بعض المصادر أن الخطة شبه جاهزة بانتظار تعديلات وملاحظات الحوثيين والشرعية على أن تكون مرحلة السنتين الانتقالية مزمنة بمهام.
5– السماح بفتح كل الموانئ وتدفق النفط اليمني وكذلك المطارات والطرقات.. والإفراج عن جميع المعتقلين.
6– توحيد سعر العملة والبنك والعملية الاقتصادية.
7– في الفترة الانتقالية يتم الحوار حول وضع الجيش والقضية الجنوبية التي تتجه الرؤية الإقليمية والدولية إلى إقليم جنوبي تحت دولة فيدرالية.
8– ضمان إعادة الإعمار إقليمي ودولي.
9– هناك محاولة للتعجيل بالاتفاق كي يعلن في أحد ليالي القدر في رمضان العشر الأخيرة قد تنجح وقد تؤجل لبعض الإضافات.
السياق..
رغم أن النقاط السابقة لن تكون مفاجئة في ظل توازن الضعف بين الأطراف عسكريا واحتمال الاتفاق قد يكون ثمرة الاتفاق السعودي الإيراني الذي بقيت كثير من ملاحقه في إطار السرية
وتشيع أجواء تفاؤل إلا أن التشاؤم من ذهاب البلد إلى منحدر زلق حاضر وبقوة وتؤيده الكثير من المرئيات.
ولذا فإن عدم الإفراط في التفاؤل قد يكون أسلم حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود وهنا يكون أخذ الحذر والحيطة واستخدام صيغه ممزوجة من التفاؤل والتشاؤم.
وهنا يلزم استدعاء المصطلح الذي أنتجه الروائي أميل حبيبي في روايته الشهيرة "المتشائل" وهي مزج بين الضدين ذلك أفضل من ترويج وتسويق الفجر الكاذب.
على سبيل الختم:
غالب الظن أن الاتفاق السعودي الإيراني لن يذهب أبعد من تطبيع العلاقات بين البلدين وتخفيض التصعيد.
وحتى الآن ليس هناك مرئيات لذلك والبدايات دوما عاطفية في كل شيء حتى في الخطوبة والزواج ولا يستبعد أن يكون الأمر برمته تسكين وتجميد كل شيء عند نقطته وفي مربعه الأول من الصراع وتثبيت للوقائع العسكرية على الأرض بغطاء سياسي مع بعض الانفراج في الجانب الإنساني والاقتصادي وضبط إطلاق النار.
ذلك أقصى ما يمكن توقعه، لأننا أمام شكوك كبيرة.. هل نحن أمام اتفاق استراتيجي يعمل على حلحلة قضايا المنطقة واليمن في طليعتها أم أنه اتفاق تكتيكي تريد إيران من خلاله التنفيس لأزماتها الداخلية والخارجية وتحسين وضعها الاقتصادي والنجاة من طوق السقوط الذي يفرضه الشارع الإيراني والخناق الدولي ثم تعود إلى سابق مشروعها بعد سنة أو أكثر بعد أن تتغير ظروفها؟