محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

من يريد الوحدة مع الحوثي.. حتى صعدة ترفض ذلك

Friday 26 May 2023 الساعة 09:10 am

الوحدة السياسية لا يمكن وصفها بالشيء المقدس، لأنها مرتبطة بمصالح الناس، ومتى انتفى هذا النفع الجمعي أصبحت غير قابلة للاستخدام وتسقط عنها كل هالة التقديس، ينطبق هذا الأمر على الوحدة اليمنية بين جنوبه وشماله، حيث كانت الفكرة فيها هو تتبع مصلحة الشعبين، وإقامة دولة تحفظ لهم الكرامة وتبني لهم الدولة، وعلى الرغم من التطورات والمتغيرات التي رافقتها طيلة وجودها، إلا أن الوصول إلى مرحلة البحث وبقوة للعودة إلى سابق العهد والمطالبة بالانفصال، كان مصدره من صنعاء، الأمر الذي تزامن مع سقوط الدولة ودخول إيران لاستباحة صنعاء والهيمنة عليها عبر ميليشيات الحوثي الإرهابية.

اليوم تتجلى مظاهر الانفصال بشكل واضح من خلال الخطوات التي تمارسها السياسة الحوثية في صنعاء، لا شيء يمكن القول عنه إنه يقود إلى رغبة حوثية في بقاء الوحدة السياسية، ولا شيء يدل على أن هناك مسارا يمكن من خلاله أن يجمع الشمال بالجنوب، وكل ما يقوم به الحوثي في محاولة ربط الوحدة بالجنوب وهو الثروة والنفط، وليس شيئاً غيره.

يمكن أن يقبل الحوثي أن يذهب أنبوب النفط من حضرموت إلى صنعاء، وسوف يمثل له ذلك أكبر منجز وحدوي، ولكن في مقابل الرفض الجنوبي للوحدة مع الحوثي فإن هناك مناطق الشمال أيضاً ترفض هذه الوحدة التي يحاول الحوثي أن يفرضها عنوة.

ليس الجنوب وحده يرفض الحوثي، كل مناطق الشمال ذاقت الويلات من هذه الجماعة المتطرفة، ولم تسلم محافظة أو قرية إلا وهي تعاني قسوة الوجود الهيمنة الحوثية، صعدة وعمران وحجة وذمار، تحولت مدنها وقراها إلى مقابر، وخلت بيوتها من مظاهر البهجة ومتع الحياة، تحولت الحياة في مناطق الشمال إلى جحيم لا يطاق، ولذلك يرفض الناس هذه الوحدة وبقاء هذه الجماعة، يلزمون الصمت حتى تحين الظروف وتتسق الأطراف وتلتحم في تشكيلة واحدة وفكرة واحدة وعقيدة واحدة وهدف واحد وهو تحرير الشمال.

التغيير الثقافي والديمغرافي والهوية والعادات والتقاليد وفرض المذهب الواحد والطائفة الواحدة، هي الوسائل التي يجندها الحوثي لفرض وجوده وسطوته على قرى ومدن الشمال، أخذ الأموال والجبايات تحت مسميات دينية مثل الزكاة والأوقاف، وكذلك الضرائب، هي الهدف الذي يقف وراء استخدام تلك الوسائل، بالإضافة إلى شرعنة سيطرته على السلطة وتغليف ذلك باسم الدين والولاية.

ليس للجنوب أي ملامة أن يذهبوا في سبيل حالهم، طالما والشمال لا يزال تحت قبضة الحوثي، وحدهم أولئك الذين يتنعمون بالحياة في فنادق أوروبا وأمريكا ولم يذوقوا ويلات الحوثي وبطشه وسجونه ينظرون إلى الوحدة في هذه الظروف كواجب مقدس، لأنهم لم يشعروا بعد أن كل محافظة في الشمال تريد الاستقلال بذاتها وحكم نفسها بعيداً عن هذه الجماعة المتطرفة فما بالكم بالجنوب!