حسين الوادعي

حسين الوادعي

تابعنى على

"فرج فودة" وأذرع "الإسلام السياسي"

Saturday 10 June 2023 الساعة 05:26 pm

كان فرج فودة يرى أن مشروع الدولة الدينية يتحرك بأربعة أذرع عملاقة.

 الذراع الأول هو الذراع القانونية السياسية عبر فكرة تطبيق الشريعة وأسلمة القوانين.

 وعبر هذه الذراع الضخمة كان الإسلاميون يطمحون لوضع الصبغة الدينية على القوانين، ليتمكنوا من السيطرة على السلطتين التشريعية والقضائية ومن القضاء على القوانين المدنية التي تتيح فسحة من الحريات.

الذراع الثانية “الأسلمة من تحت”، بتديين القوانين وفرض التعليمات الدينية على المجتمع عبر المدارس وعبر التحكم في الإعلام والشارع والأسرة لم تكن كافية.. كان لا بد من استكمالها عبر “الأسلمة من فوق”.

 وكان السلاح الاستراتيجي للأسلمة من فوق هو فكرة دولة الخلافة أو عودة الخلافة أو الدولة الدينية؛ وهذا هو الذراع الثاني لمشروع الدولة الدينية.

ولكي تكتمل عمليتا الأسلمة من فوق والأسلمة من تحت، كان لا بد من استراتيجية مكملة هي “الأسلمة من الجانب”، عبر خلق اقتصاد مواز هو الاقتصاد الديني كذراع ثالثة ضخمة لمشروع الدولة الدينية.

لكن هذه الاستراتيجيات الثلاث كان لا بد لها من سلاح يحميها…. سلاح فعال وصارم وبتار. 

سلاح لا يمكن مواجهته أو الوقوف أمامه، وكان هذا السلاح هو "الإرهاب".

 الإرهاب في شكله الفكري عبر التكفير والاتهام بالردة ومعاداة الإسلام والعمالة للاستعمار ولإسرائيل والغرب؛ والإرهاب في شكله المادي عبر الاغتيال.. الإرهاب بشقه المادي والمعنوي.

ومن المضحكات المبكيات أن نهاية فرج فودة ستكون في تفاصيلها ترجمة لتحليله العميق لظاهرة الإرهاب المادي والمعنوي، كأحد أذرع تحقيق مشروع الدولة الدينية.

اكتمل المشروع الفكري لفرج فودة خلال خمس سنوات، من عام 1984 إلى 1989.

 في هذه الفترة القصيرة، أخرج فرج فودة ستة من كتبه المعروفة، وهي الكتب التي حملت الأفكار الجوهرية التي طورها لمواجهة مشروع "الإسلام السياسي".

هذه الكتب المحورية لفهم مشروعه هي كتاب “قبل السقوط” (1985)، كتاب “الحقيقة الغائبة” (1986)، كتاب “حوار حول العلمانية” (1986)، كتاب “الإرهاب” (1987) وكتاب “الملعوب” (1988).

أما بقية كتبه، فهي تنويعات على الأفكار التي حملتها هذه الكتب.

 فكتاب “النذير” استمرار لأفكاره في كتاب “ما قبل السقوط” مع ارتفاع نغمة التحذير وقرب أمارات سقوط الدولة المصرية؛ وكتاب “زواج المتعة” هو أيضا استمرار لمعركته ضد تطبيق الشريعة؛ وكتبه الأخرى مثل: “نكون أو لا نكون”، و“حتى لا يكون كلاما في الهواء”، و”شاهد على العصر”، فهي عزف سريع على الأفكار التي صاغها في المحاور الأربعة للدفاع عن الدولة المدنية والديمقراطية والحرية، ضد مشروع الاستبداد الديني والإرهاب المسلح.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك