وضع اليمن معقد، ومن الصعب جداً الحديث عن نجاع التسويات السياسية في بلد معضلته هو "غياب الدولة"..!!
ناهيك عن كون اليمن حقل صراعات داخلية معززة بدعم إقليمي، وساحة صراع نفوذ، أي أن المشروع الوطني الجامع مغيب تماماً.
فأهم معضلة أساسية معطلة للسلام هي "الحوثية" كحركة جهادية متصلة ومرتبطة بالخمينية "مشروع إيران التوسعي" والتي هدمت العملية السياسية وعطلتها في 21 أيلول 2014 بدعم إيراني واضح أكده وزير الخارجية الإيراني آنذاك جواد ظريف عندما قال: لقد أصبحت صنعاء رابع عاصمة عربية تابعة لطهران.
هذه الجماعة الثيوقراطية مترسنة بأيديولوجية غير قابلة للآخر ولا تؤمن بالمواطنة، اضافةً لكونها جزءاً من منظومة الحرس الثوري الإيراني.
وعندما نستبعد نجاعة المسارات السياسية في اليمن، لا يعني ذلك أننا نرفض مساعي الأمم المتحدة والإقليم في الدفع باتجاه عملية سياسية في اليمن تنهي حالة الحرب والصراع، وتدشن لمرحلة جديدة، لكن الواقع الماثل في اليمن غير قابل للتطبيق حتى وإن تم التوقيع على خارطة الحل المقدمة من الأمم المتحدة، التي اطلعت عليها من مصادر خاصة، فهي ترتكز على ثلاث مراحل كـالآتي:
المرحلة الأولى متعلقة بوقف إطلاق النار وهدنة والجوانب الإنسانية وملف الأسرى والطرقات والمواني والمطارات واستئناف تصدير النفط والغاز من قبل الحكومة الشرعية والاتفاق على إدارة اقتصادية ووعاء إيرادي موحد.
لنقف هنا عند هذه المرحلة قبل الخوض في تفاصيل المراحل الأخرى..!
مدة المرحلة الأولى ستة أشهر وأعتقد أنها لن ترى النور خلال عام كامل، وستكون هناك خلافات حول الملف الاقتصادي، فالحوثي يريد ان يكون البنك في الحديدة، كما انه لن يقبل بترحيل ملف الانسحاب لقوات التحالف إلى المرحلة الثانية سيضع الحوثي انسحاب التحالف ضمن المرحلة الأولى ومقدمة لكل شيء.
وهذا أحد العوائق التي تؤكد استحالة المضي في الاتفاق الذي يتم مناقشته، وسيصر الحوثي على هذا الملف خصوصاً انه يعيش حالة من الانتشاء الوهمي الذي تحت خيالات القصف الذي يزعمه، فقد خلقت له "7 اكتوبر" منفذا للهرب من الاستحقاقات المتعلقة بالرواتب التي كادت أن تخنقه وتسقطه بانتفاضة شعبية، لكنه وجد في 7 اكتوبر معبرا جديدا للتهرب من الاستحقاق وللتحشيد ايضاً.
فالحوثي يحشد متطوعين لغزو الساحل التهامي وشبوة عبر حريب تحت شعار القضية الفلسطينية وقتال الصهاينة..!
ولا سبيل من أجل إحلال السلام في اليمن إلا من خلال إعادة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية وحصارهم وفرض قيود على حركة قياداتهم، وتفعيل الجانب العسكري في الوقت المناسب والذي بدوره قد يدفع الحوثي بالقوة للجنوح للسلم الذي يحقق لليمنيين دولتهم الوطنية مع وضع اعتبار أساسي لمستقبل الجنوب بما يتوافق مع تطلعات الناس التي تتطلب منحهم الحق في تقرير مصيرهم ومستقبلهم السياسي.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك