مُسَرْنَم بن نبهان
"ذمار الدولي" بين أهم 10 مطارات في العالم، وحاكم ذمار يعدّه تأكيداً على عالمية "النموذج اليمني"
شهد مطار ذمار الدولي مطلع الأسبوع الجاري انطلاق أولى رحلاته الرسمية المتجهة إلى مطار باريس شارل ديغول الدولي عبر طائرة A321 التابعة لشركة خطوط "مَعبر اير" الأكثر شهرةً بين شركات الطيران منخفضة التكلفة على مستوى اليمن والخليج وإقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويأتي استئناف مطار ذمار الدولي تشغيل عملياته الجوية وفتْح أبوابه أمام المسافرين بعد توقُّفٍ دام حوالي عامين، تخلَّلتهما أعمال صيانة كاملة وتوسعة شاملة لمختلف مرافق المطار الذي بات يحوي صالة مسافرين عملاقة، تُنافِس في حجمها وقدراتها التشغيلية وحجم استيعابها وسهولة إجراءاتها المعزَّزة بأحدث أنظمة التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي أهم وأكبر عشرة مطارات على مستوى العالم.
وبعد أعمال الصيانة والتوسعة التي أُعِيد فيها دمج صالات المطار السابقة الثلاث (أ، ب، ج)، وإعادة تخطيطها وهيكلتها، أصبح المبنى صالة مسافرين واحدة حديثة مُتصلة وممتدة، (ترمنال واحد)، وذات تصميم فريد يمزج بين إرث العمارة والفن الذماريَّينِ واللمسة العصرية المستوحاة من أعمال المهندسة الشهيرة الراحلة زها حديد، وبمساحة عشرات ملاعب كرة قدم، يدخل إليها المسافرون ويغادرون منها بسلاسة ويسر.
وبحسب مدير عمليات المطار، في تصريحٍ خصَّ به وكالة أنباء جمهورية اليمن الاتحادية (أجيت)، فإن الصالة تضم مئات النوافذ والشبابيك لخدمة المسافرين، موزعة بين أكثر من 100 شركة طيران يمنية وإقليمية وعالمية تنقل بين مطار ذمار الدولي وأكثر من 150 مطاراً حول العالم. وتحتل شركات الطيران اليمنية (مثل يمني اير، وفلاي يمني ساوث، وفلاي يمني نورث، ومعبر اير، وشِحْر الشرق اير) الـ120 شباكاً الواقعة في منتصف الصالة، موزَّعة بينها بحسب حجم أسطول وحركة وعدد مسافري كلٍّ منها، لكنَّ شركة "معبر أير" تَشْغَل وحدها وقت الذروة أكثر من 50 شباكاً.
وبات عدد جسور التحميل بين الصالة والطائرات في المطار بعد التطوير والتوسعة أكثر من 200 جسر، وبات المطار يضم أربعة مدارج مُهيَّأة جميعها لاستقبال الطائرات العملاقة من ذوات البدن العريض، مثل ايرباص A380 وبوينج 747 وايرباص A350 وبوينج 787. وأضاف مدير عمليات المطار إنه تم إعداد المدرج الشرقي بمواصفات خاصة تجعله مجهزاً لهبوط طائرة الأنتونوف العملاقة الأكبر في العالم، أنتونوف إيه أن – 225 ذات الستة محركات، التي دُمِّرت النسخة الوحيدة المتبقية منها في أوكرانيا على أيدي القوات الروسية، وكان مطار ذمار الدولي هو الوحيد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي كانت ستقصده طائرة الشحن هذه الأكبر من نوعها، لولا خروجها نهائياً عن الخدمة.
وانتهز مدير عمليات مطار ذمار الدولي الفرصة للتذكير بحجم الخسارة التي تُلحِقها الحروب بحركة الطيران التجاري والسفر والمصالح الدولية عبر العالم، مُذكِّراً المجتمع الدولي بأهمية وحكمة نهج إقليم ذمار بشكلٍ خاصة وجمهورية اليمن الاتحادية بشكل عام، التي كانت حرب التحرير قبل ثمانين عاماً هي آخر حرب خاضتها، ومن يومها وجمهورية اليمن الاتحادية العظمى متفرغة للتنمية والتطوير، وتنعم بالسلام، ولم تشهد أي صراعات أو حروب داخلية كانت أو خارجية.
وحضر حفل تدشين عمليات المطار المحدَّث حاكم ذمار الجديد الذي تنتهي ولايته الأولى بعد عامٍ ونصف من الآن، وإليه يرجع الفضل في تسارُع عجلة التنمية في الإقليم منذ فوزه قبل ثلاث سنوات ونصف بمنصب الحاكم مُرشَّحاً عن حزب "التنويريين التقدميين" (ويُشار إليه اختصاراً بحزب تاء تاء)، مُنهياً بفوزه عهد الحاكم السابق الذي شهدت في عهده التنمية الإقليمية والإصلاحات أكبر عملية تباطوء، بسبب سياساته الحمائية النابعة من خلفيته المحافظة كقيادي بارز في حزب "العودة إلى الجذور" (المعروف بحزب عج).
ونوَّه حاكم ذمار في حديثه مع موفد (أجيت) بالدور الحيوي الذي سيلعبه المطار كرافد مهم لحركة التجارة والسياحة والشحن وتنقُّل المسافرين بين اليمن ومختلف مدن العالم، لافتاً إلى أن مطار ذمار الدولي بإمكاناته الجديدة سيُخفِّف الضغط على المطارات اليمنية المجاورة، خصوصاً على مطار عُتْمَة الدولي الذي ظل على مدار عامين من توقُّف عمليات مطار ذمار الدولي يتعامل مع ما بين 1000 إلى 1500 رحلة جوية في اليوم، وبمعدَّل 250 ألفا إلى 300 ألف مسافر في اليوم.
ولفت محافظ ذمار إلى ما بات يُعرَف على نطاق عالمي بـ"النموذج اليمني"، قائلاً إنه في الوقت الذي تغرق فيه بعض دول الشمال العالمي في دورات حروب وصراعات لا أفق لنهايتها، وفي الوقت الذي عادت فيه بعض دول الإقليم إلى الانكفاء والراديكالية السياسية والاجتماعية، فإن جمهورية اليمن الاتحادية العظمى مستمرة في نهجها الرامي إلى وصل دول وشعوب العالم ببعضها عبر توسيع قنوات ووسائل التواصل والاتصال، وتقريب المسافات وتيسير التنقلات، وترسيخ العلاقات القائمة على تبادل المنافع والمصالح، وتعزيز التفاهم الثقافي والقيم المشتركة.
وسيتعامل مطار ذمار الدولي في مرحلة التشغيل الأولى التي ستكتمل بانتصاف العام المقبل مع 2000 إلى 2500 رحلة جوية في اليوم، معظمها لنقل المسافرين وبعضها للشحن الجوي، على أن يتضاعف المعدَّل مع بداية مرحلة التشغيل الثانية ليُعوِّض حالة الإيقاف المؤقت لبعض المطارات المجاورة التي ستخضع بدورها للصيانة والتطوير والتوسعة، في إطار خطة فيدراية مموَّلة جزئياً من الحكومة المركزية لنقل المطارات الرئيسية في مختلف الأقاليم اليمنية إلى مصاف المطارات العالمية الكبرى.