كل عام وأنتم بخير وصحة وسعادة وسلام وازدهار واستقرار..
أقولها لكل الأهل والأحباب والأصدقاء والزملاء والرفاق وكل أهليهم ومحبيهم وكل أبناء وبنات هذا الوطن الحبيب من أقصاه إلى أقصاه.
قبل سويعات غادرنا واحد من أكثر أعوام عمرنا سوداويةً وقبحاً ومرارةً وانهياراً، بالنظر إلى ما يشهده عالمنا من تراجع مرعب ومخيف للقيم الإنسانية التي بقيت متجذرة في أخلاقيات وسلوكيات البشر حتى في أسوأ أزمنة الحروب والعدوان والأوبئة والجائحات الصحية والاجتماعية والسياسية والعسكرية.
لقد اعتدنا ومع انصراف كل عام وقدوم كل عام جديد على تكرار الأمنيات والتهاني والتعبير عن الأحلام والتطلعات الجميلة التي نرجو الله أن يحققها لنا، وغالبا ما نكرر نفس المعاني ونفس المفردات دون أن ننتبه بأن معظمها لم يتحقق، وقد لن يتحقق قريباً، لكن إيماننا بالقدرات الإلهية الخلاقة ورهاننا على حتمية التغيير كقانون من قوانين الحياة الطبيعية والمجتمعية هما ما يجعلاننا ننتظر تحقق الأماني التي نسعى إليها ونتمنى بلوغها.
* * *
عندما كنت صغيراً وبعد أن تعلمت مبادئ القراءة والكتابة وحفظت بعض أجزاء الكتاب الكريم، وعندما كنا نذهب لأداء صلاة العيد في قرية القاهر (قاهر بن حلبوب) في خميس العمري اليهري من يافع، كان العاقل المرحوم الحاج هيثم حيدره (عاقل خميس العمري) -عليه رحمة الله- يعتلي منبر الخطابة ويتلو خطبة العيد وينهيها بالدعاء لنصر الإسلام والمسلمين وتدمير الشرك والمشركين والقضاء على الظلم والظالمين ونصرة المظلومين، وهذا شأن كل مساجد وجوامع ومصليات البلدان الإسلامية في كل قارات المعمورة، أقول كنت أعود مبتهجاً وبانتظار العيد القادم الذي سيكون فقط للمسلمين وللحق والعدل، ولن يكون فيه بعد ظلماً ولا ظالمين، وستنقلع دولة إسرائيل الظالمة وسيكون العرب والمسلمون أسياداً للعالم، لأنهم وحدهم من يراهنون على الله الواحد الأحد الحق العدل القادر على إزالة المتكبرين والظالمين والمتجبرين والطغاة المستبدين.
ولكنني اكتشفت بعد مرور كل عيد ومجيء كل عيد جديد أن أوضاع العرب والمسلمين، والمظلومين عموماً تزداد سوءًا، وأن الطغاة الظالمين والمستبدين والعتاة والمتكبرين هم دائما الذين يعيشون الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار وكل ما ندعو الله أن يحققه لنا، رغم أنهم يخالفون إرادة الله الحق العدل نصير المظلومين.
ولكنني ما إن تذكرت قوله تعالى في سورة الرعد: "إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم"، وقوله تعالى في سورة النحل: "وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" حتى تبين لي أن من أراد أن ينتصر للعدل ويريد إنهاء الظلم إنما عليه ألا أن يعتمد على صناعة أسباب انتصار الحق على الباطل، وأن الله لا يستجيب لدعائك وأنت تغادر المصلى ثم تنصرف إلى اللهو واللعب وتدع الظالمين يفعلون ما يشاؤون متكئاً على استجابة الله لدعائك وأنت لا تفعل ما يوجب استجابة الله لهذا الدعاء.
ونحن نودع عاماً ونستقبل عاماً جديداً، ومع كل ما تعرضنا له في هذه الوقفة السريعة فإن هذا لا يمنعنا من التفاؤل والتطلع لمستقبل أفضل مما نحن عليه اليوم، فنحن لا نتمنى الشر لأحد لكننا ندعو الله في علاه أن يمنحنا ويمنح البشرية جمعاء الخير والسلام والأمان والرقي والازدهار والسكينة والتسامح والتعايش والعدل والنماء
"والله على كل شيء قدير"
وكل عام وانتم بخير.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك