انتهى رمضان ولم تنتهِ أحزاننا، وهلَّ العيد وما زالت انتكاساتنا تتوالى، وما زلنا بخيط عنكبوت معلقين بين الهاوية والهاوية، على شفا جرف هار نرتجي النجاة.
مُثقلٌ هذا البلد بأوجاعه وأوجاع قاطنيه.. مُثقلٌ بركام التعقيدات والمشكلات التي تصر أن تشد من أوارها، وتُعلي من نياحها والعويل.. مُثقلٌ بعدم التصالح مع الذات وعلى الغير والبغضاء ما زالت في تصاعد، والنقمة على البلد ما زالت تتوسد الوجوه العابرة إلى مجهول نتمنى لو نعرفه.
تتجاذبنا أحداث كثيرة مؤلمة تكمن فينا تفاصيل للأوجاع والشتات، ولم نر في هذه التفاصيل سوى وطن يلفظ أنفاسه الأخيرة ويبدو أنه على مشارف الاحتضار في ظل تزايد لعلعة البنادق وجبروت المتسلطين والنافذين ومن لا يزالون يجلسون على تقيحات جروحاتنا بأقدام من لهب وأخوة أعداء يقتل كل منهم أخاه بدم بارد بينما يدعون أنهم يعرفون إنسانية الإنسان ويعرفون السلام ولغة الإسلام الحنيف.. فلو كانوا يعرفونه ويخشون نقمة الإله وعقوبته لما كان القتل لهم مثل شربة الماء وأهون كثيرا..
حالنا من الأسى لا ينضب غير أنه يتفوق عليه بعدد الأحقاد التي تناسلت والطعنات التي توالدت على هذا الوطن وفي خاصرة هذا الشعب المنكوب.
أحداث شتى عبرت على سماء عيوننا، قذفت بنا إلى خانة اليأس من إمكانية تعديل مآسينا ولو حتى قليلا فاقمت من عدم إحساس المواطن البسيط بالأمن والأمان والهوية والوطن.
لَكَمْ نشعر بالخزي والعار كلما تعاقبت السنوات ونحن ما زلنا على هذه الحال من المعاناة والجور والموت السريري في بلد غدونا فيه أشباه أموات.. والمصيبة الكبرى أن كل هذا يحدث ومن في سلطة المهاجرين والأنصار يغضون عنه الطرف وكأنه لا يعنيهم في شيء وتمر عليهم معاناتنا بردا وسلاما ويزدادون نشوة كلما زادوا فينا دهسا وتنكيلا، وأثبتوا بأنهم عديمو الولاء للوطن وللإنسانية والأرض والإنسان..
بوح الحرف:
شغف البقاء والنقاء يستدعي الصبر الجميل على عثرات الدروب ومواجع المنحنيات والأحلام الشواهق.. فما أحوجنا للتزود بنسائم الأمل لتجتث ما بأعماقنا من غبار الطريق.. فالأمنيات فخ الأوجاع ووتر الحياة المسكونة بهاجس الاستمرارية.. أوتار اليقين لا تدركها إلا تمتمات الأمل.. فلنتفاءل.. لننجـو.