تعتمد إيران استراتيجية التهويل والضخ الإعلامي في كل شيء حتى في صناعاتها العسكرية وقوتها وشعارات عدائها وتطبق هذه الاستراتيجية أذرعها كذلك، ومن قاصف إلى شهاب، إلى الأسلحة الاستراتيجية إلى القوات الجو فصائية والغواصات البحرية والمريخية إلى صواريخ فرط صوتية والمئات غيرها من التهويلات الإعلامية..
ابتداء من قصف إيران للقواعد الأمريكية كردود انتقامية ومنها -على سبيل المثال- قصف القواعد ردا على مقتل سليماني والمهندس وغيرها وانتهاء بقصف إسرائيل بعدد 400 صاروخ وطائرة مسيرة ردا على قصف سفارتهم بسوريا يلاحظ بأن السمة المشتركة وفي كل عملياتها أو حتى عمليات أذرعها هو التهويل الإعلامي المرافق والمصاحب لكل عملية على الرغم من النتائج الصفرية والسبب أن هذه العمليات تستهدف أساسا الشارع الإيراني والقطيع العربي المصفق والمتخلف وجماهير وأتباع محور المقاومة ولعدة أسباب:
أولا:ً الخروج بماء الوجه أمام هذه الجماهير وثانيا: الحفاظ على انتفاخ بالونة القوة العسكرية لها ولمحورها والتي نفختها لعقود وخوف اهتزاز الصورة وفقدان الثقة مهما كانت التضحية المقدمة كبيرة ومهما كانت النتائج صفرية وهذا بالنسبة لإيران السبب الأكثر أهمية، ولهذا لا تجد إيران الحرج في عمليات كثيرة من التنسيق المسبق مع الطرف الآخر.
في عملياتها الأخيرة ضد إسرائيل أعلنت إيران مباشرة عدد طائراتها المسيرة وصواريخها المتجهة إلى إسرائيل ب400 طائرة وصاروخ. رقم مهول هذا الرقم يبيد مدنا بكاملها وليس مجرد أهداف عسكرية محددة، هذا الرقم غير المنطقي نظراً لآثاره الصفرية حتى بالوصول إلى إسرائيل حشد الإعلام والناس حوله تضخيم قوة، تهويل إمكانيات، شجاعة وتحدي إيران القوية، 400 صاروخ وطائرة مسيرة.. قوة القوة كما ردد قطيع محورها وهو ما كانت تحتاجه إيران، الإلهاء الرقمي والتضخيم والتهويل الإعلامي بمدى جرأتها وقوتها وعنف ردها، لا تهم النتائج.. منطقيا وحسب ما تم إعلان إسقاطه وسقوطه لن تتجاوز أصابع اليد.. 18 طائرة مسيرة سقطت وأسقطت بالأردن وبمنطقة النخيب بالعراق وبالحدود السورية الأردنية.. أين الأربعمائة طائرة وصاروخ.
بالمقابل تعتمد إسرائيل في عملياتها على الكيف نظراً لوجود أهداف محددة بالنسبة لها ومرسومة ومخططة ولها نتائجها، حيث لا تحتاج مثلاً لتصفية قيادات كبيرة بحجم ثقيل وبشكل جماعي لأكثر من طائرة مسيرة أو طائرتين وبصمت ودون ضجيج أو بحث عن فيديوهات وتهويل إعلامي.
لو قمنا بحسبة سريعة لعدد العمليات الإسرائيلية والأمريكية ضد إيران سواء بالداخل أو الخارج سوف تكون النتيجة نسبة تحقيق الهدف 99٪ نتائجها مستقبلية، أهدافها كبيرة، تكاليفها أقل. ابتداء من نسف وتدمير قواعد الحرس الثوري بعدها وعتادها داخل سوريا، ولبنان والعراق وحتى داخل إيران وانتهاء بتصفية العشرات، إذ لم يكن الرقم قد تجاوز المئات من قياداته العسكرية وفي مختلف بقاع الأرض.. ومنها ما أعلن عنه ومنها ما لم يتم الإعلان عنه، بينما نتائج كل العمليات الإيرانية ضد إسرائيل أو أمريكا وليس الآن فقط، بل منذ خمسين عاما صفرية. صفرية. صفرية تماماً.
وأخيراً. حصلت إيران من ردها على التهويل الإعلامي الرقمي (400 صاروخ) ضخ إعلامي عن إيران القوية التي قصفت إسرائيل وغيرت المعادلة وكسرت الحواجز، خرجت بماء الوجه أمام قطيعها الأحمق، أما العاقل فبصق على وجهها وعلى أكاذيبها.. وهو ما أرادته وبشكل سريع، ولهذا سارع مندوبها بالأمم المتحدة إعلان انتهاء عملية الرد وبشكل سريع وقبل وصول أي طائرة منها أو صاروخ إلى إسرائيل ولم تصلها أساساً، وحصلت إسرائيل بالمقابل على ضوء أخضر وتأييد عالمي وتفويض شعبي داخلي لاستكمال عملياتها بغزة واستكمال أهدافها بتصفية قيادات الحرس الثوري وقواعده ومنشآته وسلخ جلده ونزع مخالبة داخل إيران وخارجها وتحت (حق الرد) أو بدون، فهذا مشروع وهدف لا بد من استكماله، ولهذا نلاحظ بأن إسرائيل ومؤسساتها العسكرية يضعون أياديهم بمياه باردة وبتصريحات هادئة لا تخرج عن عنوان (الرد قادم) وفقط لا غير.
نظام الملالي المتخلف وحرسه الثوري وأذرعه الحقيرة يخسرون، الشعب الإيراني يكسب، والتغيير هدف عالمي لا تراجع عنه. وبالهداوة.
من صفحة الكاتب على إكس