كلما أرادت عصابة الحوثي، سلطة الأمر الواقع في صنعاء، أن تمرر شيئًا "دُبر بليل" تريد فعله أو تغطيته أطلقت العنان "لدواشينها" لبدء "الحملة"، إما لتمهيد الوضع أمام المجتمع لتقبل إجراءاتها التي سوف تفعلها وهي مخالفة للقانون، أو إشغال المجتمع عن شيء فعلته وأصبح المجتمع ناقماً عليها بسبب فعلتها.
ونحن الآن أمام حدثين يُمكن تغطيتهما بإشاعات أو قضايا يتبناها دواشينها في صنعاء.
فالقضية الأولى هي قضية المبيدات الزراعية القاتلة التي تدخل ويُسمح لها بالدخول في مناطق سيطرة الحوثيين وتحت مسمى توجيهات رئاسية بالسماح لها بالتداول. وهذه قضية خرجت عن سيطرتهم وأصبحت متداولة، وكيف أنهم يتاجرون بالقضايا الجوهرية كما يدعون في مقاطعتهم لمواد غذائية واستهلاكية لا تضر المواطن او تقتله من منطلق دعمهم الكاذب للقضية الفلسطينية كونها تأتي من دول تدعم الكيان الصهيوني، بينما يُسمح وبتوجيهات رئاسية بدخول مبيدات زراعية قاتلة من إنتاج مباشر لشركات تتبع الكيان الصهيوني ودول كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها للداعمين للكيان الصهيوني الجاثم على فلسطين وأهلها، وهي مبيدات زراعية أثبتت التحاليل المخبرية أنها السبب الرئيس في الإصابة بأمراض السرطان وأمراض تؤدي للمعاناة ووفاة المواطنين.
أما القضية الثانية فهي ما سترونه قريباً من إجراءات ستتخذها جماعة الحوثيين لتحد من الحريات وتصادر حقوق الإنسان لصالح ضمان حكمها وسيطرتها.
فتخيلوا معي سائق دراجة نارية يختلق القصص الفكاهية تحت مسمى "قصص يومية" والجميع يعلم كم مثل هؤلاء المهرجين والدواشن، ليصبح لمحتواهم التافه مكانة في مجتمع لم يجد من قهره وكمده إلا أن يضحك وينسى واقعه الأليم.
ليعلن سائق الدراجة هذا عن حملة ضد كل حريات الآخرين، فنشر فيديو لفتيات مع أشخاص يقربون لهن، وهو فيديو قديم يغنون ويفرحون بلا أي مظاهر تدل أن هناك شيئا غلطا، إلا أنه وتحت عناوين العزة والكرامة، وكيف أن هذا الأمر يمكن أن يحدث في اليمن، مخاطبًا القبيلة والنخوة في المجتمع الذي يسير بعادات وتقاليد مغلقة، لتبدأ بعدها الخطوة الأولى في إشغال المجتمع بمواضيع تافهة نشرها أحد "الدواشن التافهين" لتتحول إلى "ترند" وسجال عنيف بين مؤيد ومعارض لينسَ المجتمع قضاياه الأساسية من "راتب منقطع وحقوق مصادرة وقضايا مجتمعية تقتله كالمبيدات وغيرها"، ليبدأ مسلسل الجدال بين المجتمع كـ"هم عائلة.. هو صاحبها.. هو اخوها.. فيديو قديم.. استغلال.. نخوة غائبة.. قبيلة طاغية و و و ... الخ" من مصطلحات تغييبية لجوهر المشكلات المجتمعية.
وبالآخير تتجاذب الآراء بين مؤيد ومعارض ولكن يبقى الأهم والسؤال الواقعي ماذا بعد؟
لقد ذكرت لكم في بداية مقالي هذا ماذا بعد هذا كله: لأنه أصبح أسلوبا رخيصا وواضحا للعامة، ولكن التغييب الافتراضي يعمي الأبصار بعض الوقت، إلا انه لو فكرنا قليلًا سنجد أنه كلما أرادت عصابة الحوثي تمرير شيء قادم وهي تعلم انه مخالف للدستور والقانون، او انها تريد تغطية شيء فعلته مخالف أيضًا للدستور والقانون، فإنها تُطلِق العنان لناعقيها ودواشينها لبدء التغييب الافتراضي للمجتمع.
ومن رأيي ومتابعتي لهذه العصابة الحوثية فإنها مقبلة على حملة قد تحُد من كل الحريات والحقوق الانسانية في مناطق سيطرتها بعد تكشف زيف متاجرتها بالقضايا الوطنية والإقليمية وبدء نقمة المجتمع عليها.
ولستُ بصدد الأخذ والرد في موضوع الفيديو والبنات والأولاد الظاهرين بالفيديو، لكني معنية فيما يحدث من تغييب مجتمعي وما سيحدث من انتهاكات لحقوق المواطن المغلوب على أمره.. والأيام القادمة كفيلة بتوضيح الواضج وكشف المزايدات الكاذبة..
وما حدث ويحدث ما هو إلا مقدمة لأمر جلل أو تغطية لأمر قد حصل.