الرئيس العليمي يحسن صنعاً في خطاب حصيف ألقى بظلاله على كافة أفياء الوطن الجريح والمثقل بالدم وتبعات حرب نُحت لها اسم مقدس ليكتب على اليمنيين أن يتجرعوا ويلاتها إلى اليوم. انها حرب الوحدة 94م.
لخص فخامته في كلمته بالأمس أهم عناصر الصراع، السلطة والثروة، ومراكز الحكم المقدس، متعهداً بإنهاء الصراع حولها.
ثمة حقيقة أن 22 مايو منجز يواجه امتحانا صعبا لدى جزء من الوطن يرى أنه قدم دولة وثروة واختصر مراحل الزمن، ليواجه النكران لحقوقه وتاريخه، وتصادر إرادته، وبالتالي تخلى عن حالة الاحتفاء بالمناسبة، منذ سنوات تراكمت معها المطالب وتعاظمت الاستحقاقات لتصل لفك الارتباط واستعادة الدولة الأساس في تحقيق المشروع الذي توقف عند نقطة الانتقال إلى مشروع الدولة،
وفي المقابل يحتفى الجزء الثاني بحماس زائد نحو ذلك الهدف الذي تحقق في غفلة من التاريخ، ويرون أن نموذجهم كان الأفضل قياسا بما تلاه، متجاهلين أصحاب الشراكة في تحقيقه الذين لهم موقف من عدم بلوغه أهدافه في التحول إلى دولة منشودة، بل وينظرون لما تم مجرد اختطاف يحتاج إعادة نظر، وعلى ذلكم الأساس نشأت القضية الجنوبية، وحظيت بتأييد وجسدها الرئيس العليمي، حينما اعتبرها من مرتكزات الوحدة..
المتحمسون بدون وعي أصحاب تعميد الوحدة بالدم -لتبرير الحرب العبثية، التي شنها نظام المركز الطائفي والقبلي لتخريب مشروع الوحدة وإعاقة التحول لذلك المشروع العظيم إلى دولة، تخرج اليمنيين جميعا من دوامة الصراعات ودائرة التخندق حول مشاريع صغيرة - يتحملون فشل مشروع الوحدة بالدم الذي قادنا إلى حروب متناسلة ما زلنا نعيش ويلاتها.
من المؤكد أن وحدة الحرب، لم تعد باقية بفعل الرفض لها والناس تبحث عن صيغة جديدة للوحدة تكون بترجمة الوحدة إلى مشروع دولة مدنية حديثة، أساسها البنى المؤسساتية، والمواطنة المتساوية وحقوق الإنسان.
ولعل فخامة الرئيس العليمي قد ترجم ذلك بالأمس في كلمته التي طرح فيها محدادات واضحة لمشروع الوحدة في الالتزام بشراكة واسعة في السلطة والثروة، وإنهاء مركز الحكم المقدسة..
وعد الرئيس العليمي التحولات التي أعقبت 94م وصولا لمواجهة الانقلاب الحوثي تصب في اتجاه تصحيح مسار الوحدة.
والثابت أن الوحدة لم تتحول إلى مشروع وطني لدولة مدنية حديثة، تتحقق في الشراكة الوطنية للسلطة والثروة وتذوب فيها مراكز الحكم التقليدية.
خطاب الرئيس كان متوازنا وملبيا لطموحات الجميع، يجمع ولا يفرق بعيدا عن الشطط والزيف، ومحققا للرؤية التصالحية.
وفيه إقرار أن الوحدة بنموذجها القديم لم تعد صالحة، وعلينا البحث عن صيغة جديدة، تنقل المشروع العليل إلى مشروع وطني تترجم فيه آمال الجميع وتنبثق عنه دولة مدنية حديثة.
من صفحة الكاتب على الفيسبوك