كاميليا انتخابي فرد
نتائج الانتخابات الرئاسية في إيران تشير إلى نهاية النظام
انتهت انتخابات الرئاسية الإيرانية منتصف الليل، بصورة وكأنها أغلقت كتاب نظام الجمهورية الإسلامية في الساعات الأخيرة من الجمعة الماضية.
وكان الشعب الإيراني أظهر أداء مذهلاً أقوى من أية تظاهرات معارضة أو مطالبة بإسقاط النظام، من خلال عدم الاكتراث بالانتخابات. ومن خلال محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي ومصطفى بور محمدي الذين فتحوا حسابات تحث الطبقة المتدينة وأنصار النظام، ومن خلال تزكية مسعود بزشكيان، عول النظام على تشجيع الشباب المطالبين بالتغيير على المشاركة في الانتخابات وكذلك المواطنين في أذربيجان وكردستان.
وطلبوا من مسعود بزشكيان الذهاب إلى تبريز وكردستان لكي يتحدث باللغتين المحليتين (الآذرية والكردية) أمام الحشود المعارضة للنظام، من أجل حثهم على المشاركة في الانتخابات.
لكن ماذا عن رأي الشعب؟
إنهم رأوا مجموعة مهزومة يسود الخلاف بينهم إلى درجة أنه لا يمكنهم إدارة هذه الخلافات في أهم مرحلة من عمر نظام الجمهورية الإسلامية.
في جبهة الإصلاح التي تقدم نفسها على أنها موحدة ويقدم فيها بزشكيان نفسه على أنه مرشح إصلاحي، لم يتمكن هذا التيار من كسب دعم جميع الإصلاحيين، وحظي بدعم كل من الرئيس السابق محمد خاتمي ووزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف والرئيس السابق حسن روحاني، لكنه لم يحظ بدعم مير حسين موسوي وفائزة هاشمي رفسنجاني. لذلك لم تكن هنالك جبهة إصلاحية موحدة في الانتخابات واختار بعض القادة التقليديين للإصلاحيين أن يبتعدوا من هذه المسرحية الحكومية وفضلوا الصمت.
لكن ما شهدناه من خلافات في التيار الأصولي أهم من مشاهدة ما جرى في التيار الإصلاحي المهزوم.
لقد أظهرت جبهة الأصوليين وجهاً آخر خلال الانتخابات خلافاً لما يبدو من وحدة بينهم على مبادئ ومصالح النظام.
وكشفت الخلافات العميقة وغير المسبوقة بين الأعضاء التقليديين لهذا التيار وبخاصة في حملة محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي شرخاً عميقاً داخل النظام، مما يشير إلى أن هذه الخلافات تعني انهيار النظام من الداخل.
واصطف محمد باقر قاليباف الذي دعمه المنتمون إلى مرشد النظام علي خامنئي أمام سعيد جليلي الذي حظي بدعم الحرس الثوري.
وخلافاً للتوقعات العامة، لم ينسحب أي منهما لمصلحة الآخر وبلغت الخلافات حداً كبيراً، إذ أقدمت حملة كل منها على نسف الطرف الآخر عشية الانتخابات.
وترددت قبل خوض الانتخابات تقارير كثيرة عن انسحاب قاليباف لمصلحة جليلي أو انسحاب الأخير لمصلحة قاليباف في وسائل الإعلام المحلية والإقليمية من أجل التأثير في داعمي كل منهما، واضطرت حملة كل منهما إلى نفي هذا النوع من التقارير.
وصدرت تقارير عن الفساد الاقتصادي لمحمد باقر قاليباف تحمل توجيه اتهام له بتدبير مقتل إبراهيم رئيسي من أجل الوصول إلى المنصب الرئاسي.
وجاءت المواجهة بين جزء من الحرس الثوري وأنصار المرشد علي خامنئي من خلال دعم مرشحين مختلفين في الانتخابات مبشرة للشعب بانهيار داخلي في النظام.
ولذلك أقول إن هذه الانتخابات الفاترة انتهت لمصلحة الشعب الإيراني، وكشفت الخلافات العميقة داخل النظام وانهياره مستقبلاً.
وحاولوا من خلال هندسة الانتخابات ومراوغات أخرى رفع نسبة المشاركة في الانتخابات من أجل إيجاد شرعية للنظام، وقدموا وعوداً كثيرة منها تحسين الاقتصاد المنهار وإزالة العقوبات وتوسيع الرفاه والمشاركة الاجتماعية.
وكانوا يتصورون أن الوعود الاقتصادية في بلد يعاني منذ 45 عاماً سوء إدارة وفساداً اقتصادياً وإدارياً بإمكانها أن تحث الناخبين على المشاركة في الانتخابات من خلال الإصلاحيين، واللجوء إلى قتلى الحرب الإيرانية العراقية والحديث عن مفاهيم وطنية مثل الشموخ الوطني والأمن القومي.
ولم يعلن أي من عائلات القتلى المعروفين في الحرب ولا العائلات الدينية التي لها مكانة اجتماعية في البلاد دعم أي من مرشحي النظام.
ولم يظهر النظام ثقة بثلاثة من الرؤساء السابقين الذين تولوا إدارة البلاد لـ24 عاماً في منصب أكثر حساسية في السلطة التنفيذية، ألا يعني هذا وجود شرخ عميق يؤدي إلى نهاية النظام؟
وأقصد هنا محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد وحسن روحاني، إذ رفض النظام أهلية كل منهم عندما تقدموا لخوض الانتخابات الرئاسية (محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد) وانتخابات مجلس خبراء القيادة (حسن روحاني).
كما أتحدث عن أكبر هاشمي رفسنجاني وهو من مؤسسي النظام ويستمر الحكم حالياً بناء على أسس وتوزيعات أشرف عليها قبل وفاته.
وكان أول قانون للانتخابات كتب بعد الثورة أشرف عليه أكبر هاشمي رفسنجاني. وتأسس مجمع تشخيص مصلحة النظام على أساس مشروع وبرنامج قدمه للسلطة. وهو الذي وضع خامنئي على كرسي القيادة لكنه أزيح من مناصبه الرسمية بعد غضب خامنئي منه، ورفض مجلس صيانة الدستور أهليته لخوض الانتخابات.
والغريب أن النظام يقول إن هاشمي رفسنجاني توفي بنوبة قلبية خلال السباحة في مسبح. لكن أبناءه يقولون إنهم خنقوه في المسبح.
ليس عبثاً إذا قلنا إن انهيار النظام بدأ مع الخلاف بين علي خامنئي وأكبر رفسنجاني، وما نشهده اليوم يبشر بنهاية نظام يسير بسرعة إلى النهاية مع مقتل إبراهيم رئيسي الغامض وإقامة انتخابات رئاسية مبكرة.
وسألني أحد الأسبوع الماضي هل ستشهد إيران تظاهرات واسعة للمعارضين في يوم الانتخابات؟
واليوم عندما أرى عدم مشاركة الناخبين في الانتخابات، أقول إنه لا يمكن أن يسهموا في إنهاء النظام من خلال عدم مشاركتهم في الانتخابات.
هذه الانتخابات أثبتت لنا أن نظام الملالي يقترب من نهايته.
• نقلاً عن "اندبندنت عربية"
* رئيسة تحرير "اندبندنت فارسية"