تعرية الزيدية الجارودية ليست خصومة مذهبية، ولا جدلا دينيا، بل واجب وطني وفكري وأخلاقي، لأن هذا الفكر هو الجذر الأعمق للإرهاب الإمامي الزيدي عبر العصور، والمصدر النظري لكل مشاريع الكهنوت التي مزّقت اليمن وأغرقت شعبه في قرون من الحروب والظلم والتخلف.
الزيدية الجارودية ليست مذهبا فقهيا كما يروّج البعض، بل نظرية سياسية عنصرية تم إنتاجها لتبرير حق مزعوم في الحكم تحت غطاء ديني.
ولم يكن هدفها يوما خدمة الدين أو إصلاح الدنيا، بل تبرير الوصول إلى السلطة والبقاء فيها باسم الحق الإلهي، ضمن سلسلة من الأئمة ينتمون إلى سلالة واحدة تحتكر الحكم وتجرّم من يعارضها أو يرفض وصايتها.
♦️الزيدية فكر يقوم على التكفير والإقصاء
في صلب هذا الفكر تكمن أخطر العقائد:
من أنكر أو خالف أو انتقد إماما من أئمة البطنين فقد كفر، ومن رفض الولاية فقد أبطل إسلامه، هكذا تحوّل الخلاف السياسي في الفكر الزيدي إلى جريمة دينية تستوجب القتل والمصادرة والنهب، حتى أصبحت دماء اليمنيين مباحة، وأرضهم عند الأئمة دار كفر لأنهم لم يخضعوا لسلطتهم.
ويكفي أن نستحضر ما فعله الكاهن الزيدي عبدالله بن حمزة في القرن السابع الهجري حين كفّر مخالفيه من المطرفية وأبادهم، لندرك أن هذا الفكر لم يكن نظرية في الكتب بل ممارسة دموية متكررة.
كما ان الحوثي اليوم يمثل الاعادة الصارخة لهذا المنهج التكفيري الاجتثاثي، يمارسه عمليا من خلال تكريس خرافة الولاية وتقسيم الناس على اساسها الى مؤمنين ومنافقين، ويجتهد في ترسيخ نفسه الامام الذي لا تجوز معارضته، وانه يمثل ارادة الله التي لا بقاء للبشر والحجر بدونه، كما يذكر خطبائه في كل منبر.
ولذلك فالزيدية الجارودية ليست رؤية فقهية قابلة للتعايش أو الحوار، لأنها قامت على نفي الآخر وتكفيره وتجريمه، وهي مشروع يرفض المساواة، وترى في سائر الناس عبيدا وظيفتهم الطاعة.
♦️الزيدية نفي للشعب ومصادرة للسيادة
الزيدية الجارودية لا تعترف بالاختيار الشعبي للحاكم، ولا تقبل بقواعد العمل السياسي الحديث، ولا ترى في الانتخابات أو الدستور أو الدولة المدنية سوى بدع كفرية تخالف شرعهم المزعوم.
تجرّد اليمنيين من أهليتهم لحكم أنفسهم، وتعتبر أن الحاكم لا يكون إلا من البطنين، مغلِّفة هذا الاحتكار بنصوصٍ مكذوبة على النبي، ومرويات ملفقة لإضفاء قداسة على مشروع عنصري.
♦️الزيدية فكر جامد وسلوك متكرر
كما أن الزيدية فكرة عاجزة عن التطور أو التكيّف مع المتغيرات، فهي أسيرة تصور جامد للسلطة والمجتمع والإنسان، ولأن الفكر لم يتغير، تكررت النتيجة نفسها: استبداد في الشكل ذاته وإن اختلفت الأدوات والالقاب والاسماء.
لهذا نرى الحوثيين اليوم يكررون نفس النص اللذين مارسه الأئمة:
القتل باسم الولاية، القهر باسم الدين، والنهب باسم الخُمس والعُشر والخراج، في استعادة كاملة لملامح الإمامة القديمة.
♦️الزيدية مشروع لا يبني ولا يعمر
ان تاريخ الإمامة الزيدية هو تاريخ خراب مستمر، لم تبنِ دولة، ولم تترك أثرا، ولم تؤسس مؤسسات، ولم تنشر علما أو حضارة، لأن هدفها لم يكن خدمة الناس بل إخضاعهم.
هذا المشروع لا يعيش إلا على الفتن والمؤامرات، يسعى للوصول إلى الحكم عبر التآمر، ويحافظ عليه عبر القمع والتجويع والتخريب.
وفي كل مرة يحكم فيها، يترك خلفه أرضا منكوبة، وأجيالا مسحوقة، وذاكرة مثقلة بالحروب والمآسي.
وختاما: فإن تعرية الزيدية الجارودية اليوم ليست استهدافا لمذهب، لأنها ليست مذهبا، بل تحرير للوعي اليمني من أسر الكهانة.
فهذا الفكر هو الذي أنتج الحوثيين، كما أنتج قبلهم أئمة دمويين حكموا بعض أجزاء اليمن بالنار والحديد.
والصمت عنه يعني تمكينه من إعادة إنتاج نفسه في كل جيل، باسم الدين تارة، وباسم الثورة أو المقاومة تارة أخرى.
إن مواجهته فكريا وقانونيا وثقافيًا هي معركة وجودية، تهدف إلى استعادة جوهر الإسلام الذي جاء للعدل لا للتمييز، ولتمكين الإنسان لا لاستعباده،
ولبناء دولة المواطنة والمساواة، لا دولة السلالة الأثيمة.
من صفحة الكاتب على منصة إكس