"معاشيق"، هي المنطقة الوحيدة في عدن التي يحميها التحالف بقوة عسكرية على الأرض.
ليست حتى بحماية الألوية التي تتسمى باسم "ألوية حماية الرئاسة".
هذه الألوية لم تكن إلا واجهة معنوية.. لاعلاقة لها بالعسكرية، لاتدريب ولا سلاح ولا تنظيم ولا مهام.
هذا الكلام ليس لإدانتها، إنما - فقط - لتوضيح سبب انهيارها بدون حرب.
الرئيس هادي فصل قوات باسم ألوية الحماية وهو في صنعاء.. وعين عليها ابنه ناصر، وتذكرون الدفاع النفي الكاذب الذي كان يتتالى حينما أشرنا لذلك يومها.
بعدها هرب الرئيس إلى عدن، ويفترض أن هذه الألوية انتهت، ثم هرب هادي من عدن قبل أن يصلها الحوثي وبدون حرب، وترك الأمر لما سماها اللجان الشعبية وقائدها وزير الداخلية الحالي أحمد ميسري، الذي قال عنه عبداللطيف السيد إنه لم يكن إلا رئيسا فخريا لاعلاقة له بالميدان.
حين حررت المقاومات الجنوبية عدن، بدعم من التحالف العربي، أعاد التحالف تأهيل معاشيق وأعاد هادي اسم ألوية الحماية للكشوف المالية.
رفض التحالف صرف أي مبالغ مالية مفتوحة للشرعية، وطالبها بترتيبات بشأن مرافق الدولة واحتياجات الناس.. وللأسف، لا الشرعية اكترثت بالناس، ولا التحالف دفع لها المال. فضاعت الشرعية وتعقد حال الناس.
وبقي هادي متمسكا بحكاية "ألوية الحماية الرئاسية" من جهة وبحماية التحالف لألولية الحماية هذه.
كأنه يقول لهم، لاتدفعوش، أنا بادبر لها المصاريف.. المهم تحموها.
ثم بدأ مسار آخر يتضمن استخدام الألوية لاستقطاب أفراد من المقاومة الجنوبية ومن الجيش.. والدخول في سمسرة إقليمية لتمويل مثل هذه الألوية.
يقول الجنوبيون، إن هادي بريئ من كل هذا، وإن الحكاية كلها هي بيد الإصلاح، ويقصدون بذلك علي محسن الأحمر.
ولكن لدى التحالف ليس هناك فرق، ما يهم هو أن هذا التعقيد مجهد لهم وخارج طرق عملهم، أو على الأقل الإمارات، لأن السعودية تملك مكانيزمات تحكم متعدد بالفساد وبالنزاهة، بالتطرف وبالاعتدال، بالعسكر وبالقبيلة.
ووسط كل هذا التعقيد، انقلب هادي على شرعيته، مسقطا بحاح ومعينا علي محسن وبن دغر..
ثم جاء بن دغر إلى عدن ولم يثبت أي حضور لا داخل الشرعية ولا خارجها..
وتخيلوا كل هذا الدوران المجهد..
يطالب هادي حمايته هو وألويته..
يطالب بتمويله هو ودولته..
مقابل أنه يرفض أي التزام للممول هذا ولا حتى العمل وفق خطة عمل مشتركة أو حتى أن يعمل هو وحكومته..
يعين بن دغر، ثم لا يستطيع بن دغر فعل أي شيئ.
يعين أشخاصا في مناصب مثل وزير أو محافظ، وحينما يعمل هذا المسؤول يقيله هادي ويعين شخصا آخر.
قرر بن دغر نقل البنك المركزي إلى عدن، رغم اعتراض كل الأطراف بمن فيها حمزة القعيطي.
وكلما ضاق عليه الأفق دخل في إثارة معركة وهمية مع الحاضنة الاجتماعية لتحالف مواجهة الحوثي، حول العلم والوحدة متجاهلا حتى شعارات الدولة الاتحادية التي يقولها هادي وشركاؤه.
وهو موقف لايمت للوحدة بصلة.. إن لم يكن تعمدا في التحريض ضدها في مجتمع لايزال يعاني من مركز هذه الوحدة بنسخته الحوثية على الأقل.
وفجأة ضاعف هادي الكارثة بمسار ثابت للتعيين، يتعمد فيه إقالة كل من يحظى بشعبية داخل المقاومة الجنوبية.