الخاسر الأول في معركة الساحل الغربي هم الحوثيون، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.
ينوح الحوثي على الحديدة باكيا دما وهو يستشعر ويتيقن بأن نهايته بدأت، وبأن المسألة لم تعد إلا مسألة وقت لا أكثر، فالعد التنازلي له هو المتغير الاساسي في هذه المعركة المختلفة عن كل معركة عرفها.. كما يختلف النياح هنا عن عادته بالنياح على "علي والحسين" ومشاكل صار لها قرون ولا علاقة لنا ولا له بكل هذه الأباطيل والأوهام.
الحوثي نائحة ثكلى فعلاً.. فقد قوته وشرايين تغذيته ومقاتليه وأحلامه وأوهامه وخرافاته.. كلها فقدها دفعة واحدة.. فماذا تنظرون منه غير النياح والبكاء الموضوعي. وهو يتعرى ويفتضح بكل هذه النهاية المؤلمة والمأساوية.. فقد اتضحت حقيقته بتجرده من القيم الأخلاقية والوطنية والدينية والإنسانية.. ومن أوهام القداسة والتأييد السماوي والقوة القتالية والمواجهة وحب الموت الذي قالته زواملهم وشعاراتهم.. تبخر كل هذا، واتضحت حقيقة دجل الحوثي، وتعرى لتظهر كل مساوئه وتشوهاته وعاهاته أمام المجتمع.. هذا هو الحوثي بالنسبة للحقيقة من بداياته الأولى.. ولكن اليوم انكشف أمام أتباعه وكثير من المنخدعين به.
ومن استأجرهم من أصحاب العلاقة الودية والعاطفية والتأثر السياسي والفكري المحدود بالحوثيين.. وهؤلاء يدافعوان عن الحوثي بمنطق مختلف.. هو منطق الرومانسية الوطنية والحيادية الحوثية.. الرومانسية الساذجة مع ميليشات إرهابية قبيحة وشريرة لا حل غير اجتثاثها.. هذا النوع يدفع به الحوثي اليوم ليكون على الواجهة، ولعله يحقق له أبسط نصر معنوي.. لكن هؤلاء الناس أصبحوا مهزوزين وضعاف الثقة بأنفسهم، لأنهم يحسون بأن الحوثي لم يعد إلا جثة هامدة وأن دفاعهم مهما كان فلن ينفعه ولن ينفعهم، فهم بحالة يأس حقيقي وضعف وانهزام داخلي مهما حاولوا.
يحاول الأخوان التقليل من شأن انتصارات معركة الساحل بكل جهدهم ، وأحيانا يعترفون بها على مضص ، ويتظاهرون بفرحهم بهذا محاولين إخفاء كل ذعرهم وخوفهم ،ثم ما يلبثون أن يقوموا بالترويج لمجموعة من الأكاذيب والحملات الإعلامية والأخبار المتضاربة والمتناقضة والتحليلات الافكة، كل هذا ليصنعوا دخانا وغيوما كثيفة جدا من شأنها أن تحجب الحقيقة وتغطي على الانتصارات الواضحة.. ولكأن انتصارات الساحل مجرد خبر صفحي وحملة إعلامية بالإمكان للأخبار المتضاربة والكذبات الجديدة وحالات الابتذال الإعلامي والسياسي الذي يمارسونه بأن تلغي سيطرة الموضوع كأهم خبر رئيسي على كافة وسائل الإعلام المختلفة .. لربما يجهل الأخوان ان معركة الساحل وانتصاراتها الأولية ليست إلا بداية لمسار طويل ، وأرضية صلبة لنجاحات كبرى ، وانتصارات عظماء تتوالد وتتطور بقدر جحم الصعاب والعقبات التي يستبسل الأبطال لخوضها وتجاوزها.
يشعر الأخوان بأن الانتصارات ضد الحوثي هي رسالة لهم بأن نهايتكم هكذا .. وبنفس الطريقة، وهذا ما يجعلهم في حالة رعب حقيقي .. يغار الاخوان من الزخم الشعبي والالتفاف الجماهيري والوطني نحو هذه النجاحات وابطالها وفرسانها وقادتها الشجعان .. ويرون بأنه فضح لهم ولسنوات من معاركهم الهزيلة ومسرحياتهم السخيفة ، ويدرك الأخوان كم أصبح خطابه وعناصره ووجوهه الاعلامية والسياسية ممقوتة من الشعب برمته ، ومحل سخرية واستهجان الناس البسطاء بسبب فشلهم وكذبهم الذي اصبح معروفا ومفضوحا للجميع على حد سواء ، لذا حاولوا هذه المرة بأن يوظفوا أبواقا جديدة في معركتهم ضد انتصارات معركة الساحل الغربي، ومن سوء حظهم ان وجدوا أبواقا تقترب من مواصفاتهم ومقاساتهم، ورغم كل ما قامت به هذه الأبواق من العويل بأرفع ما لديها من أصوات منكرة، فإنها ما كان لها أن تستطيع أن تغطي الشمس بغربال.
وما كان يوما لأبواق رخيصة ومبتذلة بأن تنال من ملحمة وطنية عظيمة ومن أبطال آمنوا بالوطن والشعب والكرامة والجمهورية.. كمقدسات يموتون دفاعا عنها ويخوضون معاركها بكل شجاعة واستبسال، بينما الأبواق وأربابها فرت للارتزاق تسكن الفنادق وعن بعد تنشر افكها ودجلها.