عبدالفتاح الصناعي
أحلام مستغانمي أنموذجاً للمرأة العربية التي انتصرت لقضيتها حقاً
لا أحد قادر على أن ينكر ما للحركة العربية النسوية من ظاهرة تقدمية، وأنه لايمكن لنا ولا لأي أمة إحداث تقدم ونهضة دون وعي لدور المرأة، وتجاوز الأفكار التقليدية ، والأمراض الفكرية التي كانت ومازالت موجهة ضد المرأة ، تحت عناوين مختلفة.. والتي لربما عانت منها جميع الأمم في مسارها نحو التطور.
لكننا حين نقرأ مسارنا في هذا الموضوع كأمة عربية ، واين وصلنا.. نجد بأن المعضلة في هذا غالبا ما تم خيانتها من داخلها ، أي أن العوائق والتعثرات لم تعد مرتبطة بالواقع الاجتماعي والسياسي ، بقدر ما أصبحت مرتبطة بالحركة النسوية ذاتها ، وبالسياسات الداعمة لها ، بحيث أصبحت المرأة الناشطة لم تعد هي صاحبة القضية والرؤية والتجربة التي تتراكم نجاحاتها البسيطة حسب واقعها وبيئتها ، وانما أصبحت أداة للعب أدوار سياسية لاتتوافق مع موهبتها ولا مع تأثيرها الايجابي بالمجتمع ، بل لربما العكس تماما.. استخدام المرأة كأداة للسياسات، وطنية او خارجية ، قد أفرغ الحركة النسوية من محتواها ، وأظهرها كفارغة ومبتذلة ، لا وظيفة لها غير استخدامها كفزاعة لإرهاب جهة معينة او تحسين صورة جهات أخرى وسياسات معينة.. وبالتالي أصبح التخلف والبلادة يصيب المرأة الناشطة ، او المرأة التي قبلت بأن تكون مجرد لعبة وأداة للتجارب ، والاستخدامات غير المحترمة.
هنالك العديد من النماذج لهذه الحالة ، تم اشهارهن ، وتقديمهن كعظيمات ومناضلات ، وقبلن القيام بأدوار مبتذلة ، وقفزن على واقعهن ، وبلحظات يتبخر كل ما صنعوا وزايدوا ، وتظهر الحقيقة العارية ، كنساء يفتقدن للموهبة والحرية.. ولكثرتهن فالواقع غني عن وضع أمثلة ونماذج.
وبالمقابل هنالك المرأة العربية ، الموهوبة حقا ، والمحترمة ، والمتقدمة فكريا وسياسيا ، والتي بنت لها سلطة وعرشا، يفوق عروش الرؤساء والأمراء والملوك ، وذلك بقيمها وابداعها وحريتها ، وشرف معركتها ووسائلها. وبالتالي فلم تفق اقرنها وحسب ، ولم يقف المجتمع الذكوري ضدها ، ولا الإشكالات الفكرية والسياسية التي جعلت البعض من هذا معركتها الوهمية وبطولتها الزائفة، فمثل أحلام ، قدمت جهودا جبارة في سبر أغوار القضايا الفكرية والسياسية والاجتماعية ، ومعالجاتها ، وتوثيقها ، وتوضيحها بموهبة حقيقية وابداع وتواضع وأمانة ومسؤولية بل فاقت الجميع ، لم تتبنها سياسات وتعطها الأوسمة والجوائز العالمية لتصنع منه بوقا واداة.. بل فرضت نفسها بقيمها برؤيتها الخاصة بابداعها برقيها ، بينما تظل شبه المبدعة تصارع طواحين الهواء وتسيء لنفسها بخيانتها قيم أمتها ووطنها ولهثها وراء السراب ، في معارك وهمية ومزايدات ومبالغات وبطولات زائفة.
شكراً أحلام مستغانمي، كم انتِ أنموذج عظيم وجميل خلاق ومبدع وملهم.