الحوثية سرطان خبيث لأنها تتجمع من العديد من الأمراض السياسية والثقافية والاجتماعية والإرهاب الديني والعنصرية السلالية البغيضة، وتغذيها العمالة الإقليمية والدولية، وتتعامل عبر البرجماتية السياسية، والأساليب الانتهازية، وتستخدم كل شيء للمتاجرة لصالحها، تستغل قدسية الدين والوطن والقضايا الانسانية والمظلومية والتثوير، لاتترك ثغرة إلا واستغلتها ودخلت منها، تتعامل بطرق شيطانية مضللة، وتأتي لكل شخصية نخبوية أوعادية ولكل طرف سياسي أو اجتماعي من مداخل معينة متناسبة مع مستوى تفكير واهتمام ومصالح كل طرف وكل جهة.
باختصار شديد، الحركة الحوثية في جوهرها وحقيقتها هي: مجموعة من الأخطاء والانحرافات عن القيم السوية، والأخلاق الانسانية، ولكنها تختبئ تحت عنواين عريضة ولافتات مختلفة من الشعارات والدعايات وتتنوع بتنظيمها وطرقها وأساليبها بين الديني والسياسي والطائفي والسلالي والمصلحي، كما تعمل على استغلال المراحل الوطنية والقضايا المصيرية والحاجة الإنسانية الخاصة والعامة وتقدم ولاءها وخدماتها لأي طرف أو شخص هي في حاجة إليه، ثم تنقلب وتخون أي اتفاق أو شعار رفعته، وكل دين ووطن ادعته، وكل مظلومية تاجرت بها، في الوقت الذي يناسبها.
ليس من السهل فهم البنيوية التنظيمية والفكرية والسيكلوجية للحوثي من خلال مقارنتها بالجماعات الدينية البسيطة والواضحة في تركيبتها وإرهابها، كداعش والقاعدة وغيرهم؛ ولهذا السبب أنخدع كثير بالحوثي وصعب عليهم وتأخر تشخيصه كإرهابي، فقد تحالفت معه قوى وطنية وسياسية مختلفة على مستوى التنظيمات والاحزاب، وعلى مستوى المواقف والأشخاص والقيادات النخبوية، اجتماعيا وسياسيا وثقافيا.
والسبب لأن الحركة الحوثية، حركة دينية واجتماعية وسياسية بغاية من التعقيد والتكامل والتناغم بين مكوناتها الأساسية، تتميز بحالة من غير الثبات والوضوح في تشكلاتها وملامحها الأساسية، فتغلب أحيانا الجانب الاجتماعي على السياسي وأحيانا السياسي على الديني، وهكذا تتناقض على حسب الجو وأحيانا تتماهى في الخطاب السياسي والوطني حتى تظن بأنها حركة تعبر عن مجتمع وشعب لا عن أيديولوجية دينية وعنصرية سياسية، وأنت في حالة إقناع نفسك بهذا وبأنك لربما ظلمتها حين كنت ضدها، تتفاجأ بها وقد كشرت عن انيابها وأظهرت ارهابها الديني وعنصريتها السلالية وعمالتها الإقليمية، في لمح البصر تتغير هذه الحركة وتشكل ملامح أخرى مختلفة.
لم يحدث للشعب اليمني، نخبويا وسياسيا، في التاريخ القديم والحديث، بأن انخدع بشيء كما انخدع بالحركة الحوثية، وأجبرته الظروف ومصائب الزمن وشر الأقدار على التورط معها وبها.
كما لم يحدث للشعب اليمني، نخبويا وسياسيا، في التاريخ القديم والحديث بأن خلصت كل تجاربه إلى نفس النتيجة والقناعة الموحدة والإجماع الوطني العام، بنسبة لاتقل عن 80% كأقل تقدير، بكل ما في الشعب من فصائل ومواقف، لربما متناحرة ومتعادية، وافكار واتجاهات مختلفة ومتناقضة، فالجميع توصل إلى حقيقة واضحة وجلية، بعد تجارب صعبة وأليمة خاضها كل بطريقته وأسلوبه، اتضح للجميع وبما لايدع مجالا لأي شك بأن الحوثي ارهابي ومجرم وشرير، وخطر وطني قبل ان يكون خطرا عربيا وعالميا، وقبل ذلك خطرا على الحياة والإنسان.
أدرك جميع اليمنيين، نخبوبيا وشعبيا، باختلاف فقط بالتوقيت والمراحل، فكل خاض تجربته حتى وصل للحقيقة بنفسه، بأنهم وقعوا بأفخاخ الحوثي القذرة والارهابية التي أظهرت ما لا تبطن، ووعدت بما لم توف، ودست السم الجماعي لليمنيين فردا فردا؛ ولذا كل يسعى للتكفير عن ما اقترف من خطأ بدون قصد، وكل بحسب ظروفه وطاقته وقدراته، وبحكمة عالية وبكل إصرار، يعمل الجميع لطي صفحة هذه الحركة الإرهابية الخبيثة، ولن يكون أي خلاف بينهم مهما تعاظم، أهم من إجماعهم وعزيمتهم على إنهاء الحوثية.