لا نحتاج اليوم إلى شواهد إثبات أو مؤشرات أكثر وضوحاً للاستدلال على حالة التعفّن التي يشهدها اليوم المشهد السياسي ببلادنا، وحتى التبريرات التي كانت في بعض الأحيان تسعف في البحث عن تحليل... وعن تعليل لبعض الأحداث، أصبحت اليوم، غير معلومة... وشبه معدومة، بسبب تكشف الحقائق وتفشي ظاهرة الاسترزاق النخبوي والسياسي على حساب اليمن أرضاً وإنساناً.
في خضم الأحداث التي تعيشها اليمن منذ ما بعد 2011، برزت الأزمة السياسية بقوة، ونتج عنها فوضى عارمة واقتتال ودمار تعيشها البلاد بشكل واضح وحاد.. دون وجود أي توجه سياسي حاذق للحد من مآلات هذا المنزلق الخطير وتبعاته، خصوصاً مع استمرار مماحكات وصراع الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة والمؤمنة بالنظام والقانون ومؤسسية الدولة، الأمر الذي استغله عدو الحياة والإنسانية، فوصل لما يطمح إليه، وصار يتفنن في القتل والدمار وكبت الحريات، وما زال مستمراً ما دامت الأزمة السياسية، وحالة الانسداد والحقد التي يشهدها الوضع السياسي، وأي تبرير من أي طرف من أطراف العمل السياسي "الاحزاب الكبيرة" لاستمرار ما يجري، يعد خيانة وإمعاناً في تدمير ما تبقى من الوطن، فالأحداث الجارية والغموض والقلق حول مصير الجمهورية، حول الوضع الاقتصادي، حول دور النخب والأحزاب، حول نمط النموذج التنموي والوطني الذي تطمح إليه بلادنا، حول الفساد، حول انتشار كل أشكال العنف والتهميش والفقر، حول كارثية مجالات الصحة والتعليم، يجعل المنطق والواجب الأخلاقي والإنساني والوطني ينادي بضرورة العمل على نسيان الماضي والاتحاد من أجل الحاضر والمستقبل إن أردنا النجاة من هذا الغول المتوحش وهمجية العنصريين والمناطقيين الذي لم يتورع في سفك الدم اليمني شمالاً وجنوباً.
ويكفي أن تعي هذه الأحزاب ومفكروها وقواعدها الشعبية أن استمرار صراعها مكن المنتقمين الحاقدين من التحكم في مصير كل حر، وإن استمرار هذا الحقد والتدليس أفقد القرار السياسي منطقه، وفقدت الدولة «بوصلتها» وضيعت مؤسساتها، وأضاعت النخبة رؤيتها، ولم تعد مصلحة البلاد ضمن حساباتها، صار الوضع اليوم خارج الرهان، بإرادة سياسية وإرادات أخرى.
أما داخل الرهان، فقد أصبحت هناك معركة أخرى تفرّغت لها النخبة والأحزاب التي انخرطت بكل قواها من أجل كسبها ولم تمانع في توظيف الإعلام والشارع من أجل شيء واحد وهدف واحد... هو إذكاء الحقد الحزبي، والمناطقي، وتعزيز روح الإقصاء للمختلف سياسياً، حتى جاء من يقصي الجميع ويستأثر بكل شيء ويقتلهم مجتمعين دون تفريق أو تورع، فهو يرى أن ما يقوم به تقربٌ إلى الله في سبيل الوصول للحكم الذي يعتبره حقاً إلهياً محصورا بفئته ونسله.
وبين هذا وذاك، يبقى السؤال، وماذا بعد؟ وبأي وصفة يمكن أن نخرج من هذه الضبابية والغموض والنكبة التي وصل إليها اليمن؟ وماذا بقي لبناء مصداقية جديدة، وأي أمل يمكن بناؤه بعد سقوط أقنعة النخبة السياسية الحالية؟ ومن سيتم التعويل عليه بعد ذلك لاستعادة بصيص من الثقة والأمل... أو لمنع السقوط في المجهول أكثر وأكثر... على الأقل.
الشعب اليمني، ربما، لا يفهم التفاصيل ولا يهتم بها لكنه يفهم جوهر السياسة. يفهم كيف «عبثت» جميع النخب والجماعات بحياته، وتاجرت بمآسيه، يدرك تماماً أنهم جميعاً متهمون بالتفريط في وطنه وثوابته الجمهورية والوحدوية النقية الصادقة، يعلم علم البقين كيف تآمر الجمبع لسرقة ما بـ«جيبه»... ويفهم أيضا كيف حصل العناد السياسي مما تسبب في عرقلة الوصول للمستقبل الذي يتمناه ويستحقه، كما يفهم من أدخله في معارك عبثية، ومساومات حزبية على حساب البلاد والعباد... ويفهم أيضا كيف اكتفى رئيس الدولة يوماً ما بالصمت والفرجة وترك الوضع يتعفّن والدولة تنهك وتستنزف وتدمر... بينما ظلّ الشعب ينزف.
الشعب يفهم كل هذا... ويتحمّل كل هذا... ولكنه لا ينسى! فتوبوا وعودوا لرشدكم أيها الساسة والنخب الحزبية، التي يعول عليكم للخروج من هذه المأساة التي تهدد بقاء جمهوريتنا.. وتوبوا توبة نصوحاً لله وللشعب قبل أن ينالكم عذابهما العظيم.
لا نحتاج اليوم إلى شواهد إثبات أو مؤشرات أكثر وضوحاً للاستدلال على حالة التعفّن التي يشهدها اليوم المشهد السياسي ببلادنا، وحتى التبريرات التي كانت في بعض الأحيان تسعف في البحث عن تحليل... وعن تعليل لبعض الأحداث، أصبحت اليوم، غير معلومة... وشبه معدومة، بسبب تكشف الحقائق وتفشي ظاهرة الاسترزاق النخبوي والسياسي على حساب اليمن أرضاً وإنساناً.
في خضم الأحداث التي تعيشها اليمن منذ ما بعد 2011، برزت الأزمة السياسية بقوة، ونتج عنها فوضى عارمة واقتتال ودمار تعيشها البلاد بشكل واضح وحاد.. دون وجود أي توجه سياسي حاذق للحد من مآلات هذا المنزلق الخطير وتبعاته، خصوصاً مع استمرار مماحكات وصراع الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة والمؤمنة بالنظام والقانون ومؤسسية الدولة، الأمر الذي استغله عدو الحياة والإنسانية، فوصل لما يطمح إليه، وصار يتفنن في القتل والدمار وكبت الحريات، وما زال مستمراً ما دامت الأزمة السياسية، وحالة الانسداد والحقد التي يشهدها الوضع السياسي، وأي تبرير من أي طرف من أطراف العمل السياسي "الاحزاب الكبيرة" لاستمرار ما يجري، يعد خيانة وإمعاناً في تدمير ما تبقى من الوطن، فالأحداث الجارية والغموض والقلق حول مصير الجمهورية، حول الوضع الاقتصادي، حول دور النخب والأحزاب، حول نمط النموذج التنموي والوطني الذي تطمح إليه بلادنا، حول الفساد، حول انتشار كل أشكال العنف والتهميش والفقر، حول كارثية مجالات الصحة والتعليم، يجعل المنطق والواجب الأخلاقي والإنساني والوطني ينادي بضرورة العمل على نسيان الماضي والاتحاد من أجل الحاضر والمستقبل إن أردنا النجاة من هذا الغول المتوحش وهمجية العنصريين والمناطقيين الذي لم يتورع في سفك الدم اليمني شمالاً وجنوباً.
ويكفي أن تعي هذه الأحزاب ومفكروها وقواعدها الشعبية أن استمرار صراعها مكن المنتقمين الحاقدين من التحكم في مصير كل حر، وإن استمرار هذا الحقد والتدليس أفقد القرار السياسي منطقه، وفقدت الدولة «بوصلتها» وضيعت مؤسساتها، وأضاعت النخبة رؤيتها، ولم تعد مصلحة البلاد ضمن حساباتها، صار الوضع اليوم خارج الرهان، بإرادة سياسية وإرادات أخرى.
أما داخل الرهان، فقد أصبحت هناك معركة أخرى تفرّغت لها النخبة والأحزاب التي انخرطت بكل قواها من أجل كسبها ولم تمانع في توظيف الإعلام والشارع من أجل شيء واحد وهدف واحد... هو إذكاء الحقد الحزبي، والمناطقي، وتعزيز روح الإقصاء للمختلف سياسياً، حتى جاء من يقصي الجميع ويستأثر بكل شيء ويقتلهم مجتمعين دون تفريق أو تورع، فهو يرى أن ما يقوم به تقربٌ إلى الله في سبيل الوصول للحكم الذي يعتبره حقاً إلهياً محصورا بفئته ونسله.
وبين هذا وذاك، يبقى السؤال، وماذا بعد؟ وبأي وصفة يمكن أن نخرج من هذه الضبابية والغموض والنكبة التي وصل إليها اليمن؟ وماذا بقي لبناء مصداقية جديدة، وأي أمل يمكن بناؤه بعد سقوط أقنعة النخبة السياسية الحالية؟ ومن سيتم التعويل عليه بعد ذلك لاستعادة بصيص من الثقة والأمل... أو لمنع السقوط في المجهول أكثر وأكثر... على الأقل.
الشعب اليمني، ربما، لا يفهم التفاصيل ولا يهتم بها لكنه يفهم جوهر السياسة. يفهم كيف «عبثت» جميع النخب والجماعات بحياته، وتاجرت بمآسيه، يدرك تماماً أنهم جميعاً متهمون بالتفريط في وطنه وثوابته الجمهورية والوحدوية النقية الصادقة، يعلم علم البقين كيف تآمر الجمبع لسرقة ما بـ«جيبه»... ويفهم أيضا كيف حصل العناد السياسي مما تسبب في عرقلة الوصول للمستقبل الذي يتمناه ويستحقه، كما يفهم من أدخله في معارك عبثية، ومساومات حزبية على حساب البلاد والعباد... ويفهم أيضا كيف اكتفى رئيس الدولة يوماً ما بالصمت والفرجة وترك الوضع يتعفّن والدولة تنهك وتستنزف وتدمر... بينما ظلّ الشعب ينزف.
الشعب يفهم كل هذا... ويتحمّل كل هذا... ولكنه لا ينسى! فتوبوا وعودوا لرشدكم أيها الساسة والنخب الحزبية، التي يعول عليكم للخروج من هذه المأساة التي تهدد بقاء جمهوريتنا.. وتوبوا توبة نصوحاً لله وللشعب قبل أن ينالكم عذابهما العظيم.