نبيل الصوفي
الجبهات مخيّمات باطنية للحوثي.. خيانات المجاهدين
جارالله القوبري، شربت دمه "دمت"، بعد ناصر الذي قُتل في الحديدة.
هذه العائلة، وغالب سنحان، أدلة على خطورة وقبح جماعات الأيديولوجية الدينية على الناس والدول والسياسة والعسكرة. وعاد الحوثي جماعة دينية كهنوتية فاشية.
جماعة عساكر أخرجتهم دولة هادي من الجيش عنوة، ثم بتأثير الطيران وخطاب صنعاء، يومها، ساروا نجران.
وكلما طال الوقت بهم هناك اختلطوا بالمشرفين الثقافيين للحوثي.
وكل مرة يزورون صنعاء وألتقيهم كنتُ ألحظ التغيُّر في منطقهم.
تحولت الحرب إلى مخيم للحوثي يخرج بها الناس من رحابة الوطنية إلى ضيق الولاية والهاشمية وأكاذيب حسين.
يجول مشرفو الحوثي الجبهات يحاضرون للجماعة، ولكن يمنع أي نشاط للدولة: لا صحيفة، لا محاضرة، لا زيارة، ولا حتى كاسيت أناشيد وطنية.
وبعد أن كان الحديث عن الحرب اليمنية السعودية، أصبح عن الجاهلية التي عليها كل من لا يؤمن بالسيد.
وكنّا ندخل اشتباكات أكثر من كونها نقاشات حول الخرافات التي يُعبَأون بها.
وعلى سبيل المثال، كانت تهويمات الملائكة التي تقاتل معنا في نجران، فقلت لهم: "أيش الملائكة ما عجبتها المخا".
وبالتوازي، تبدأ مصالح الفيد، والعلاوات، وبدل القات والسيجارة، وصناديق القرى للدعم المالي.
ومعها الوجاهة في مناطق يعتبر النفوذ داخل السلطة أعظم رأسمال.
فانتقل وعي الحرب من وطن وعدوان بتفسيرنا، إلى مشرف يلقي محاضرات ويترك لك الأرض تجعل أعزة أهلها أذلة، فتنهب هذا وتهين ذاك.
وفي مشاهد استشهاد دلهوس، يظهر جارالله مسابقاً على الغنائم كمتفيِّد خرج من القرون الوسطى.
وفي ديسمبر بدا هذا التحول واضحاً في هزيمتنا ومقتل الزعيم؛ بسبب مبادرات أشخاص مثل آل القوبري، وتواطؤ أمثال أبو رشيد، وتلكؤ أمثال أبو نجران، وتوهان شباب متوهّج لكنه يسأل: "من عيدي مصروف الجهال؟".
وطول الحرب الآن يتوزع مجاهدو نجران لصوصاً ينهبون بيوت من كانوا جنوداً فيها ذات يوم، أكانت بيوت الصالح أو من سبقهم، في مشهد لم يوثق حتى الآن بحياد وطني وليس ثأراً أو تشفياً.
لدراسة كيف تفعل الجماعات الباطنية بدين الناس ودنياهم.
ثم يذهب بهم طمعهم لجبهات أخرى تؤدبهم فيها اليمن التي عقوها.
ومن نجا من الحديدة تلقفته دمت، ومن هرب من صعدة ردته البيضاء في تابوته.