عبدالرحمن العريفي
نصائح في المعارك مع السفلة.. عودة بيت سميحة الأغبري
في 2012 قرأت خبراً عن اختطاف شيخ مأربي لطفلين من الأعروق بسبب خلافه مع والد الطفلين على ملكية قطعة أرض في الحديدة.
شفت صورة الطفلين ما احلاهم وأعمارهم أقل من سبع سنوات واتخيلت ابني، ابني الزغير لو قام من النوم وامه بالسوق يجلس يدور في البيت مثل اليتيم.
اشوف نظرات عيونه الحزينة وهو يسأل عن أمه احسم عليه وأحاول ألاعبه وأغالطه، إنما يتغالط شويه، ورجع يسأل عن أمه.
انك تختطف طفل من أمه وتخبيه عندك وتشوف دموعه وتسمع صوت بكائه وتجي عينك بعيونه وتشوف فيها الرعب هذي مش ممكن يعملها إلا وحش لا يملك ذرة آدمية، ما بالك إن كان من اختطف هؤلاء الأطفال أب ويصلي كمان.
عملنا جروب للمطالبة بإطلاق الطفلين.. ناشدنا.. توسلنا اترجينا.. ما فيش فائدة، فسيبنا الموضوع ونسيناه..
**
الأسبوع الماضي قرأت أن الأجهزة الأمنية في مأرب تتشكر الشيخ المأربي على إطلاق سراح الطفلين بعد حوالى خمس سنوات من اختطافه لهما.
خمس سنوات يختطف فيهم أطفال بعمر الزهور، يلعن أبوهم مشابخ، ويلعن أبوها قبيلة، ويلعن أبوها أجهزة أمنية، ويلعن أبوه ضمير.
بعد سنوات قرأت عن طفلة عمرها أقل من 14 سنة اختطفت في باب موسى في تعز بسبب أن أبوها يكتب في الفيس كلام ما يعجبش المقاومة. استفزنا الخبر أكثر مما استفزنا الخبر السابق، إنما هذي المرة كنت قد تخليت عن أدبي وقرأت عن نظرية الألعاب وعرفت كيف يستخدم الفيس كسلاح.
الهاشميون يكرهون ثورة 26 سبتمبر كره العمى. بين الإمارات والإصلاح عداء تاريخي. المشترك يلعن العفافيش والعفافيش يلعنوا المشترك. ومع هذا تلاقي الهاشميين يخرجون للاحتفال بأعياد الثورة على الإمامة الهاشمية.. والإصلاح يخرجوا يتظاهرون رافعين لافتات الشكر لسلمان والإمارات تصرف على الإصلاح والمشترك يدخل في تحالف سياسي مع العفافيش.
هذه هي نظرية الألعاب. يتحالف اثنين من المجرمين في السجن بانسجام وتفاهم تام، كتعاون اثنين من لاعبي البلوط مع بعضهما لتحقيق مصلحة للطرفين.
وحين تضع اثنين من الأصدقاء ارتكبوا جريمة في غرفتين منفصلتين، وتعرض على من يعترف أولاً الحكم المخفف يتسابق الصديقان للتضحية ببعضهما كما يضحي لاعب شطرنج بقلعته للخروج بأقل خسارة..
نظرية الألعاب تنطبق على كل البشر، وفي كل المجالات..
وفي حكاية البنت المختطفة لو ماحدش اتضامن معها كان الأسهل لمختطفيها أنهم يقتلوها ويتخلصوا من جثتها في سائلة من سوائل تعز.. إنما كنت واثق أنهم بيطلقوها ويرجعوها سليمة...
هكذا يقول العلم، وهكذا تقول نظرية الألعاب، أو ما يعرف في الاقتصاد بالمنفعة الحدية..
كل إنسان مهما بلغ إجرامه يقارن بعقله بين المنفعة التي بيحصل عليها من استمرار اختطاف البنت، وبين الأضرار التي ستعود عليه إن قتلها أو استمر باختطافها، ويختار ما يحقق منفعته أو مايخرج منه بأقل ضرر..
والحمد لله أسبوعين من الحملة المتواصلة والسب والشتائم للجميع يوم للسلفيين ويوم للإصلاح ويوم لحمود ويوم للمقاومة ويوم لتعز أرضاً وشعباً..
وعدم الالتفات للمبررين أو للمنكرين، وعدم الانشغال بأي قضية أخرى مستجدة مهما بلغت أهميتها..
أسبوعين كانت كافية أني أفتح الفيس وأقرأ منشورات تقول ألف مبروك أطلقوا سراح الطفلة..
وخرجوا بأقل الأضرار، ولو ما رجعوها لكانت هذي البنت ما زالت أشهر بنت في اليمن.
**
الفيس والواتس، أسلحة من أقوى الأسلحة، سلاح الفقراء.. المهم تعرف كيف تستخدمهما..
في قضية بيت سميحة كانت الجريمة عادية مثلها مثل آلاف الجرائم اللي تحصل ونطنشها، إنما استفزنا أنها حرمة لها سنتين تجري من قسم إلى قسم، ومن محافظة لإدارة الأمن وما حد معبرها..
وزاد يستفزنا تعليق لأحد الأبطال يقول فيه لو أنتم رجال اللي برأسكم اعملوه..
وعدتكم بشرف الحوزة أن البيت بترجع في ظرف شهر أو شهرين بالكثير..
وبنفس الحملة وبنفس قلة الأدب والسفالة وبالاستعانة بألفي صديق متفاعل وبعلاقات مع أصدقاء من مشاهير المفسبكين رجعت في أقل من أسبوعين.
حسب نظرية الألعاب.. قارن غزوان بين الفائدة اللي بيحققها من إعادة البيت وبين الضرر الذي سيعود عليه، فوجد أن الفائدة من الاحتفاظ بالبيت أكثر من الضرر الإعلامي اللي بيجيه من الفيس..
صادق سرحان، الأجهزة الأمنية، سالم الإصلاح، حمود، شافوا أن ما فيش معاهم فائدة من نهب البيت، ولقوا أن البيت تحول لأقصى جديد ينتظر تحريره، والضرر اللي بيصيبهم من نهب البيت كبير.. فاختاروا التضحية بالقلعة غزوان، والخروج بأقل الأضرار.. نفس الخيار الذي اتخذه محمد بن سلمان بالتضحية بالقلعة والحصان والاثنين الضباط للخروج من أزمة خاشقجي بأقل الأضرار.
لا تركز على الهفل، ركز على أسياد الهفل..
ولو كانوا ما رجعوها كان أسياد الهفل بيتضرروا كثير، أما احنا مش خسرانين حاجة..
**
قال طه المقلوع في قضية البيت الذي نهبه ابن عمه صدام المقلوع، أنتم مش رجااال، ونحنا اشتحطنا للركب، وما بنرجعش البيت، واللي راجل منكم يشل سلاحه ويجي يدفع.
جاهل مش عارف أن الفيس سلاح أقوى من بنادقهم وعصاباتهم..
وجازم غانم لوحده وهو جالس بالبيت بالسروال الداخلي بيخليه يرجّع البيت الذي نهبوه وأرجلهم فوق رقابهم.
حسب نظرية الألعاب كان غزوان مهمته أصعب، فلا يوجد لديه ما يخسره، أما صدام المقلوع بيقارن بين حياته في السجن وبين الجاه والمال والرتبة اللي حصل عليها بعد الحرب وبيختار يسلم البيت وهو صاغر..
اما الحسن بن علي فحدسي يقول إنه محترم مش محتاج لواحد يلعب فوق راسه شطرنج. ماعرفوش شخصياً، إنما حدسي يقول إنه محترم وحدسي نادراً ما يخطئ..
وأنا على يقين أن البيتين بيرجعوا بيرجعوا، المهم جازم يركز ويستمر وما ينتقل لقضية جديدة إلا بعد ما ينجح في الأولى، ولو عجز فالحوزة وطلابها تحت أمره، طالما ومهمته لصالح الضعفاء ضد البغاة، فكلنا جازم حتى وإن كان إصلاحي متنكر..
الفيس والواتس أسلحة فعالة، المهم تعرفوا كيف تستخدموه. واللي ما يخافش الله ويفتري على الناس بالباطل مثله مثل اللي ينهب، والذي يبرر له فسبوا والعنوا وشقدفوا وتجاوزوا كل المحرمات.. المهم بالحق، أما الأدب واللطف ما يحبلش ولا يجيب جهال ولا يرجع جهال اختطفوا، جربته زمان وما نفعش..